«صلاح» جامع القمامة فى المترو: مخدتش راحة العيد عشان أراضى أحفادى
على جردل بلاستيكى جلس ينفث دخان سيجارته، فبدت سنّتان هما ما تبقى له فى فمه، تدلان على دخوله فى أرذل العمر، مرتدياً «عفريتة» زرقاء اللون، تستند بجواره «عدة الشغل» مقشة وصندوق كبير لجمع مخلفات ركاب محطة المترو المسئول عن نظافتها، صلاح عبدالتواب فضل النزول للعمل فى أيام العيد بدلاً من «قعدة» البيت وبالمرة عشان يجيب «عيدية الأحفاد».
يدان متشققتان تدل على مجهود الرجل الهرم وتعب السنين، صاحب الـ62 سنة يعمل فى جمع القمامة ضمن صفوف إحدى شركات النظافة الخاصة التى لا يستطيع حفظ اسمها المترجم من الإنجليزية على صدر ملابسه، لا يخجل الرجل من مهنته «المهم أكل لقمتى بالحلال» اليد التى يحبها الله ورسوله يجمع بها الرجل الستينى المخلفات من السابعة صباحاً حتى يفرغ من عمله مع دقات العاشرة من مساء كل يوم «بشتغل ورديتين أصل العيشة بقت نار» 950 جنيهاً هى رصيد الرجل شهرياً جراء عمل 15 ساعة يومياً «أصلى لو اشتغلت وردية واحدة تعرف هاخد كام 550 جنيه.. تفتكر يعملوا إيه دول»، بقع بيضاء تحتل جزءًا يسيراً من جبهته يحكى عم «صلاح» بفخر عن سبب وجودها حين أصيب خلال مشاركته ضمن الذين عبروا القنال فى أكتوبر.
«مش مهم إجازة العيد.. المهم عيدية أعز الولد» يفسر الأب لسبعة أبناء - لم يزوج منهم سوى اثنين - سبب عمله طوال أيام العيد دون راحة من أجل «عيدية» الأحفاد: «لازم أراضيهم دى أهم حاجة فى الأيام المفترجة دى»، مفسراً أن الجلوس فى منزله لا يعنى سوى زيادة أعباء على مصاريف البيت وخصومات من العمل قد تحيله لطلب المعونة أو السلف وهو ما يكرهه بشدة.
قبل 10 سنوات كان صلاح واحداً ضمن عمال أحد مصانع الأسمنت غير أن «موضة» تسريح العمال وخروجهم على المعاش المبكر نال نصيبه منها، وقتها كان يتقاضى 800 جنيه «كانوا معيّشنى زى الفل.. أصل العيشة مكنتش غالية أوى كده».