ينتظم الباب الثانى بمسودة الدستور التى أعدتها الجمعية التأسيسية، باب الحقوق والحريات والواجبات العامة، فى 51 مادة. وكشأن الأبواب المشابهة فى دساتير أخرى، يهدف الباب الثانى لصياغة إطار واضح لحقوق وحريات المواطنات والمواطنين والتزامات الدولة إزاءهم وحدود تدخل السلطات العامة فى تنظيم ممارستهم للحقوق والحريات.
وخلال الأسابيع الماضية التى شهدت نقاشات مستمرة حول الدستور، أثارت مواد الباب الثانى جدلاً محتدماً ارتبط بحقوق وحريات المرأة والطفل وحرية الاعتقاد وحرية التعبير عن الرأى وضمانات حماية المواطن من التعذيب، على صعيد آخر، دافع البعض عن مواد الحقوق السياسية والمدنية واعتبرها تمثل نقلة دستورية هامة فى مصر، وبموضوعية، أقرر أن للجدل ولرفض الكثير من مواد الباب الثانى ما يبررهما، وللدفاع عن بعض المواد والتمسك بها أيضاً ما يبررهما.
تفتتح المادة 28 الباب الثانى بالنص على أن «الكرامة الإنسانية» حق وتكفل الدولة والمجتمع «احترامها وحمايتها» ولا يجوز بحال «ازدراء أو إهانة أى مواطن»، وعلى الرغم من الصياغة اللغوية المضطربة (الكرامة الإنسانية حق لكل إنسان، والتى يمكن استبدالها بكرامة الإنسان حق) ومن غياب الإشارة لحظر التعذيب (ويمكن بوضوح إضافتها إلى عدم جواز الازدراء والإهانة)، فإن هذه المادة جيدة بمخاطبتها الإنسان وليس فقط المواطن وبحمايتها لكرامة الإنسان وهو ما يمكن أن يؤسس عليه لضمان حقوق غير المصريات والمصريين بمصر (من مهاجرين ولاجئين إلى عاملات منازل أجنبيات).
يمكن أيضاً، بصورة عامة، الإشادة بالمواد من 30 إلى 36 والتى تكفل المساواة والحرية الشخصية وتحدد ضمانات لحماية المواطن من تعسف الدولة وسلطاتها العامة أو تدخلها فى حياته الخاصة. إلا أن غياب الإشارة فى مادة المساواة (مادة 30) إلى حظر التمييز بسبب العرق يتعين تداركها، فمن غير المقبول أن يتجاهل النص الدستورى الجديد تعدد وتنوع الخلفيات العرقية فى مصر ووجود بعض الممارسات التمييزية المرتبطة بها أو أن يستند إلى رؤية متوهمة للنقاء العرقى.
كذلك لا بد من النص صراحة فى المادة 33، والتى تنظم حقوق المواطن عند القبض عليه أو الحبس، على حظر التعذيب وليس فقط الترهيب والإكراه والإيذاء، فالتعذيب، فى تعريفه الدولى بميثاق مناهضة التعذيب، يتضمن مكونات الترهيب والإكراه والإيذاء ويتجاوزها لانتهاكات أخرى لكرامة وحقوق الإنسان ويتعين من ثم الالتزام بمفهوم التعذيب فى المادة 33 لضمان عدم إفلات المتورطين ولإعادة النظر فى القوانين المصرية (تحديداً العقوبات والإجراءات الجنائية) وتعديلها.
ونتابع غداً إن شاء الله.