أسامة الجندي: «القنائي» ربى المريدين على التمسك بالشريعة والمزاوجة بين العلم والعمل
باحث في التصوف: «القنائي» مدرسة روحية لها صيتها في العالم الإسلامي
د. أسامة فخرى الجندى
أكد د. أسامة فخرى الجندى، الداعية الإسلامى والباحث فى العقيدة والفلسفة الإسلامية والتصوف، أن العارف بالله سيدى عبدالرحيم القنائى مدرسة كبيرة طار صيتها فى العالم الإسلامى، ربى المريدين على التمسك بالشريعة وتخليص القلب من كدرات البشرية والمزاوجة بين العلم والعمل لتحقيق كمال العبودية.
وقال، فى حواره مع «الوطن»، إن الإمام القنائى كان يقول لتلاميذه «إن الدين الإسلامى دين علم وعمل وأخلاق، فمن ترك واحدة فقد ضل الطريق».. وإلى نص الحوار:
كان للإمام عبدالرحيم القنائى مدرسة خاصة فى رؤيته للتصوف.. حدثنا عنها؟
- كان للسيد عبدالرحيم القنائى مدرسة كبيرة طار صيتها فى العالم الإسلامى، دعت كثيراً من العلماء وراغبى العلم إلى أن يفدوا إليها من كل مكان، وكان «القنائى» لا يخرج عن منهج الصوفية قبله، فهو يذهب إلى تلازم الحقيقة والشريعة، ويبيّن أن أصول الطريق مشيَّدة بالكتاب والسنة، بل ويرى أن الحقيقة لا تخرج عن الشريعة مطلقاً، وأنه لا يصلح للمريد سلوك الطريق إلا بعد تبحره فى علوم الشريعة وما يتعلق بها، ومن هنا فلا يصل المريد أو السالك إلى المراتب الكمالية فى سلوكه الطريق إلا من خلال الاتصال أولاً بالشريعة والعمل بمقتضاها.
وكيف كانت تربية الإمام عبدالرحيم القنائى لأبنائه وتلامذته فى الطريق؟
- كانت تربيته تقوم على التمسك بآداب الشريعة الغراء، وتخليص القلب من كدرات البشرية، وتطهير النفس من قذى الأذى، لتعود كما كانت فى أصلها نقية تقية، والمزاوجة بين العلم والعمل لتحقيق كمال العبودية، ولهذا فقد تخرّج من تحت يديه تلاميذ نجباء سلكوا طريق الحق، وطريق الخير، وطريق العلم، وطريق العمل، وكانوا المثال الحق فى السير فى طريق الهدى والنور.
رسخ «القنائى» منهجاً رصيناً يقوم على الدراسة والتثبت من خلال مدرسته الروحية؟
- صحيح، فكان المنهج يقوم على التوحيد لرعاية العقيدة وترسيخها فى النفوس، واللغة وعلومها وخصائصها، فهى أدوات لازمة لفهم الكتاب والسنة، والقرآن الكريم تلاوة وفهماً وتطبيقاً واستنباطاً وتعبداً، ليكون التلميذ موصولاً بالله عز وجل، موصوفاً بالفهم عنه سبحانه وتعالى، وصانعاً للخير والجمال، والحديث الشريف رواية ودراية واقتداء، وفقه إمام دار الهجرة مالك منهجاً وسلوكاً، كذلك دراسة ما يُحتاج إليه من علوم الدنيا لتطوير الحياة والنهوض بها، ودراسة مشكلات المسلمين ووضع الحلول لها، ودراسة كل نافع ومفيد فى علوم الدنيا والدين.
وضع الإمام أسساً لنظريته التربوية يعلمها لأبنائه وتلاميذه الجدد باستمرار؟
- كان الإمام القنائى يقول لتلاميذه «إن الدين الإسلامى دين علم وعمل وأخلاق، فمن ترك واحدة فقد ضل الطريق»، وكان يشرح دائماً هذه الأسس فى دروسه وكتاباته ويطبقها على نفسه أولاً ليكون قدوة طيبة لتلاميذه»، وكان يوصى أبناءه بطلب العلم ونشره فى كل مكان وأن لا يكتموه، فيقول لهم: إن طلب العلم شديد، وحفظه أشد من طلبه، والعمل به أشد من حفظه، والسلامة منه أشد من العمل به، ويقول أيضاً: إن الدين الإسلامى دين علم وإخلاص، فمن ترك واحدة ضل الطريق، فتعلموا علمكم لله وليس لغيره.
وكيف كان ينظر الإمام القنائى للأخلاق؟
- حرص القنائى على ذكر الأخلاق كثيراً ودعا إليها على اعتبار أنها مفتاح كل الأعمال الطيبة والهداية والطريق الموصل إلى معرفة كتاب الله وسنة رسوله، وقال فيها تعاريف ومعانى جديدة، ومن ذلك أن «الأخلاق تنبع من مزيج من العلم الظاهر والباطن، والعمل المنتج المستنير تطويه الروح فترسله إلى النفس الأمارة فتغسلها من أدرانها، وبهذا يحصل النقل عن الإدراك الصحيح والمعرفة فيخلص البدن فيتجه الكل إلى الله وإلى كلام رسول الله، وهذه تسمى الأخلاق الزاكية وهى أعلى درجات الكمال وبها اتصف النبى»، ويؤكد السيد عبدالرحيم قوله عن الأخلاق بأنها نعمة الله لخلقه، ومن الموضوعات التى ركز عليها بكثرة لحاجة المريدين إليها فى الجهاد الروح والنفس، فقال عن الروح إنها أعلى فى الجوهر من النفس لاتصالها بخالقها، فهو الذى يعلم وحده ماهيتها وتكوينها وإبداعها، وقد جعلها الله سراً عنده لاتصالها بالذات القدسية.
ارتباط العقل والإرادة
«القنائى» كان يقول عن العلم: إن مصدره أحاسيس مرتبطة بين العقل والإرادة ينتج منها الإنتاج الفكرى، سواء كان جديداً من بيانه وأبوابه، أو مرتلاً خزينة أسرار مجلس الإنتاج الفكرى. والعلم علم الواقع، والعلم الطبيعى، فالأول حسن ظاهره، والثانى تحوطه المعرفة، وهو ما يتبصره الإنسان وينظر به ظاهر الأشياء وأسبابها الخفية.