الأنبا أرميا: البابا كيرلس السادس أعاد الكنيسة الأرثوذكسية إلى العبادة النقية
الأنبا أرميا
أكد الأنبا أرميا، الأسقف العام ورئيس المركز الثقافى القبطى، أن «البابا كيرلس السادس» كان لقبه رجل الصلاة وأعاد الكنيسة إلى العبادة النقية.
وقال الأنبا أرميا فى حوار ل«الوطن»، إن البابا كيرلس السادس اختارته السماء راعياً صالحاً للكنيسة وشعبها وكان كقديسى القرون الأولى، مشيراً إلى أن البابا كيرلس السادس أراد أن يعيش غريباً فى هذا العالم وأن يموت غريباً ولكن الله اختاره ليكون أباً بطريركاً راعى الرعاة.. وإلى نص الحوار:
هل يمكن أن تحدثنا عن البابا كيرلس السادس؟
- البابا كيرلس السادس شخصية فريدة محبة، وكان يكن محبة كبيرة لشعبه وكانت صلواته مقبولة وقادرة على فتح أبواب السماء المقفلة، وعُرف عن البابا كيرلس أنه رجل الصلاة الحافظ للقداس والتسبحة عن ظهر قلب، مؤيد من الله بالمعجزات الإلهية كما كان دارساً وعالماً مثقفاً، وهذا يظهر فى كتاباته وآرائه التى نشرت فى مجلة «ميناء الخلاص» التى أصدرها وهو راهب، بالإضافة إلى رسائله البابوية بعد جلوسه على كرسى «مار مرقس الرسول»، إلى جانب علمه الفياض فى الطقوس الكنسية وعلومها.
رئيس المركز الثقافي القبطي: اختارته السماء راعياً صالحاً للكنيسة وشعبها وكان كقديسي القرون الأولى
ومن يقرأ عن القديس البابا كيرلس السادس، يجده كأحد قديسى القرون الأولى فى قداسته، ونسكه، وعلمه وتواضعه، ومحبته، وأبوته، وقوته فى الحق، وحزمه فى أمور الرب والكنيسة، وعدم انكساره لأشخاص أو ظروف، وعدم خوفه أو تهيبه من أحد مهما كانت الأحوال والمواقف وقد منح الرب قداسته نعمة حتى اتخذه الرؤساء والملوك أباً روحياً وارتبط بالقديس مارمينا، حتى إنه عندما نال نعمة الرهبنة غيّر اسمه من عازر إلى اسم «مینا» وبسبب قدسيته انتشر اسم القديس بين عموم الأقباط الذين أعطاهم الرب أولاداً بسبب صلوات «البابا كيرلس».
وماذا عن لقائك مع البابا كيرلس السادس؟
- التقيت قداسة البابا كيرلس مرتين، المرة الأولى عندما كنت شاباً صغيراً بعد افتتاح الكاتدرائية المرقسية عندما كان يخرج البابا للصلاة بها من فترة لأخرى، وكنت فى ذلك اليوم ألعب بالقرب من الكاتدرائية وأثناء خروج البابا كيرلس من الكنيسة بعد صلاة القداس كان هناك ازدحام شديد من الشعب ولقصر قامتى فى هذا العمر لم أستطع رؤيته ولكن فجأة وجدتنى أقبّل يده.
المرة الثانية التى شاهدت فيها البابا عندما تنيح حيث جاء والدى وأخذنى من المدرسة لإلقاء نظرة الوداع على البابا كما هو متبع فى الطقوس الكنسية، وفى ذلك الوقت كان هناك طابور من الشعب لتوديع البابا من ميدان رمسيس حتى الكاتدرائية.
العديد من الخطوات التي تسبق اختيار البطريرك
لماذا استقبل البابا خبر وقوع القرعة الهيكلية بالبكاء؟
- وفق التقليد الكنسى هناك العديد من الخطوات التى تسبق اختيار البطريرك، أولها ترشيح المؤهلين من قبل المجمع المقدس والرهبان، ومن يحصل على تزكية، ويكون عددهم 5، ثم يتم الانتخاب فيما بينهم، لاختيار 3 منهم ويتم بعدها عمل القرعة الهيكلية والتى يتمجد فيها عمل الله لاختيار المؤهل لهذا المنصب، وهو ما حدث مع البابا كيرلس فى 19 أبريل 1959.
فى ذلك الوقت كان القمص مينا البراموسى يصلى القداس بدير مار مينا بمصر القديمة؛ لذا رفض دق أجراس كنيسة الدير.
وعند سماعه هذا الخبر، المفرح لجموع الشعب القبطى بكل أرجاء الكرازة المرقسية، أخذ يجهش ببكاء حار أثناء القداس، وعند انتهائه أغلق ستر الهيكل، وقابل الناس بعبارة «كنت أود أن أعيش غريباً، وأموت غريباً، المجد لك يا رب؟ اخترتنى -أنا الضعيف- لتظهر قوتك فى ضعفى». وهى مقولة تدل على عمق العلاقة بين هذا القديس الناسك والله؛ هذا الزاهد الذى حاول بكل الطرق أن يعيش معروفاً لدى الله فقط، غريباً عن العالم.
وبعد فترة من الوقت استقبل «القمص مينا البراموسى» من جاءوا لتهنئته، بعد ظهور نتيجة القرعة الهيكلية باختيار السماء إياه ليصير بابا الإسكندرية وبطريرك الكرازة المرقسية الـ116، لأول مرة خليفة للقديس مار مرقس الرسول.
ارتبط اسم البابا كيرلس بالقديس مارمينا العجائبى حتى إنه اختار اسمه الرهبانى ليكون مينا، فلماذا غير اسمه بعد البطريركية ليصبح كيرلس السادس؟
- الجميع توقع أن يستمر اسمه البطريركى مينا الثالث، لكن خلال تنصيبه سأله القائم مقام وقتها الأنبا أثناسيوس «خلاص هتبقى اسمك مينا، فكان رد القمص مينا وقتها لا.. اسمى سيكون كيرلس»، فتعجب القائم مقام وسأله عن السبب فأخبره أنه «شاهد البابا كيرلس الخامس فى المنام ومعه طفل صغير، وأعطانى إياه وكنت أحاول أن أهديه فقال لى يا أبونا مينا ستنال نعمة عظيمة ولا أستطيع أن أنسى هذا المشهد، لذلك قررت أسمى نفسى تيمناً بالبابا كيرلس الخامس».
هل يمكن أن تصف لنا البابا كيرلس فى بعض الكلمات؟
- كان اختيار هذا القديس سماوياً بالحق راهباً، زاهداً، ناسكاً، متواضعاً متجرداً مصلياً عابداً محباً لجميع الناس، اختارته السماء راعياً صالحاً لكنيسة الرب ولشعبها لقد افتقد الرب خرافه رعيته براعٍ أمين يشفق ويتحنن على رعيته ويطلب من أجلهم لخلاصهم الأبدى ولنجاتهم وسلامتهم لقد عاد «البابا كيرلس السادس» بالكنيسة إلى زمان الكنيسة الأولى المصلية المجاهدة بالعبادة النقية.
العيش مع الله
البابا كيرلس السادس هو من غير فكر والدتى عن الرهبنة، فعندما اشتاقت نفسى للعيش مع الله وأخبرت أهلى بهذا الأمر رفضوا فى البداية وحاول والدى ووالدتى إبعادى عن هذا الطريق كل منهم بطريقته فكانت والدتى تعرض فتيات بهدف اختيار زوجة ووالدى كان يحاول صرف الفكرة عنى، حتى ظهر البابا كيرلس لوالدتى وسألها عن سبب حزنها فقالت له إن من سيخدمنا عندما نتقدم فى السن سينعزل عن العالم ويترهبن فطمأنها البابا كيرلس وقال لها إن هذا الراهب هو من سيخدمهم، وهو ما حدث ليتم تعيينى سكرتيراً للبابا شنودة عام 1995 وأكون موجوداً فى القاهرة بشكل دائم، وأنال بركة خدمة والدى حتى وفاتهما.