على مصيلحى وزير «مبارك»: «الكروت الذكية» فكرتى
الدكتور على مصيلحى، وزير التموين فى عهد الرئيس الأسبق حسنى مبارك، يرى أنه تولى الوزارة فى ظل أزمة سوء جودة فى السلع التموينية المقدّمة للمواطنين على البطاقات، حيث كان يتم تخلط الذرة غير المجففة بالدقيق، لإنتاج رغيف الخبز، مما يسبب أمراضاً، متذكراً فى حواره لـ«الوطن» أنه كان ينوى تطبيق الدعم النقدى إلى جانب العينى، مؤكداً أن المساواة فى الدعم ظلم للفقراء، وأن ثورة يناير كانت «ثورة مثقفين» وليست ثورة جياع، مشيراً إلى أنه صاحب فكرة توزيع البوتاجاز بنظام الكروت الذكية الذى تطبّقه الحكومة حالياً.
■ ما الذى قدمته لتحسين رغيف الخبز؟
- رفضت خلط الدقيق بالذرة لإنتاج رغيف الخبز، لأن إضافة الذرة غير المجفّفة تسبب الأمراض وتجعل الخبز غير صالح للاستهلاك الآدمى، وبالتالى كان يذهب 10 أو 15% من إنتاج الخبز كعلف للطيور، واستندت فى ذلك إلى دراسات وبحوث من وزارة الزراعة ومركز البحوث الزراعية ووزارة الصحة التى أكدت أن استخدامه فى منتهى الخطورة.
■ لكن كانت هناك أزمات فى السلع التموينية؟
- فى عام 2008 كانت هناك أزمة غذاء عالمية، وشهدت أسعار السلع ارتفاعات جنونية، مما أدى إلى حدوث نقص حاد فيها، وكان أمام الحكومة خياران: أولهما الاتجاه إلى الدعم النقدى، والثانى إضافة سلع وخدمات على بطاقة التموين، وتم فتح إضافة مواليد جدد على البطاقات، وكانت هى المرة هى الأولى منذ 28 سنة التى يضاف فيها مواليد، وكان المستفيدون 54 مليون مواطن فقط، وأضفنا عدداً كبيراً إلى البطاقات، ليصل إلى 64 مليون مواطن.
■ أضفت مواليد جدداً، لكن السلع لم تكن صالحة للاستهلاك الآدمى؟
- قبل أن أتولى مسئولية الوزارة كانت حالة السلع التموينية رديئة وتفتقد الجودة المطلوبة، ووضعت مواصفات معينة لتوريد الزيت والسكر التموينى، وهدّدت مسئولى الشركة القابضة للصناعات الغذائية المورّدة للسلع بإلغاء التعاقد معها واللجوء إلى شركات القطاع الخاص، فى حالة توريدها سلعاً سيئة، كما أصدرت قراراً بمنع تصدير الأرز إلى الخارج، لتوفيره لهيئة السلع التموينية.[FirstQuote]
■ لماذا لم يشعر المواطنون بمعدل النمو المرتفع فى عهد «مبارك»؟
- حدثت خناقة كبيرة بينى وبين وزير المالية يوسف بطرس غالى فى ذلك الوقت، بسبب إصرار الدولة على أن النمو سيتساقط على الفقراء عندما يفيض على الطبقة العليا، وكانت نظرة الدولة كذلك، وعارضت ذلك، وطالبت بمظلة حماية اجتماعية، لأن زيادة معدلات الاستثمارات والنمو لا تعنى عدالة التوزيع، لأن القادر سيحصل دائماً على الكم الأكبر من هذا النمو وليس الفقراء، وطالبت بأن تستفيد القاعدة من الفقراء والمهمّشين من النمو. فى ذلك الوقت كانت الحالة الاقتصادية للبلاد تمر بمعدلات نمو حقيقية، غير أن المشكلة كانت تتمثل فى سوء التوزيع، مما أدى إلى انقسام مجلس الوزراء إلى تيارين: الأول المجموعة الاجتماعية، التى كانت ترى ضرورة وحتمية وصول التنمية إلى الطبقات الفقيرة والمتوسطة من الشعب، وظهور آثار التنمية عليها، والثانى تمثل فى المجموعة الاقتصادية التى كانت ترى ضرورة دعم الاقتصاد الحر وتشجيع أصحاب رأس المال فى وقت قصير، ولم يتحقق ذلك. وجاءت ثورة يناير وقضت على كل الخطط التى كنت أنوى تطبيقها فى وزارة التموين، لكنها لم تكن من وجهة نظرى ثورة جياع، بل كانت ثورة مثقفين.
■ كنت تنوى تطبيق الدعم النقدى بدلاً من العينى؟
- قبل تطبيق الدعم النقدى، لا بد من ضبط منظومة الدعم العينى أولاً، ولا بد من وجود قاعدة بيانات مبنية على نموذج علمى سليم وهو استهداف الأسر الأولى بالرعاية، فالمساواة فى الدعم ظلم للفئات الفقيرة، ثم بعد ذلك يمكن أن نأتى للمرحلة الثانية لتخيير المواطنين بين من يريد النقدى ومن يريد العينى.
ويجب حالياً التركيز على احتياجات المناطق الأشد احتياجاً، باعتباره هدفاً رئيسياً ينبغى السعى إليه، فضلاً عن أولويات الاحتياج إلى حماية ما يقرب من 20 مليون مصرى ومنح الدعم، وفقاً لاحتياج كل طبقة على حدة بعد ذلك بشكل هرمى وتقسيم المجتمع إلى شرائح.
■ كيف ترى منظومة الخبز الحالية؟
- منظومة جيدة، ضبطت وصول الخبز إلى المواطنين، لكن حتى يصل الخبز المدعم إلى المواطنين تحتاج إلى ضبط عمليات الطحن والتخزين والاستيراد والصوامع، لكى نحافظ على القمح، خاصة أن هناك هدراً يتراوح من 10 إلى 15%، بسبب الشون الترابية.[SecondQuote]
■ كم كانت تبلغ كمية إنتاج مصر من القمح؟
- إنتاج مصر من القمح ثابت إلى الآن، حيث ننتج 8 ملايين طن سنوياً، وتحصل الحكومة على نسبة تتراوح من 3 إلى 3٫5 مليون طن سنوياً، وإجمالى استهلاك مصر من القمح، سواء للقطاع العام أو الخاص يتراوح من 14 إلى 16 مليون طن، وبالتالى فإننا نعانى فجوة فى القمح تتراوح من 40 إلى 50%.
■ هل يمكن تحقيق الاكتفاء الذاتى؟
— وضعت خطة لتحقيق الاكتفاء الذاتى من القمح بنسبة 75% بالتعاون مع وزارتى الزراعة والتجارة والصناعة فى ذلك الوقت، بحيث إن المساحات الجديدة التى سيتم استصلاحها تُزرع قمحاً، والحكومة ملزمة بشراء المحصول بسعر مجدٍ.
■ لماذا فشلت الحكومات المتعاقبة فى حل أزمة البوتاجاز؟
- أنا صاحب فكرة الكروت الذكية، واتخذت قراراً بتطبيقها فى اليوم الأول من شهر يناير 2011، وما حدث فى 25 يناير أخر كل الأمور، وجلست مع الدكتور عبدالخالق جودة الذى تولى منصب وزير التموين عقب الثورة، وطالبته بتنفيذ منظومة البوتاجاز بنظام الكوبونات، باعتبارها السبيل للقضاء على الأزمة نهائياً، وما زالت الحكومة تبحث عن تطبيقها الآن.