"مصري" في مولد الحسين.. العَلم أمانة
يعرف جيدًا موقع الخطى، فهي ليست المرة الأولى التي تطأ فيها أقدامه ميدان الحسين، جاء من أسوان، كما اعتاد في كل عام، لكنه هذه المرة لم تكن جهته الأولى مولد سيد الشهداء، فقد قرر الرجل الستيني أن يبقى في القاهرة طالما بقيت موالدها عامرة، ليبقى علم "مصري" مرفوعًا.
"مصري عوض الله أحمد محمد حسين الأقصري"، هكذا يحفظ اسمه يستطيع أن يعد جدوده لـ"سبعين جد"، لكنه لا يحمل الآخرين عبء اسمه "قولي يا مصري"، يفتخر باسمه، الذي حمل أمانته، فصار الاسم والجنسية وعلم مصر لا يفارقونه "أنا بنزل كل الموالد في كل حتة في البلد دي من شرقها لغربها لجنوبها وشمالها كل اللي بعمله إني بفضل رافع العلم ما ينزلش لتحت أبدًا"، وصية لا تغادر عقل الرجل الستيني منذ أن رآها في منامه قبل أيام من نزوله ميدان التحرير إبان ثورة 30 يونيو "وصيتك العلم يا مصري".
8 من الأبناء تركهم وراءه في أسوان، واحد منهم يقوم بمهام الأب الذي تركها مرتحلًا في عشق آل البيت "ابني الكبير لما خلص جيشه سبت له مركبي في بحيرة ناصر وقلتله الدور جه عليك وأنا مشيت في طريق الله"، لم يكن الأمر جديدًا على الابن "محمود" فهو يعلم أن جده قد فعل يومًا ما مع أبيه ما يفعله هو اليوم "ده وعدنا وقدرنا وكل واحد وله وقته".
لم تغيِّر الأحوال الجوية المتقلبة من عادة "مصري" من المجيء لرحاب الحسين قبل أيام طويلة من المولد "البرد اللي الناس بتحس بيه ولا بيفرق معانا وإحنا بايتين على الرصيف، إحنا اللي ربنا اشترى منهم أنفسهم الأول.. في إيه هيهمنا البرد"، خلفه جلس كثيرون ينعمون بدفء كوب من الشاي الساخن، تدور عليهم أقراص الطعمية الساخنة والعيش الشمسي، يدفئهم لهيب نار خفيفة تصدر من "الوابور الشعلة" الذي لا تفارق سطحه قدور الطعام في انتظار الوافدين "إحنا رزق للغلابة وستر للبردان وقوة للضعيف وشوكة في ضهر اللي يعادينا"، يرفع العلم ثم يسير ضاحكًا "إحنا المصريين وده سيد الشهداء".