ينابيع المحبة
مازالت ينابيع المحبة والتسامح تتدفق من قلوب الأقباط المصريين، مسيحيين ومسلمين، فهى ينابيع صافية لا تحتاج لتحليل أو تخوف منها، فكم من المناسبات تجمعنا حول مائدة النسيج الوطنى والوحدة الوطنية، ولا يتذوق طعم المناسبات، وخاصة فى مثل احتفاليات الأعياد الدينية، إلا من لا يعانى مرض الأنا، لوجود وسواس خناس يوسوس فى صدره، ويتغلب عليه بحجج واهية تعتمد على الظواهر لا التدقيق فى فهم وصحيح أصول الدين، فها هو «عيد الأضحى» يذكر بتأملات سامية ونافعة نتعلم منها كم هى محبة الله لبنى البشر، وقدرته ليقول للشىء كن فيكون، وعدله ليحققه هو دون الإنسان، فحين أطاع أبونا إبراهيم صوت الله بتقديم ابنه ذبيحة، سارع بالطاعة حتى همّ بذبحه، ونجد الله رأى الطاعة لديه بتضحيته بابنه فما كان من الخالق الحى الذى لا يموت وهو على كل شىء قدير، ولمحبته التى لا تحد، إلا أن قال لأبينا إبراهيم لا تفعل شيئاً بابنك، وانظر ها هو كبش عظيم أذبحه. عجيبة وعظيمة هى أعمالك يا رب، لقد أوضحت معنى الفداء والتضحية للإنسان وأنها ليست مقتصرة على ذبح الخروف وما شابهه من الحيوانات لنقدم لحومها فقط إلى المحتاجين، إنما هناك أضحيات أخرى تقدم منها زيارة المريض والمساعدة على التخفيف من مرضه بصور شتى أو مواساة حزين وإخراجه من دائرة حزنه واليتيم نضحى بما نملك لإسعاده، وعدم إحساسه باليتم.
وهناك صور عدة من أنواع الأُضحيات التى تقدم فى حياة الناس، ولكن لا يغيب عنا أن نضيف هذا العام ونحن فى لحظة فارقة لبناء مصر المدنية الديمقراطية الحقوقية بخامات عيش حرية عدالة أن نقدم أضحية الإيثار والتسامح والسماحة الخارجة من ينابيع المحبة الصافية للنهوض بها من دائرة تقوقع الأنا، ونلتف جميعنا كشعب مصرى حول مائدة الوحدة والنسيج الوطنى لتعود فائدة الأُضحيات على نفوسنا جميعاً، فهى أيضاً يريدها الله جل جلاله منا لأنه أحب الإنسان مقدماً لنا أبونا إبراهيم مثال الطاعة والتضحية معلناً معنى محبته ورحمته وعدله وقدرته لتقديم الفداء والتضحية بنفسه، وكل عام والجميع بخير وبركات وسلام وأمن وأمان.