د. سالم الجازولي: أبو الحجاج تفرغ للعلم والعبادة.. والتقى «القنائي» في حياته وجمعتهما مجالس علم
شيخ «الجازولية»: مسجده ملتقى لـ3 حضارات «إسلامية وفرعونية وقبطيّة»
د. سالم جابر الجازولى شيخ الطريقة الجازولية
قال د. سالم جابر الجازولى شيخ الطريقة الجازولية وعضو المجلس الأعلى للطرق الصوفية، إن العارف بالله سيدى أبوالحجاج الأقصرى من علماء التصوف انشغل بالعلم والزهد وساهم فى نشر منهج الوسطية والتصوف.
وأكد «الجازولى»، فى حواره مع «الوطن» أن «أبى الحجاج» أحدُ الشيوخ الذين انتفع الناسُ من علمهم.. ومسجده ملتقى لحضارات ثلاث «إسلامية وفرعونية وقبطية».. وإلى نص الحوار:
كيف تحتفل الطرق الصوفية بمولد العارف بالله سيدى أبى الحجاج الأقصرى؟
- نحتفل بالإمام أبى الحجاج، حيث يقام له مولد فى الرابع عشر من شعبان من كل عام، وذلك الاحتفال يسمى «دورة أبوالحجاج»، ومن ملامح احتفالات مولد أبى الحجاج الأقصرى، المركب الذى يجره الآلاف ويطوفون به شوارع المدينة يتبعه عربات تحمل أصحاب المهن المختلفة، كل يمارس عمله فوق هذه العربة من النجارين والطحانين وغيرهم فى كرنفال شعبى وفنى.
والعارف بالله أبى الحجاج الأقصرى من علماء التصوف، انشغل بالعلم والزهد ونشر الإسلام وتعليم محبيه ومريديه فى مسجده الذى كان ولا يزال يمثل منارة دينية كبيرة فى الأقصر والعالم الإسلامى ويزوره الآلاف من محبى الإمام من مختلف دول العالم الإسلامى، فضلاً عن الوفود الأجنبية التى تحضر لزيارة المعالم الأثرية بالأقصر من شتى بقاع العالم، حيث تقام سنوياً احتفالات كبيرة بذكرى مولد القطب الكبير بمسجده بالأقصر.
هل هناك رابط وثيق بين الطريقة الجازولية والعارف بالله سيدى أبى الحجاج الأقصرى؟
- كان الإمام أبوالحجاج الأقصرى يشرف على الديوان فى عهد أبى الفتح عماد الدين عثمان بن الناصر صلاح الدين الأيوبى، ثم ترك العمل الرسمى وتفرغ للعلم والزهد والعبادة، وسافر إلى الإسكندرية فالتقى أعلام الصوفية فيها، خاصة أتباع الطريقتين الشاذلية والرفاعية، وتتلمذ على يد الشيخ عبدالرازق الجازولى.
وأصبح أقرب تلاميذه ومريديه إليه، وعاد أبوالحجاج إلى الأقصر، حيث مكث فيها وكانت له علاقة وطيدة بالإمام عبدالرحيم القنائى بعدما التقاه، وجمعتهما مجالس علم، وأقام سيدى أبوالحجاج الأقصرى بالأقصر حتى وفاته فى رجب سنة 642 هجرياً، ديسمبر 1244 ميلادياً فى عهد الملك الصالح نجم الدين أيوب عن عمر تخطى التسعين عاماً ودُفن هناك.
كيف كان للإمام الأقصرى تأثير كبير فى فكر التصوف؟
- أبوالحجاج الأقصرى أحدُ الشيوخ الذين انتفع الناسُ من علمهم، وتلك وجهة نظر الطريقة الجازولية فى شخصية العارف بالله، حيث ساهم فى نشر منهج الوسطية، ورؤية التصوف الإسلامى، فكان لأبى الحجاج مجلس علم يقصده الناس من كل مكان، وقد ترك تراثاً علمياً، من أشهره منظومته الشعرية فى علم التوحيد، التى تقع فى 99 باباً وتتكون من 1333 بيتاً من الشعر.
ولأبى الحجاج كلمات فى إرشاد المريدين، وكان يقول «لا يقدح عدم الاجتماع بالشيخ فى محبته فإنا نحب أصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله والتابعين وما رأيناهم؛ وذلك لأن صورة المعتقدات إذا ظهرت لا تحتاج إلى صورة الأشخاص».
وماذا عن قصة الشيخ أبوالحجاج الأقصرى مع القديسة تريزة؟
- مما نعرف عن سيرته أنه كان موجوداً فى فترة حكم القديسة «تريزة» التى كانت تحكم الأقصر إبان القرن السادس الهجرى، حينما قدم أبوالحجاج إلى الأقصر، وطلب منها أبوالحجاج أن يبيت ليلته، فرفضت، فسألها مقدار جلد «بعير» من الأرض يتعبد فيه، فأجابته فى وثيقة مكتوبة.
وفى الليل جعل جلد البعير على شكل سير طويل، ربط طرفه بأحد أعمدة معبد الأقصر، وأحاط به المدينة، حيث حول «أبوالحجاج» جلد الجاموسة الذى أعطته له القديسة «تريزا»، لكى ينام فيه، إلى «سيور» ولف حول مدينة الأقصر وهو يقرأ القرآن؛ فتملكها بموجب الوثيقة، فلما استيقظت القديسة «تريزا»، طلبت منه أن يذهب ويترك المدينة، فقال لها «أنتِ أعطيتِنى مكان ما يكفى جلد جاموسة، وأنا أخذت به مدينة الأقصر».
يعدُّ مسجد أبوالحجاج الأقصرى ملتقى لحضارات ثلاث.
- بالفعل، فهو ملتقى حضارات إسلامية وفرعونية وقبطية، حيث من أسفله أقيمت كنيسة قبطية من الناحية الغربية، علاوة على كونه مقاماً بين أعمدة وجدران الجزء العلوى لمدخل معبد الأقصر الأثرى، الذى شيّده الملك الفرعونى رمسيس الثانى.
سحر خاص
المسجد بمحاريبه وأعمدته الفرعونية له سحراً خاصاً، حيث تأسس المسجد فى عهد الدولة الأيوبية عام 658 هجرياً الموافق 1286 ميلادياً، وتعلو المسجد مئذنة مبنية بالطوب اللبن طولها 14 متراً، على الطراز الفاطمى وهى من أجمل المآذن الموجودة بصعيد مصر فى الوقت الحالى، وأقيمت المئذنة فى عهد أبى الحجاج الأقصرى نفسه، وتتكوّن من 3 طوابق، وفى أعلاها مجموعة من النوافذ والفتحات، والجزء السفلى المربع مقوّى بأعمدة خشبية، كما أضيفت إلى المسجد مئذنة أخرى فى فترة لاحقة.