«شقرة»: عبد الناصر يمثل ظاهرة «تاريخية وإنسانية» تستوجب الاحترام.. وأفكاره التقدمية صالحة لكل زمان
أستاذ تاريخ: حُب «عبدالناصر» مغروس فى قلوب جماهير الوطن العربى
د. جمال شقرة
قال د. جمال شقرة، أستاذ التاريخ الحديث، إن الرئيس الراحل جمال عبدالناصر يمثل مرحلة مهمة فى تاريخ مصر، كونه كان يمتلك مشروعاً وطنياً متكاملاً لبناء دولة، مؤكداً، فى حوار لـ«الوطن»، أن المشروع الناصرى قام على مجموعة من المبادئ كانت صالحة للتطبيق فى أى دولة، وقد اكتسب الرئيس الراحل مكانة عظيمة ليس فقط داخل مصر بل خارجها، مدللاً على ذلك بأن اسمه وصوره لا تزال منتشرة فى كثير من الدول. وأكد «شقرة» أن أى انتقادات توجه لجمال عبدالناصر مردود عليها، وهى قادمة ممن وصفهم بالقوى المضادة لثورة 23 يوليو.. وإلى نص الحوار:
بداية، ماذا يعنى جمال عبدالناصر بالنسبة لمصر وتاريخها؟
- الحقيقة أن أعداء جمال عبدالناصر أنفسهم أكدوا أن «عبدالناصر» زعيم وطنى، وذلك بعد وفاته، حتى أعداؤه كانوا يرونه زعيماً وطنياً يعمل لخدمة بلده. وهذه الصورة العظيمة التى حظى بها جمال عبدالناصر تأتى من زاوية أنه شكّل تنظيم الضباط الأحرار سنة 1945، وقرر أن يواجه الاستعمار البريطانى ويواجه الملك والنظام الفاسد من خلال تنظيم الضباط الوطنيين، فنجد ثورة 23 يوليو تنتسب إلى جمال عبدالناصر، وهو المؤسس الحقيقى لتنظيم الضباط الأحرار. وقد طرحت ثورة 23 يوليو المبادئ العامة الستة التى تصلح لمقاومة الاستعمار فى أى دولة وقتها من دول العالم الثالث، وبالتالى احترام جمال عبدالناصر وتقديره يأتى من مواجهته للاحتلال الإنجليزى، وبالتوازى مع ذلك مواجهته سلطة الملك ورجال الملك والأحزاب الفاسدة.
إلى جانب بالطبع رؤية تؤسس لدولة جديدة.. أليس كذلك؟
- بالطبع، فهو من ناحية واجه الإنجليز وجماعة الملك، ومن ناحية أخرى قدم مشروعاً نهضوياً لديه بُعد اجتماعى متميز، لأن المبادئ الثلاثة تعبر عما يجب أن يكون عليه أى نظام اجتماعى فى دولة، مثل القضاء على الإقطاع، وسيطرة رأس المال، وإقامة العدالة الاجتماعية، أما المبادئ الثلاثة الأخرى فكانت القضاء على الاستعمار، والسعى نحو إقامة حياة ديمقراطية سليمة، والقضاء على كل ما من شأنه توسيع الفوارق بين الطبقات، وكان لديه مشروعه الذى يستهدف أن يكون لدى الدولة صناعتها الوطنية، إلى جانب ذلك بناء جيش وطنى قوى، وهذا الجيش هو الذى يحمينا حتى الآن.
ما القيمة الأساسية التى يمثلها مشروع جمال عبدالناصر؟
- حين يسأل البعض عن ماذا يعنى جمال عبدالناصر؟ فبكل بساطة يعنى مشروعاً تنموياً نهضوياً استطاع زيادة الأراضى الزراعية إلى مليون فدان، ووجدنا السد العالى، ولدينا هذا الجيش الوطنى العظيم، هذا الجيش الذى رغم نكسة 1967 استطاع العودة وتحقيق النصر العظيم فى حرب أكتوبر المجيدة 1973، وهو نفسه الجيش الذى انحاز إلى جانب الشعب المصرى، لأنه ببساطة جيش من الشعب، لذلك نحن أمام مشروع وطنى عظيم لجمال عبدالناصر.
كيف أثرت أفكار جمال عبدالناصر فى الدول المجاورة؟
- مشروع جمال عبدالناصر انتقلت أفكاره إلى دول العالم الثالث، وهو من أيد حركات التحرر الوطنى فى الدول العربية ودول العالم، لأنه كان يؤمن أن الاستعمار ظاهرة رجعية أدت إلى استنزاف موارد الدول النامية، وأنه يجب أن تنتهى هذه الحقبة الاستعمارية، وأن قوة مصر تأتى بأن تكون دولة مستقلة وباستقلال هذه الدول، ولهذا وضعت مصر القضاء على استمرار الاستعمار فى كل الدول العربية هدفاً لها. ولهذا فإننا اليوم نجد اسمه وصوره موجودة فى كثير من دول العالم، وأن مشروعه الذى وضعه أفكاره العامة صالحة لكل زمان، فهو ظاهرة تستوجب الاحترام والتقدير، وهو من أهم حلقات الحركة الوطنية.
لكن مشروع جمال عبدالناصر البعض يرى أنه جزء من الماضى، ما ردك؟
- قد يكون هناك تراجع عن مشروعه بعد ذلك، لكن فى الحقيقة المبادئ العامة لهذا المشروع تبقى مغروسة ومزروعة بكل حب فى قلوب الجماهير المصرية والعربية.
أكاذيب خصومه
كل الانتقادات التى توجه إلى جمال عبدالناصر مردود عليها، والحقيقة أننا لو نظرنا إلى هذه الانتقادات سنجدها موجهة من جماعة الإخوان الإرهابية وبعض القوى التى يمكن وصفها بقوى الثورة المضادة، وكذلك كانت انتقادات موجهة من أعداء جمال عبدالناصر من الشيوعيين، وأيضاً كانت موجهة من الأحزاب السياسية القديمة، وبالتالى كلها انتقادات معروف مصدرها ويمكن الرد عليها، ومن السهل الرد على المعارضين، خصوصاً أن كلهم كانوا من القوى المعارضة لثورة 23 يوليو 1952.