مهندس معماري: مسجد الملكة صفية كنز يجب كشف أسراره وتوثيقها
مسجد الملكة صفية
يعد مسجد الملكة صفية أحد أهم المساجد التى تلفت نظر الأثريين وخبراء ومهندسى العمارة إليها، ومنهم المهندس المعمارى ياسر الكرمانى، الذى يؤكد أن مسجد الملكة صفية يعتبر تحفة معمارية يجب الحفاظ عليها من خلال تطويره وترميمه لما له من قيمة تاريخية كبيرة تجعله قِبلة لمن أراد الاستمتاع بجمال المعمار الإسلامى، مشيراً إلى أن المسجد يعد صرحاً بارزاً يدل على العظمة المعمارية فى العصر العثمانى وقدرة المعماريين فى ذلك الوقت على تطويع أدواتهم لخدمة التصميم النهائى وهو ما يعكسه جمال المساجد التى تم تأسيسها فى العصر العثمانى وأهمها مسجد الملكة صفية.
ويوضح «الكرمانى» فى حديثه لـ«الوطن» أنه بسبب دقة المعمارى فى العصر المعمارى تغلبت المساجد القديمة على عوامل الطبيعة والتغيرات المناخية ووقفت صامدة حتى يومنا هذا أمام الزمن القادر رغم تغير كل شىء حولها.
مسجد الملكة صفية من المساجد المرتفعة عن الأرض 4 أمتار، ويطلق عليه مجازاً «المساجد المعلقة»، حيث تبلغ عدد درجات السلم المؤدية للمداخل الثلاثة به 18 درجة، وما يميز تلك الدرجات أنها مصممة من الأسفل بشكل يميل إلى الاتساع بشكل كبير وتضيق حتى تصل إلى باب المسجد لتصبح مساوية لمساحة الأبواب الثلاثة التى تزين المسجد، درج السلم يتخذ الشكل نصف الدائرى والذى يعطيه رونقاً من نوع خاص، وفق ما يشرحه المهندس المعمارى.
«الكرماني»: من المساجد المعلقة ويبرز عظمة ودقة المعماري في العصر العثماني
ويشير «الكرمانى» إلى أن مسجد الملكة صفية بالحبانية مصمم من الداخل على هيئة مستطيل به صحن يتوسطه شبه مربع مكشوف محاط بأربعة أروقة له 3 أبواب تؤدى إلى ممر مغطى بقباب محمولة على أعمدة من الجرانيت يصل ارتفاعها إلى 6 أمتار بها شبابيك مغطاة بالرخام الملون: «بيت الصلاة واللى يعتبر قمة فى الروعة مكون من مساحة كبيرة على شكل مربع كل المساحة دى متغطية بقبة كبيرة مرتكزة على 6 أعمدة مدورة».
ويرى «الكرمانى» أنه تم اتباع النمط المعمارى للجوامع العثمانية يتكون من بيت للصلاة يسبقه حرم عبارة عن صحن تحيط به 4 أروقة وهذا النموذج موجود بوضوح فى جامع سليمان باشا بالقلعة، وعلى الرغم من ذلك، فإن هناك اختلافاً فى التقسيم الداخلى لبيت الصلاة، مضيفاً أنه تم استخدام الحجر الجيرى للحوائط الحاملة والقباب التى تغطى بيت الصلاة، حيث استخدمت مواد طبيعية انتشر استخدامها فى الأمثلة المملوكية والعثمانية لكفاءتها وتوافرها فى البيئة وقد استخدمت مواد الإنشاء على طبيعتها، كما ظهرت القباب الضحلة والمرتفعة فوق سطح المبنى مما يعكس صدق التعبير الإنشائى داخلياً وخارجياً: «مسجد يعتبر كنزاً فى حد ذاته ولازم نحافظ عليه وإخضاعه للتطوير على يد مختصين فى الآثار والعمارة، والتعامل معه على أنه ثروة قومية وتاريخية يجدر العناية بها وتوثيق حكايته وتاريخه حفظاً لحقوق الأجيال المقبلة».
ووفقاً لكتاب «أسس التخطيط الحضرى والعمرانى لمدينة القاهرة» الصادر عن منظمة العواصم والمدن الإسلامية فإن محراب مسجد الملكة صفية يعتبر غاية فى الإبداع يتميز عن غيره من المساجد التى تأسست خلال تلك الفترة، فهو عبارة عن حنية نصف دائرية تعلوها طاقية معقودة بعقد مدبب تتقدمها دخلة معقودة بذات العقد ترتكز على عمودين مثمنين من الرخام وجوفه مزخرف وعلى جانبيه دخلتان بواقع دخلة بكل جانب بنهايتها شباك.