«الوطن» ترصد 4 ساعات رعب عاشها سكان العقار «61» أثناء مداهمة «وكر سلاح» مدينة نصر
أكثر من 4 ساعات قضاها سكان العقار (61) فى مساكن أطلس بالحى العاشر بمدينة نصر، وسط جحيم النيران التى حاصرتهم بسبب الاشتباكات التى دارت رحاها بين قوات الشرطة ومجموعة من المسلحين، وإصرار الشرطة على عدم السماح للسكان بالخروج من المنزل، حتى لا يصيبهم إطلاق النار.
المجموعة الإرهابية تكونت من 8 أشخاص، بينهم 6 ليبيين ومصريان، كانوا يقيمون فى شقة بالطابق الأرضى، حولوها إلى وكر لتخزين أسلحة متنوعة وقنابل، وتواصلت اشباكات الشرطة معهم بعد رفضهم تسليم أنفسهم، حتى تمكن ضابط من فرقة القناصة من قتل شاب ليبى، وألقى القبض على 5 من أفراد المجموعة، فى حين تمكن 3 آخرون من الهرب، وعثر خبراء المفرقعات ورجال الأمن الوطنى على كمية من المفرقعات و15 بندقية آلية ومتعددة الطلقات، و3 قواعد مدافع، وجرى التحفظ عليها.
سكان العقار لم يصدقوا أنهم خرجوا سالمين، بعد انفجار ماسورة الغاز، بسبب انفجار برميل يحتوى على مادة شديدة الانفجار، ومحاصرة النيران لهم لمدة 4 ساعات، حتى انتهت الاشتباكات بين المسلحين والشرطة، وتمكنت قوات الدفاع المدنى من إنقاذ سكان الطوابق العليا من الموت، وانتشالهم بالسلالم الهيدروليكية، فيما ألقى عدد من سكان الطابق الأول بأنفسهم إلى الخارج من البلكونة.[Image_2]
العقار مكون من 5 طوابق، بها 15 شقة، وتظهر حالياً آثار الانفجار والحريق على الواجهة، بعد أن أتت النيران على محتويات جميع الشقق، حتى تحولت الأجهزة الكهربائية والأثاث إلى كومة رماد، ووقف سكان العقار فى الشارع طوال نهار يوم الحادث، حتى انتهى خبراء المفرقعات من فحص المبنى والتأكد من عدم وجود مفرقعات فى شقة المتهمين والحديقة الموجودة أمامها.
واتفق جميع السكان على أن الشرطة أخطأت فى التعامل مع المتهمين، وعرضت أكثر من 12 أسرة للخطر، ولولا عناية الله لتفحموا جميعاً، بعد انفجار ماسورة الغاز، ودمار محتويات المنزل فى دقائق، وأكدوا أنه كان ينبغى على رجال الأمن محاصرة المتهمين، وإخلاء المنبى من السكان، بواسطة سيارات الدفاع المدنى كما حدث بعد الانفجار، ثم التعامل مع المتهمين لوقت أطول وإجبارهم على تسليم أنفسهم أو ملاحقتهم.[Quote_1]
ويقول أحمد صابر (35 سنة) محامٍ، إنه استيقظ فى الساعة الرابعة فجراً على صوت طلقات الرصاص، وكان يعتقد هو وأصدقاؤه المقيمون معه فى الشقة أنه صوت صواريخ ألعاب نارية، لكنه فوجئ بعد فتح النافذة بالطابق الثالث برحال شرطة يحاصرون المنزل، وعندما نظر من النافذة لاستكشاف ما يحدث، طلب منه أحد الضباط إغلاق الشباك حتى لا يتعرض لأذى، واستمر إطلاق الرصاص بشكل متقطع لمدة ساعتين، ثم تحولت إلى معركة وحرب ضارية، بعد أن أطلق المتهمون وابلاً من الرصاص على الشرطة، وهدد أحدهم بتفجير المبنى، إلا أن الشرطة وجهت لهم عدة نداءات عن طريق مكبرات الصوت بتسليم أنفسهم، فرد أحدهم بوابل من أسباب والشتائم، قائلا «يا حكومة يا بنت الـ...»، واستمر فى إطلاق الرصاص، وعندما تزايد الرعب لدى سكان العقار، وتطايرت الطلقات إلى واجهة المبنى، طلب العديد من السكان من الشرطة السماح لهم بالنزول، لكن الشرطة رفضت وصرخ أحد الضباط فيهم قائلاً: «اللى هايبص من الشباك، ويموت بأى طلقة إحنا مش مسئولين عنه».
وأضاف «أحمد»: استمرت الاشتاكات حتى الساعة الثامنة، وتمكنت القوات من ضبط أحد المتهمين حاول الهرب من باب خلفى للشقة المقيمين فيها، لكن الباقين استمروا فى إطلاق الرصاص، وهددوا بقتل جميع السكان، وبعد دقائق حدث انفجار هائل هز المبنى، وتعالت معه صرخات السكان المفزوعين.
ويقول عصام سمير، مهندس بالمجلس الأعلى للآثار: «الذى زاد الطين بلة هو انفجار ماسورة كهرباء، بسبب عدم وجود سيارات إطفاء وقت حدوث الانفجار، وبعد دقائق معدودة حاصرت النيران المبنى»، مؤكداً أنه اضطر إلى إلقاء أبنائه الأربعة وزوجته من بلكونة الطابق الأول، قبل أن يلحق بهم، هرباً من النيران التى بدأت تلتهم محتويات شقته، وتابع أنه يقيم فى العقار منذ 4 أشهر فقط، وأنه استأجر هذه الشقة من المتهم «مدحت المغازى» صاحب الشقة التى يسكن فيها الإرهابون، بمبلغ 1000 جنيه.[Quote_3]
وتحكى صفية أحمد (30 سنة) ربة منزل، تفاصيل ما شاهدته أثناء الاشتباكات، قائلة: «النيران حاصرتنى أنا ووالدتى فى الطابق الرابع بعد انفجار ماسورة الغاز، ووفضلت أصرخ لحد ما شافنى أحد أفراد الإطفاء، فأسرع لإنقاذنا بالسلم الهيدروليكى»، وأضافت أن المتهمين يقيمون فى أسفل العقار منذ 4 أشهر، وكانوا يخرجون ويدخلون من باب خلفى خاص بشقتهم، وليس لهم أى تعامل مع الجيران، ولم يعرفهم أحد، وبعد مرور شهرين من إقامتهم فى الشقة، شعرنا برائحة تشبه رائحة الخل، فنزلت أنا و3 من الجيران وتقابلنا مع أحد المتهمين الذى كان يظهر من حديثه أنه عربى، وسألناه عن هذه الرائحة، لكنه أخبرنا أن شقيقه أحضر كمية من الخل فى جركن لاستخدامها فى الطعام، وبعد انصرافهم أسرع فى تركيب شفاط حتى يساعد على عدم انتشار الرائحة بشكل سريع.[Quote_2]
ويقول توفيق عبدالمنعم (64 سنة) موظف على المعاش، إن من ساعد الإرهابيين وأحضرهم للإقامة فى المنزل هو مدحت المغازى (44 سنة) صاحب الشقة التى كان يقيم فيها المسلحون، مؤكداً أن نشاطه تحوم حوله الشبهات منذ فترة طويلة، وبعد إقامة المتهمين بشهر علق لافتة على واجهة الشقة، مكتوباً عليها «مركز طبى خيرى»، وعندما سأله بعض السكان عنه، قال إنه يعد لإنشاء مستشفى خيرى كبير يخدم أهالى منطقة الحى العاشر، لكن بعد شهرين رفع اللافتة.
وأوضح «توفيق» أن مدحت المغازى وضع عدة لافتات كتب عليها مستشفى خيرى على أكثر من شقة، حيث استولى على قطعة أرض تابعة لجهاز التعمير والإسكان فى مدينة نصر، وأقام عليها طابقاً واحداً، ثم وضع على المبنى نفس اللافته التى اعتاد رفعها، وبعد قرابة 4 شهور نزعها، فضلاً عن سرقته التيار الكهربائى.
ومن جانبها تؤكد سعاد شفيق، ربة منزل، أنها تقيم فى الشقة المقابلة لشقة المتهمين، وأنها لم ترَهم إلا مرتين، لأنهم كانوا يستخدمون الباب الخلفى الخاص بالشقة، وشعرت بضرب النار فى الساعة الرابعة فجراً، وعندما حاول زوجها فوزى فخرى الخروج لمعرفة ما يحدث، وجد عشرات الضباط والجنود أمام باب الشقة، وطلبوا منه الدخول وغلق الباب حتى لا تصيبه طلقات طائشة، واستمر إطلاق الرصاص، بسبب إصرار المتهمين على مهاجمة الشرطة، حتى حدث الانفجار الذى أودى بحياة أحدهم.
ويروى أحمد محمد (50 سنة)، موظف، أن «رجال الإطفاء أنقذوا أسرته من الموت، بعد أن حاولوا الإلقاء بأنفسهم من الطابق الرابع، بسبب محاصرة النيران لهم، وعندما وجد النيران تقترب منه ونجليه وزوجته أثناء وجودهم فى البلكونة حاولوا الإلقاء بأنفسهم فى الشارع، لولا سرعة رجال الإطفاء الذين حملوهم فى السلالم الهيدروليكية»، وأوضح أنه يقيم فى العقار منذ 25 سنة، ولم يتخيل ما حدث، حتى استيقظ صباح يوم الحادث على هذه المأساة.
وكانت أجهزة الأمن ألقت القبض على مجموعة من المسلحين مكونة من 7 أفراد، بينهم 5 ليبيين ومصريان، بعد مقتل شاب ليبى إثر اشتباكات عنيفة، استمرت قرابة 4 ساعات فى أحد العقارات بالحى العاشر بمنطقة مدينة نصر، وتمكن اثنان من الهرب، وتسبب تبادل إطلاق الرصاص مع المتهمين فى حدوث انفجار هائل فى برميل مملوء بمادة شديدة الانفجار، واشتعال النيران فى شقة بالطابق الأرضى وسرعان ما امتدت إلى 15 شقة فى العقار، بسبب انفجار ماسورة الغاز، وتصاعدت ألسنة اللهب وأتت النيران على محتويات العقار بأكمله، وسادت حالة من الذعر والهلع الشديدين وسط السكان الذين حاصرتهم النيران وتبادل إطلاق الرصاص لساعات طويلة، حتى انتهت الملاحقة والسيطرة على الحريق.