دماء على سلم المدرسة.. طالب يقتل زميله بـ16 طعنة
«هيثم محمد» طالب بالصف الثانى فى المدرسة التجارية الثانوية المتقدمة، طفل ضئيل الحجم، هش القوام، مفعم بالحياة والأمل، راوده حلم شراء هاتف محمول، لبى والده رغبته واشترى له الهاتف الذى طالما حلم به، لكنه لم يهنأ بهاتفه ولا بحياته، «هيثم» مات مقتولاً بـ16 طعنة، مزقت أوصاله، دفع هيثم عمره من أجل هاتفه، ضاع الهاتف وضاع هيثم وبقيت الحسرة لأسرته.
داخل مدرسة إعدادية بمنطقة شبرا الخيمة، وقعت الجريمة التى راح ضحيتها هيثم، قبل كشف لغز الجريمة تضاربت الأقوال والشهادات حول هوية القتيل، كل ما كان هنالك خيط من الدماء المتجلطة على سلم المدرسة وجثة ممزقة وكلام متناقض، مدير المدرسة يؤكد عندما شاهد الجثة: «مين الواد ده منعرفوش»، وزملاء القتيل: «متعرفوش إزاى ده هيثم».
كانت الساعة تجاوزت السادسة من مساء الاثنين الماضى، وقف صديقان، محمد وأحمد، أمام باب المدرسة وقال محمد لزميله: «أنا مزنوق تعالى ندخل حمامات المدرسة دى» رد الأخير: «بلاش يا عم هتلاقى عمك عبده الفراش وهيتخانق معانا» لكن محمد قال: «يا عم ده بيمشى قبل ما الجرس يضرب».
توجه الصديقان إلى دورة المياه داخل المدرسة، وأثناء عودتهما شاهدا خيطاً من الدماء على سلم المدرسة فتتبعاه حتى الطابق الثانى، وكانت المفاجأة، عثر الصديقان على جثة صبى ملقاة وسط بركة من الدماء وملقى بجواره كراستان، فسارعا بالاستغاثة بالأهالى.
أبلغ الصديقان المقدم محمد سرحان رئيس المباحث وحضر بصحبته قوة من المباحث، وتمكن من الدخول إلى المدرسة وفوجئ بالعشرات من الأهالى يلتفون حول جثمان القتيل بعد تغطيته بقطعة قماش، تم إخراج الأهالى وطلب رئيس المباحث الاستماع لأقوال مكتشفى الجريمة، ثم استدعى رئيس المباحث مدير المدرسة، وبسؤاله عن هوية القتيل أكد أنه ليس من بين طلاب المدرسة، ولم يتعرف عليه أحد من مسئولى المدرسة، تجمع طلاب الصفين الثالث والثانى بعد علمهم بالجريمة، وشاهد أحدهم ملابس القتيل فأشار بيده «ده هيثم ابن عمى محمد، كان معايا النهارده الصبح وكنا بنلعب بتليفونه الجديد»، استدعى رئيس المباحث الطالب ووجه له سؤالاً: «انت تعرف مين ده؟» فأجاب الطالب: أيوه يا باشا اسمه هيثم محمد ساكن فى الشارع اللى بعد الكشك قريب من المدرسة، وهو زميلنا فى الصف الثالث بالمدرسة، لكن الضابط استمع إلى أقوال الطالب و3 من زملائه الذين أكدوا هوية القتيل، فاستدعى مدير المدرسة مرة أخرى وطلب منه الملف الخاص بالقتيل، وتأكدت هويته، ثم استدعى الضابط والده وتعرف عليه، وتم نقل الجثة إلى مشرحة المستشفى وأخطرت النيابة العامة.[FirstQuote]
أصيب عم محمد والد القتيل، وهو عامل بسيط، بحالة هستيرية ودخل فى نوبة بكاء وصراخ، بعدما تعرف على جثمان نجله، وتعالت صرخاته هو وزوجته وطفليه، ثم التزم الصمت لمدة 5 ساعات متواصله لا ينطق حرفاً.
وأمام باب المشرحة، جلس الأب يتذكر نجله الوحيد ودعاباته معه، ثم حضر الضابط وطلب منه التعرف على ممتلكات ابنه، ففوجئ الأب بغياب هاتف نجله المحمول وقال فى محضر الشرطة: «دى فضيحة فى حق كل أفراد الحكومة أن يقتل طالب داخل المدرسة، أمال لو فى الشارع كان حصل إيه؟ ابنى مين قتله؟» واتهم وزير التعليم بارتكاب الجريمة، وأضاف الأب: الهاتف مش موجود يا افندم ده أنا اشتريته ليه بـ3000 جنيه، كنت مسافر منذ عام 2006 إلى السعودية، والتحقت بالعمل فى إحدى شركات البناء كعامل عشان أوفر حياة كريمة لولادى ومستقبلهم، ومنذ أسابيع حضر إلىَّ نجلى «القتيل» وطلب شراء هاتف محمول حديث، فوافقت وطلبت منه العمل لمساعدتى فى دفع ثمنه، وبعد شهر تقريباً علمت من أصحابه أنه يبحث عن عمل، فقررت شراء الهاتف بأموالى لأفرحه، وذهب به إلى المدرسة ولم أشاهده إلا جثة هامدة، أرسلته ليتعلم إلى المدرسة لا ليقتل.
اجتمع اللواء عرفة حمزة، مدير الإدارة العامة لمباحث القليوبية، وفريق من ضباط مباحث القسم وتم وضع خطة أمنية للبحث عن هاتف القتيل، تمكن رجال المباحث من استدعاء 15 من طلاب المدرسة زملاء القتيل، وبمناقشتهم أكدوا أن الضحية حضر معهم اليوم الدراسى منذ بدايته، وكانوا يلعبون سوياً على هاتفه المحمول، ثم التقطوا صوراً تذكارية، وفجّر أحد الطلاب مفاجأة وقال إن زميلهم إسلام كان يحاول سرقة الهاتف أكثر من مرة، وأكد أن القتيل «هيثم» طالبه بعدم لمس الهاتف أكثر من مرة، وإنهم تركوهما فى المدرسة، وكشفت التحريات أن المتهم الهارب إسلام وراء ارتكاب الجريمة، وذلك بقصد سرقة الهاتف، وأضافت التحريات أن المتهم استدرج القتيل وطلب منه الجلوس حتى نهاية اليوم داخل المدرسة لمناقشته فى أمور شخصية، وتبين أن المتهم طلب من المجنى عليه الصعود إلى الطابق الثانى فى المدرسة، حيث مسرح الجريمة، ثم هدده بمطواة للاستيلاء على الهاتف، فامتنع القتيل عن تنفيذ الطلب، وتشاجر الاثنان سوياً وتعدى كل منهما على الآخر، وذلك لوجود آثار كدمات فى وجه القتيل وجروح بوجهه، كما أوضحت التحريات أن المتهم حاول سرقة الهاتف لبيعه بعدما علم من المجنى عليه أن سعر الهاتف يتجاوز 3 آلاف جنيه، فقرر المتهم سرقته لشراء ملابس وهاتف محمول.
تمت مداهمة منزل المتهم لكن تبين أنه تمكن من الهرب، ونجح رجال المباحث فى إعادة الهاتف المحمول، وتبين أن المتهم الهارب قام ببيعه إلى صاحب محل موبايلات فى الشارع المجاور لسكنه، ويكثف رجال المباحث جهودهم للقبض عليه.[SecondQuote]
كشفت معاينة النيابة العامة أن القتيل أصيب بما يقرب من 16 طعنة متفرقة بالجسد فى البطن والصدر، وتم كتم أنفاسه باليد، وأوضحت المعاينة أن القتيل حاول الدفاع عن نفسه فى الهرب من الجريمة، وأشارت التحقيقات إلى أن المتهم استخدم مطواة فى تنفيذ الجريمة، وأنه غافل القتيل وسدد له طعنة مفاجئة فى الصدر على مسافة متر تقريباً، ورجحت المعاينة أنه قبل تنفيذ الجريمة كانا يجلسان بجوار بعضهما، وتشابكا بالأيدى، وأن القتيل زحف عدة أمتار من مسرح الجريمة والدماء تسيل منه.
مصادر بوزارة التربية والتعليم أكدت أن الدكتور محمود أبوالنصر أمر بالتحقيق الإدارى فى الواقعة وكشف ملابسات الحادث والتأكد من رواية ترك المدرسة دون حارس من عدمه، وذلك بعدما اتهم الأهالى مسئولى المدرسة بتركهم الباب الرئيسى للمدرسة مفتوحاً طوال اليوم، بالإضافة إلى التحقيق فى كيفية عدم تعرف مدير المدرسة على هوية الطالب.