لا أجد تفسيراً لإصرار الحكومة على تطبيق قرار إغلاق المحلات، بداية من السبت بعد القادم -بعد تراجعها عن تطبيقه من غد- سوى أنها تسعى إلى إشعال حريق كبير بهذا البلد، ستكون أول من يكتوى بناره. فما معنى أن تحاول الحكومة تحميل المواطن نتائج فشلها وعجزها عن حل مشكلة، فتخلق له مشكلة أكبر؟! فإنفاذ القرار يعنى إصراراً من جانب المسئولين على «مباصية» كرة العجز عن حل مشكلة توفير الكهرباء إلى المواطن، من خلال دعوته إلى النوم «بدرى»، وطبقاً لـ«الافتكاسات» اللفظية لوزير الدولة للشئون القانونية «د.محمد محسوب»، فإن هذا القرار يحولنا من «دولة ليلية» إلى «دول نهارية»، يشرب المواطن فيها اللبن فى التاسعة أو العاشرة مساءً، ثم يغسل رجليه ليأوى إلى فراشه!
لقد خرجت علينا حكومة «قنديل» وأطفأت نور الفهم، إمعاناً فى توفير الكهرباء! فتمحكت بالحال فى الدول المتقدمة التى تُغلق فيها المحال التجارية فى نفس المواعيد المبكرة التى سوف تلزم الناس بها. وجميل أن تسعى الحكومة إلى تقليد الدول المتقدمة، ولكننى أسأل لماذا لا تقلدها حكومتنا فى أسلوب التعامل مع المشكلات التى تهدد حياة ومعيشة مواطنيها، ألم يرد على بال أى من المسئولين أن يقارن بين أسلوب الحكومة الأمريكية فى التعامل مع إعصار «ساندى» وأسلوب أداء حكومتنا «الغريرة» التى غرقت فى «بقعة زيت»، واكتفى مسئولوها بإمطارنا بتصريحات تزف لنا -كل يوم- بشرى أنهم نجحوا فى تفتيت «حتة» منها، وكأننا بصدد تفتيت «الذرة»؟!
فى أوروبا والدول المتقدمة يجد المواطن فرصاً للعمل، وإذا لم يتيسر ذلك يجد «معونة البطالة». فى هذه الدول يحصل المواطن على حقوقه، كإنسان، كاملة غير منقوصة، لا تُهدر كرامته فى بيت أو فى شارع أو فى قسم شرطة. فلماذا يترك هؤلاء «الخفاف» تلك المزايا التى يتمتع بها المواطن فى هذه الدول ويتمحكون بموضوع إغلاق المحلات التجارية فى «البدرى»؟! إلا أن يكونوا من أصحاب نظرية «خد اللى على هواك.. وارمى غيره ورا ضهرك»!
إن المواطن الذى يظل يعمل فى الشارع حتى «انصاص الليالى»، سواء كان مالكاً لمحل أو عاملاً فيه، يود لو عاد إلى بيته مبكراً ليستريح من «الشقا»، لكنه لا يجد أمامه سبيلاً للحصول على قوته وقوت عياله سوى العمل آناء الليل وأطراف النهار. إن التأجيل المستمر لمسألة تفعيل هذا القرار يعنى أن الحكومة لا تثق فى عواقبه، وقد كان جديراً بها أن تفكر جيداً قبل إعلانه، ثم التراجع عنه على الملأ. فقد ظهرت أمام المواطن كحكومة شديدة «الخيابة». ومن المعروف أن «اللى عاوز يخيب»، خير له أن «يخيب على جنب»!