تُعدّ ظاهرة العنف من الظواهر التى تعانى منها المرأة فى كل دول العالم، إلا أنها تختلف من مجتمع إلى آخر بحسب المفاهيم السائدة ووعى المجتمع المحلى، ودرجة عدالة القيم الاجتماعية، وسيادة مبدأ القانون وحقوق الإنسان. وقد بذلت الحركة النسائية فى كثير من الدول العربية، والمنظمات الدولية جهوداً كبيرة للحد من ظاهرة العنف التى أصبحت عنواناً بارزاً لانتهاك حقوق المرأة فى المجال الخاص والعام «البيت والشارع والعمل».
وقد عرَّفت اتفاقية القضاء على كافة أشكال التمييز ضد المرأة العنف ضد المرأة بأنه «العنف الموجه ضد المرأة بسبب كونها امرأة أو العنف الذى يمس المرأة على نحو جائر، ويشمل الأفعال التى تلحق ضرراً أو ألماً جسدياً أو عقلياً أو جنسياً بها، والتهديد بهذه الأفعال، والإكراه وسائر وجوه الحرمان من الحرية». وأكدت اللجنة أن العنف المُمارس ضد المرأة يشكل انتهاكاً لما لها من حقوق الإنسان المعترف بها دولياً بصرف النظر عما إذا كان مرتكبه موظفاً عاماً أو شخصاً عادياً.
وقد أكَّد إعلان وبرنامج عمل فيينا (1993) على ضرورة محاربة التمييز ضد المرأة كشكل من أشكال العنف ضد المرأة، حيث ورد بالفقرة «38» من الإعلان ما يلى «يشدد المؤتمر العالمى لحقوق الإنسان بصفة خاصة على أهمية العمل من أجل القضاء على العنف ضد المرأة فى الحياة العامة والخاصة والقضاء على جميع أشكال المضايقة الجنسية والاستغلال والاتجار بالمرأة والقضاء على التحيز القائم على الجنس فى إقامة العدل وإزالة أى تضارب يمكن أن ينشأ بين حقوق المرأة والآثار الضارة لبعض الممارسات التقليدية أو المتصلة بالعادات والتعصب الثقافى والتطرف الدينى». ومن ثم عرّف الإعلان بشأن القضاء على العنف ضد المرأة على أنه «أى فعل عنيف قائم على أساس الجنس ينجم عنه أو يحتمل أن ينجم عنه أى أذى أو معاناة جسمية أو جنسية أو نفسية للمرأة بما فى ذلك التهديد باقتراف مثل هذا الفعل أو الإكراه أو الحرمان التعسفى من الحرية، سواء وقع ذلك فى الحياة العامة أو الخاصة». وقد تبنته الجمعية العامة فى ديسمبر 1993، ووافقت عليه جميع الدول الأعضاء فى الأمم المتحدة. كما تنص المادة الثانية من الإعلان على ما يلى: يُفهم بالعنف ضد المرأة أنه يشمل -على سبيل المثال لا الحصر- ما يلى:
أ- العنف الجسدى والجنسى والنفسى الذى يحدث فى إطار الأسرة، بما فى ذلك الضرب والتعدى الجنسى على أطفال الأسرة الإناث، والعنف المتصل بالمهر، واغتصاب الزوجة، وختان الإناث، وغيره من الممارسات التقليدية المؤذية للمرأة، والعنف غير الزوجى والعنف المرتبط بالاستغلال.
ب- العنف الجسدى والجنسى والنفسى الذى يحدث فى إطار المجتمع العام، بما فى ذلك الاغتصاب، والتعدى الجنسى، والتحرش الجنسى، والتخويف فى مكان العمل، وفى المؤسسات التعليمية وأى مكان آخر، والاتجار بالنساء، وإجبارهن على البغاء.
ج- العنف الجسدى والجنسى والنفسى الذى ترتكبه الدولة أو تتغاضى عنه، أينما وقع.
والعنف ضد المرأة فى مصر أصبح مشكلة حقيقية وانعكاساً لمشكلات متعددة من أهمها غياب نظام عدالة متكامل يضمن سلامة المرأة كمواطنة وإنسانة مما يستلزم أن يكون أولوية على الأجندة التشريعية.
وبلغ الأمر أن جاء تقرير المراجعة الدورية لحقوق الإنسان متضمناً ما يقرب من ثلاثمائة توصية لمصر لتحسين حالة حقوق الإنسان، وصل ما يخص العنف ضد المرأة حوالى ثلث التوصيات، ما وضعنا فى حاجة إلى الرد العملى باتخاذ إجراءات تهدف بالأساس إلى حماية المرأة كمواطنة مصرية وأيضاً الرد على التوصيات التى جاءت على التقرير.