نشرت جريدة «الوطن» تقريراً خطيراً حول مشروع تنمية سيناء ووصفت الوضع بالصفر الكبير، وقد جاء فى التقرير تخصيص ما يقرب من مليارين ونصف المليار جنيه مصرى لحوالى خمس عشرة وزارة للقيام بمشروعات تنمية كل حسب اختصاصه، وبعد ستة أشهر ما تم إنفاقه أقل من نصف المليار فقط، فضلاً على عدم وجود ظل لهذا المبلغ على الأرض.
والحقيقة هذا التقرير، وإن كان يتحدث عن سيناء، يعكس الحالة فى مصر كلها، ويؤكد أن كثيراً من المشكلات التى نواجهها ليست بالضرورة نقص تمويل وإنما نقص كفاءة لدى العديد من الوزراء ويعكس تساؤلاً حول المعايير التى يتم تعيين الوزراء بناء عليها وهل لديهم خبرات كافية فى الإدارة.
فهذا التقرير يؤكد أن أغلب الوزراء ليس لديهم أى معرفة مما يسمى مشروعات والفرق بينها وبين الإدارة اليومية للوزارة، فالمشروعات تعنى تحديد الأهداف وتفصيل الأنشطة ووضعها فى خطة زمنية تحدد ما يجب إنجازه كل شهر، وتحدد أيضاً التحديات المتوقعة والمخاطر، وبناء على تحديد التحديات والمخاطر يتم طرح البدائل ويوكل التنفيذ لذوى كفاءة بناء على الخطة الزمنية، ويستلزم عليهم رفع تقارير دورية ربما شهرية وأحياناً أسبوعية، عن التنفيذ والتقدم المحرز أو المعوقات أمام التقدم حتى يتفضل السيد الوزير أو السيدة الوزيرة باتخاذ قرار أو تدارس الأمر مع باقى الزملاء من الوزراء لتبادل الخبرات الميدانية وإيجاد حلول معاً لمعوقات التنفيذ.
من المؤكد أن هذا لم يحدث ولن يحدث، وأن السيد أو السيدة الوزيرة تسلم الأموال فى قفة باسم تنمية سيناء فقام سيادته أو سيادتها بعقد عدد من الاجتماعات داخل الوزارة لعدد من الشخصيات المريحة له من الموظفين للحديث عن المشروع وأهميته فى تنمية سيناء الحبيبة، واعتباره مشروعاً قومياً «زى ما قال الريس»، ثم وضع القفة فى حجر وكيل الوزارة الذى هو موظف معنى بالحوافز والبدلات بالدرجة الأولى، فقام سيادة وكيل الوزارة باختيار فريق يرتاح للعمل معهم أيضاً وتوالت الاجتماعات التى تعمقت حول البدلات والحوافز ودرجة الخطورة فى سيناء التى تترتب عليها مضاعفة البدلات والحوافز، ونجتمع ونجتمع، وفجأة مضت ستة أشهر ولم يصل لأهل سيناء ولو قدر ضئيل من شاى وقهوة الاجتماعات.
هل من المقبول عقلاً أن يخصص سبعمائة مليون جنيه لبناء مساكن لمن تركوا مساكنهم لحماية حدودنا وأمننا القومى وينفق فقط مائة مليون جنيه؟ أليست ستة أشهر كافية لبناء مدينة كاملة ما دام التمويل متوفراً!!
هل من الممكن أن يظل أولانا من الجنود يقتلون بسبب التطرف الدينى وتتوفر الموارد لوزارة الأوقاف والثقافة والتعليم ولا يحدثون ثورة تعليمية وفكرية بين أبناء سيناء؟ أليس الملياران ونصف كفيلة بفتح فرص عمل كبيرة لشغل أبناء سيناء وتوفير حياة كريمة لهم؟
الإهمال هنا يفتح ألف ملف لنقص الكفاءة فى إدارة المشروعات أو معرفة أبسط قواعد الإدارة والمتابعة، يفتح ملف البيروقراطية الذى يقتل أولادنا بدم بارد، يفتح ملف نقص المتابعة سواء على مستوى كل وزارة على حدة أو على مستوى اجتماعات مجلس الوزراء، وأيضاً يجعلنا نقلق من حصول مصر على قروض لمشروعات سواء من البنك الدولى أو الجهات المالية الأخرى، بهذا الأداء الهزيل لن ينالنا من القروض إلا مزيد من الديون على كاهلنا. أيها السادة الوزراء، حضور سيادتكم جنازات الشهداء أو زيارة المصابين ليس كافياً، وإن كنتم مشغولين وفروا أوقات المجاملات لوضع أطر زمنية وخطة متابعة لإنجاز ما لم يتم إنجازه.