أمانى ضرغام عن ياسر رزق: «أبو عمار» سمع أول رسالة حب بيننا.. وصاحب أبناءه وترك لهم حرية اختيار الدراسة
ياسر رزق مع أسرته
مشادة خفيفة فى بداية عملها معه بنفس المؤسسة الصحفية، سألت خلالها وهى غاضبة: «مين ياسر رزق يعنى!» تسببت فى معرفة وإعجاب تُرجم إلى حب وزواج بعد رفض.. هذا ما ترويه الكاتبة الصحفية أمانى ضرغام، أرملة الكاتب الصحفى ياسر رزق، عن زوجها الراحل، وحياته بين «بلاط صاحبة الجلالة» وأسرته، وتتحدث فى حوارها لـ«الوطن» عن «ياسر» الإنسان شديد النبل متّقد الذكاء ومعاركه ونضاله السياسى والمهنى والنقابى، وإلى نص الحوار:
الكاتبة الصحفية: «كان زى النسمة فى بيته.. وشديد الاعتناء بمظهره وملابسه وأدوات الكتابة»
فى البداية حدثينا عن ياسر رزق الزوج والأب.. كيف كان؟
- «ياسر كان زى النسمة فى البيت» ولم يكن له طلبات كثيرة، وكان لديه بعض الطقوس الخاصة، منها الاهتمام بمظهره وملابسه جداً، كان أنيقاً يهتم بتفاصيل «البدل» وماركاتها ودبابيسها، وكذلك أدوات الكتابة والقلم والأوراق، ولا يسمح لأحد بأن يقترب منها، بينما كان زوجاً حنوناً محباً لى وللأولاد، حيث كان فى رحلاته خارج مصر يشترى بكل ما معه من أموال هدايا لنا وينسى نفسه دائماً. وآخر ما يفكر فيه هو المال، ومع ذلك كان حريصاً على تدبير ما يكفى الأسرة من حصيلة تعبه وشقاه. وأى طعام كنت أضعه أمامه كان راضياً به، طالما فى المنزل: «حتى لو جبنة وبطيخ وعيش.. يا سلام كانت أكلة محببة له».
وكيف كان تعامله مع أولاده؟
- كان صديقهم أكثر منه والدهم، ودائماً ما كان يحكى ويتحدث لهم وتدور النقاشات الكبيرة بينهم، سواء كانت سياسية أو اقتصادية: «كان بيحب يشوف ولاده بيفكروا إزاى»، ويعطى لهم طريقاً يسيرون عليه بدون أمر أو إجبار، وصمم عند التحاقهم بالجامعة أن يدرسوا وفق رغبتهم: «قال لى انتى عايزة طب أو هندسة يبقى روحى ادخلى الكليات دى». ياسر هو حبيب عمرى وأبو أولادى، ولن ننساه يوماً، ويومياً نتحدث له، وأُلقى على صورته بصالة المنزل السلام فى كل صباح، وأستشعر أنه معنا فى كثير من المواقف.
ماذا كانت هواياته بعيداً عن الكتابة؟
- يشاهد القنوات الإخبارية والرياضية، ويحب أفلام النجوم العالميين، وفى مصر عادل إمام، وإن كنت أستقطبته خلال السنوات الأخيرة إلى أفلام الأبيض والأسود التى أعشقها، وكان يجلس ليحاورنى فيها ويقول: «أنا المفروض كنت أكون ناقد سينمائى» لحبه فى السينما والموسيقى وبعض الآلات الموسيقية، ومن الفنانين كان يستمع لفيروز وعبدالحليم حافظ. وقد كان حريصاً على متابعة حفل جوائز الأوسكار، وأتذكر عام 2018 بينما كان فى العناية المركزة بالمستشفى، صمم على مشاهدة نهائى كأس العالم وقتها، وصمم على دخول شاشة تليفزيون داخل العناية المركزة، على الرغم من أن ذلك ممنوع.
كيف تحولت المشادة بينكما فى بداية التعارف إلى حب وزواج؟
- تعرفت على ياسر رزق فى مشاجرة عمل بسبب رغبتى فى النزول لأداء عملى، وكانت هناك سيارة واحدة يستقلها ياسر رزق، فحذرنى الجميع من استقلالها، «قُلت مين ياسر رزق يعنى» وشديت مع سكرتير التحرير عشان قال لى: «امشى جنب الحيط»، لكن فى لحظتها وجدته خلفى على السلم يعرض توصيلى فى طريقه.
بعدها صدمته عندما سمعته يغنى لعبدالحليم، وقلت له: «أنت فاكر نفسك عبدالحليم؟»، قد تكون طريقتى الصادمة معه دائماً هى التى جعلته يستشعر بأنى مختلفة، فعرض علىَّ الزواج، ولكنى رفضته، خوفاً من الأضواء التى يعيش فيها، فانقطع عنى 4 أشهر، ولم أعد أراه مجدداً. وهنا بدأ يوحشنى، وشعرت بالخطأ لرفضى له، فأرسلت إليه شريطاً ووضعته فى كاسيت يستخدمه فى تسجيل حواراته، وفى نفس اليوم الذى كان ذاهباً لإجراء حوار مع الرئيس الفلسطينى الراحل ياسر عرفات، فتفاجأ أمامه عند تشغيل الكاسيت بأغنية للفنانة سميرة سعيد: «الرئيس ياسر عرفات قال له واضح إنه فى واحدة ست بعتهالك.. فرد عليه بأنها زميلتى بالعمل»، وعند عودته تقدم لخطبتى وتزوجنا فى 30 ديسمبر عام 1994.
معركة ياسر رزق مع الإخوان تسببت فى إقصائه من عمله.. كيف تابعتِ هذه المعركة؟
- الإخوان أقصوا «ياسر» من عمله فى «الأخبار» بسبب مانشيت «فى جنازة الشهداء حضر الشعب وغاب الرئيس»، وذلك عند غياب محمد مرسى عن جنازة شهداء رفح، ووقتها بدأت عروض الصحف تتوالى عليه.
وكان يشعر بأنه جندى خلال معركته مع الإخوان يدافع عن وطنه وبيته وأهله وما يحب، فوضع كل أعصابه وهمّه فى هذه المعركة، ورأت الأسرة أياماً صعبة فى هذه المعركة: «كانوا بيقفوا تحت البيت فى مظاهرات ويرموا شماريخ على البلكونة وحرقوها».
وفى أول 2013 اضطرت الأسرة لترك المنزل، والانتقال للعيش فى مكان آخر، بعيداً عن مدارس وجامعة الأبناء، خاصة أنه كان على قوائم الاغتيالات، إلا أنه لم يخشَ ذلك، ورفض تعيين حراسة له قائلاً: «الله هو الحارس».
معاناة المرض
بعد معاناة مع المرض والعلاج الكيماوى، بدأ يتعب خاصة أنه مع ذلك مريض بالقلب، ولكنه لم يستسلم حتى لحظاته الأخيرة، حيث إنه قبل وفاته بيوم كان فى مكتبه حتى 12 بعد منتصف الليل، يتابع مبيعات كتابه «سنوات الخماسين». وفى آخر صلاة فجر له مع أبنائه ظل يوصيهم علىَّ وعلى أخيهم الأصغر، وصمم على شراء مقبرة رغم رفضى للأمر، وفاجأنى بشرائها قبل الوفاة بـ 3 أسابيع.