الغاز الطبيعي.. زيادة الإنتاج تحقق الاكتفاء الذاتي والدولة تتجه لتصديره
الاكتشافات الأخيرة حولت مصر إلى بلد مصدر للغاز
شهدت الدولة استقراراً ملحوظاً فى سوق الطاقة محلياً من خلال توفير العديد من السلع والمنتجات البترولية والتحول من العجز إلى تحقيق الاكتفاء الذاتى من الكثير من المواد الأساسية، وهو ما ساهم فى تخطى الكثير من العقبات والأزمات التى تمثلت سابقاً فى قلة المنتجات البترولية والاعتماد الأساسى على الاستيراد لسد الاحتياجات.
ففى مجال الغاز الطبيعى، ساهمت مجهودات الدولة خلال السنوات الماضية فى تكثيف البحث والاستكشافات وزيادة حقول الإنتاج، وهو الأمر الذى ساعد الدولة على تحقيق الاكتفاء الذاتى محلياً من الغاز الطبيعى والتحول إلى التصدير، حيث ارتفعت قيمة صادرات الغاز بشكل غير مسبوق.
ووفق البيانات الرسمية للدولة، شهد قطاع البترول والغاز فى مصر عدداً من التحولات المحورية منذ ثورة 30 يونيو، التى ساعدت البلاد على أن تصبح عنصراً فاعلاً ومحورياً فى الإقليم وبين دول العالم فى محور الطاقة والغاز، وبدأت تلك التحولات من خلال إصلاحات حكومية لتوفير بيئة ملائمة للشركات الأجنبية العاملة فى مجال البحث والتنقيب عن الغاز، الأمر الذى أسفر عن اكتشاف العديد من حقول الغاز الطبيعى، مثل حقل ظهر الذى وضع مصر فى مكانة مميزة فى المنطقة والإقليم.
وحققت الدولة الاكتفاء الذاتى من الغاز الطبيعى ثم اتجهت إلى تصديره، وكانت الأزمات الجيوسياسية فى العالم بمثابة مدخل كبير للدولة لتكون واحدة من المؤثرين فى السوق العالمية عبر توفير احتياجات القارة الأوروبية من الغاز الطبيعى بعد توقف الإمدادات لها من روسيا.
واتجهت الدولة إلى اتخاذ العديد من الإجراءات لتحسين قدراتها التصديرية والإنتاجية للغاز عبر تنمية الحقول المتقادمة واكتشاف العديد من الحقول والبحث والتنقيب فى المناطق البكر وجذب استثمارات جديدة من خلال الشركات العالمية، وهو ما ساعد على تحقيق طفرة كبرى فى القطاع وأدى إلى اكتشاف العديد من الحقول الجديدة وتحقيق الاكتفاء الذاتى، حيث يقدَّر حجم احتياطات الغاز الطبيعى المؤكدة فى مصر بقرابة نحو 37.9 ضعف استهلاكها السنوى. وعملت الدولة على تهيئة المناخ الاستثمارى لشركات الغاز الطبيعى العالمية من أجل توسيع الاستثمارات القائمة وجذب أخرى جديدة، فعمدت إلى تعديل العديد من التشريعات واللوائح والتوسع فى التيسيرات وتقديم حوافز ومميزات توفرها الدولة وهو ما جعلها أفضل من غيرها فى الاستثمار، وبناء على ذلك تم تنفيذ نحو 37 مشروعاً لتنمية وإنتاج الغاز الطبيعى فى الفترة من يوليو 2014 إلى يونيو 2020، ما أسهم فى رفع معدلات الإنتاج اليومى من الغاز الطبيعى.
وساهمت اكتشافات الغاز فى تعزيز الحصيلة الدولارية وإنعاش الخزانة العامة للدولة، إذ نتج عن إيقاف استيراد الغاز من الخارج بنهاية 2018 توفير مليارات الدولارات التى كانت مصر تنفقها على شراء الغاز الطبيعى.
وأشارت بيانات وزارة البترول إلى أن إنتاج الغاز ارتفع لأعلى معدلاته محققاً اكتفاءً ذاتياً للبلاد وفائضاً للتصدير، وذلك بعد وضع الحقول الجديدة على خريطة إنتاج الغاز، وفى مقدمتها حقل غاز ظهر، بجانب العديد من الحقول التى تم اكتشافها مؤخراً، ومنها الحقل الذى اكتشفته شركة «فينترسال دِيا» الألمانية ضمن امتياز دسوق فى منطقة دلتا النيل البرية فى مصر، والذى تم وضعه على الإنتاج فى توقيت مبكر كإنجاز فريد يُحسب للدولة المصرية وقطاع البترول والغاز المصرى.
ومع كل الاكتشافات الأخيرة زادت قدرة مصر، كدولة محورية ومركز إقليمى لتداول الطاقة، على أن تكون من أكبر المصدّرين للغاز الطبيعى عالمياً خلال الفترة المقبلة، مع اتخاذ الدولة عدداً من الإجراءات الخاصة بترشيد الاستهلاك لتوفير كميات أكبر للتصدير إلى الخارج.
الاحتياطيات المؤكدة تعادل نحو 37.9 ضعف الاستهلاك السنوي.. وارتفاع صادرات الغاز الطبيعي والمسال العام الماضي إلى 9.9 مليار دولار
وبناء على بيانات وتحديثات وزارة البترول والثروة المعدنية الأخيرة فقد ارتفعت قيمة صادرات مصر من الغاز الطبيعى والغاز المسال خلال العام الماضى 2022 لتحقق 9.9 مليار دولار مقابل 3.9 مليار دولار خلال عام 2021 بنسبة زيادة 154%، كما نجح القطاع فى تحويل معدل نمو قطاع الغاز خلال الأعوام السابقة من -11% إلى 25%.
وخلال الفترة من 2014 حتى الآن استطاعت الدولة تنفيذ العديد من المشروعات فى قطاع البترول والغاز، باستثمارات بلغت 1.2 تريليون جنيه، ومن أهمها تنمية حقول الغاز الطبيعى والزيت الخام وتكرير البترول وتصنيعه والبتروكيماويات وخطوط أنابيب البترول والغاز ومستودعات تخزين البترول وتوصيل الغاز الطبيعى للمنازل ومحطات تموين السيارات بالوقود والغاز.
توصيل الغاز إلى نحو 14 مليون وحدة سكنية على مستوى المحافظات منذ 2014 حتى 2022
وساهم تطوير قطاع الغاز الطبيعى وزيادة الحقول المكتشفة والمحتملة فى دفع العديد من المشاريع التنموية للدولة المصرية للأمام بما يدفع استراتيجية التنمية المستدامة ورؤية مصر 2030، خاصة أن نحو 75% من إنتاج الكهرباء فى مصر يعتمد على الغاز الطبيعى، وبجانب كونه مصدراً من مصادر الطاقة، فإن الغاز الطبيعى يُعد مكوناً أساسياً ووسيطاً لعدد من الصناعات، ومنها الأسمدة، والبتروكيمياويات، والحديد والصلب، والأدوية، والصناعات الثقيلة، وكذلك الاتجاه إلى التوسع فى استخدام الغاز فى المنازل وكونة وقوداً للسيارات من خلال تحويل السيارات للعمل بالغاز الطبيعى، وخلال الفترة من يوليو 2014 وحتى نهاية 2022، بلغ إجمالى عدد الوحدات السكنية التى تم توصيل الغاز لها إلى حوالى 14 مليون وحدة سكنية على مستوى محافظات الجمهورية.