الوجه الآخر لـ الإبراشي فارس القضايا الجماهيرية: كان يرفض الاحتفال بميلاده.. وزوجته سر التألق
«الإبراشي» وزوجته.. صورة من أرشيف العائلة
كان الإعلامى الراحل وائل الإبراشى صاحب بصمة مهنية مميزة بالنسبة لمتابعيه على صفحات الجرائد أو خلف شاشة التليفزيون، كان فارس تحقيق الأمنيات بالنسبة للباحثين عن وجبة إعلامية لا تخلو من المغامرات، كان عنيداً فى تتبع القضايا، مجازفاً فى طرق أبواب الخطر، وحياته مليئة بنجاحاتٍ عديدة، لكن جمهوره المهموم بمتابعة القضايا التى يفجرها ظل محروماً من التعرف على تفاصيل حياة فارسهم الإعلامى خارج دائرة العمل، وهى حياة ثرية بالمواقف والتحديات.
سحر الإبراشي: لم يُحدثني عن الموت يوما.. وكتابة مذكراته فكرة غير مطروحة حاليا
اقتربت «الوطن» من العالم الخاص للإعلامى الراحل، والتقت أرملته سحر الإبراشى التى كشفت لنا العديد من المواقف والأسرار الخاصة، وقالت إنه كان يرفض دوماً الاحتفال بعيد ميلاده، ويعتبره يوماً عادياً مثل باقى الأيام، «كنت أحرص أنا وابنتى على الاحتفال معه بهذه المناسبة فى جو أسرى جداً يشملنا نحن الثلاثة فقط، وكنا نجعله يتمنى أمنية فى هذا اليوم».
اهتمامه بالعمل كان يستحوذ على الكثير من وقته وتفاصيل حياته، ولم يشغل نفسه يوماً بالحديث عن نبوءة وفاته فى سن الـ58، استناداً إلى أن والده وشقيقيه توفوا فى نهاية سن الـ50، هكذا قالت سحر الإبراشى، مؤكدة أنه لم يكن يحدثها عن الموت قط، ولم يُشِر إلى هذه النبوءة فى أى حديث جمعهما إطلاقاً، «جمهور كبير كان مُحباً له، وما زال يتذكره حتى الآن، وأعتقد أنّ هذا أعظم إرث ممكن يتركه الإنسان لأهله بعد وفاته، فهو ترك لابنته سيرة طيبة، واسماً كبيراً فى عالم التليفزيون، وهى تفخر بوالدها فى كل وقتٍ وحين».
تشعر أرملة «الإبراشى» بسعادة كبيرة كلما وصلتها حكايات مَن نالهم نصيب من جهود زوجها فى دعم الآخرين: «بسعد للغاية لما حد يقول لى إنّ وائل حل لى مشكلة معينة، أو ساعدنى فى زواج ابنتى أو غير ذلك.. هذا هو الميراث الحقيقى بالنسبة لى، الإنسان سيرة، وأشعر طوال العام الماضى أنه ما زال موجوداً بيننا بفضل الأعمال الخيرية التى كان يقوم بها سراً وليس جهراً».
عاش الإعلامى الراحل حياة مليئة بالتفاصيل التى ينتظر محبيه جمعها بين دفتى كتاب يخلد ذكرى فارسهم، لكن أرملته ترى أن فكرة كتابة مذكراته ليست مطروحة فى الوقت الحالى، وقالت: «وائل كان لديه محطات كثيرة فى حياته لا يعلمها الكثيرون، فالجمهور يعرفه كصحفى ومذيع شاطر، لكن الجانب الشخصى يجهلونه، وعندما أُقبل على خطوة كتابة المذكرات لا بد أنّ تُقدم بالشكل الذى يليق باسمه وتاريخه، خاصة أنه اسم كبير، وصاحب مدرسة فى الصحافة والتليفزيون، وليس مجرد مُقدم برامج، فهو صاحب بصمة حقيقية فى برامج التوك شو، وأضاف لها الكثير».
تردد كثيرا في اقتحام مجال البرامج التليفزيونية ونجحت في إقناعه بقبول «العاشرة مساء»
وكشفت سحر الإبراشى عن حجم الفقد الذى تُعانيه طوال العام الماضى منذ رحيل زوجها، قائلة: «طوال 17 عاماً تقريباً، كنت أعتاد على نظام وروتين معين بشكل شبه يومى، خاصة أنه كان أغلب الوقت يُنهى عمله متأخراً وبالتالى يستيقظ متأخراً، فكنت أوصل ابنتى لمدرستها، لأعود بعدها إلى المنزل لتصفح الصحف والمواقع الإلكترونية، لانتقاء الموضوعات التى من الوارد أنّ يتناولها فى برنامجه مساءً، خاصة أننى كنت أدرك طبيعة الموضوعات التى يحب أن يناقشها على الشاشة، فكنت أجهزها له لحين الاستيقاظ من نومه، وبعدها أساعده فى تحضير الحلقة لحين توجهه إلى العمل».
وأشارت إلى أنه كان يُمازحها حال انشغالها بشىء آخر عن عمله، ويقول لها: «بقالك كتير كسلانة، ومش شايفة شغلك معايا»، لافتة إلى أنه تردد فى دخول عالم التليفزيون من خلال برنامج «الحقيقة» بعد مسيرة صحفية طويلة حقق فيها نجاحات ضخمة، وقالت: «كان متردداً فى البداية من خوض التجربة، خاصة أنه صنع تاريخاً فى عالم الصحافة، لكن ظللت أقنعه بألا يتردد، وخوض التجربة بكل ما فيها، وبالفعل بدأ وحقق نجاحاً كبيراً، ليتردد مُجدداً عندما طُلب منه الانتقال إلى (العاشرة مساءً) حيث تخوف من خسارة مجهوده وشعبيته التى صنعها فى (الحقيقة) وظللت أناقشه وأقنعه، خصوصاً أنّ التجربة الجديدة بها مميزات أكثر، وصار هذا البرنامج من أقرب المحطات بالنسبة له حتى وفاته».
لم يكن الإعلامى الراحل يخشى الصدمات التى تفرضها مناقشاته فى بعض الحلقات التى تناوله خلال مسيرته التليفزيونية، والشىء الوحيد الذى كان يجبره على التخفيف من حدة مناقشاته أن يسمع من زوجته تلك الكلمات «خلّى بالك انت هنا كنت قاسى شوية.. الموضوع مش مستاهل الحدة دى»، هذه الكلمات كانت تكفى لتعديل الدفة والتحول للإيقاع الهادئ إلى حد ما، لذا كان يسألها دوماً عن رأيها فى بعض الموضوعات التى سيتناولها، وكان مرناً فى التعاطى مع ملاحظاتها.