بخل.. طمع.. "قلة رومانسية": تعددت الأسباب و"الخلع" واحد
فى الوقت الذى بلغت فيه العنوسة أعلى معدلاتها تسعى أخريات من السيدات للحصول على حريتهن برفعهن دعوى الخُلع من أزواجهن، لأسباب يراها البعض «تافهة» ولا تستحق كل هذه الأمور، فيما اعتبرها آخرون محور الحياة الزوجية، ولا ينبغى التنازل عنها، علماء النفس يؤكدون أن الأمر بات مرهوناً بقدرة المرأة على الاستقلالية، لذا تجد ساحات محاكم الأسرة مكدّسة بكثير من تلك القضايا، ولأسباب ليست معتادة على آذاننا، هناك من لجأت إلى الخلع بعد عشر سنوات من الزواج، لأن زوجها ليس رومانسياً وأخرى سارعت بالبحث عن حريتها بمجرد الحديث عن ميراثها تفاصيل كثيرة ومختلفة رصدنا بعضاً منها من داخل محكمة الأسرة. «زواج القرايب مصايب»، هكذا بدأت «سلمى» كلماتها لـ«ست الستات»، الفتاة التى بالكاد تخطت عامها العشرين تحكى قصتها فى انتظار جلستها فى دائرة السلام، تقول: «تخرّجت فى المعهد الفنى التجارى، وأنا من محافظة الغربية، وتزوجت بابن عمى الذى يقيم فى دار السلام، وهو معلم لغة إنجليزى فى مدرسة خاصة، بعد تخرجى فى المعهد، عرض الزواج، وقبلت وتمت مراسم الزفاف وبعد زواجنا بدأ يتحدث عن الميراث وتجاوز الأمر إلى مطالبته به من أسرتى، وحدثت مشاجرات بينه وبين أشقائى، وتحدثت معه، لكنه قام بضرب شقيقى فى إحدى المرات، وقلت له الانفصال هو الحل، لكنه رفض بعد زواج دام 5 أشهر، ولجأت إلى القضاء ورفعت دعوى خلع منذ عام، وأنتظر الحكم بها.
فيما وقفت ميادة صاحبة الدعوى الثالثة تنتظر أمام دائرة «السيدة زينب»، قائلة: «البخل مالوش علاج»، تحكى «ميادة» خريجة كلية الحقوق: «تقدّم لخطبتى طبيب بشرى يعمل بالسعودية عن طريق خالتها، التى قدّمتها له، وتم القبول فيما بينهما، لتتم الخطوبة ومراسم الزفاف».
وقالت الزوجة: «زوجى (سعيد. ف) كان يبدو عليه الهدوء والسكينة فى بداية زواجى به، لكن فى النفقات المالية الزوج يفضّل عدم الإنفاق، طلبت منه شراء (لبن وزبادى)، وفى اليوم الثانى سأل عنهما، فقلت له: خلصوا، ففزع وقام بالشجار معى، وحاولت النقاش معه لكنه رفض، وفوجئت به يسافر دون أن يقول لى أو حتى يترك لى مصروف البيت، ووصل به الأمر لأن اختفى، ولم أره بعد أن أنجبت طفلاً عمره الآن 3 أشهر فلجأت إلى المحكمة لطلب الخلع».
«ماريان. خ»، 32 عاماً، تنتظر أمام قاعة «محكمة الأسرة» بزنانيرى دائرة مصر القديمة، جلسة التحقيق فى «دعوى الخلع» التى قامت برفعها ضد زوجها ويُدعى «رمسيس. م»، بحجة أنه فاقد الرومانسية ولا يقول كلاماً معسولاً، تحكى الزوجة قصتها: «تزوجت منذ 10 سنوات زواجاً تقليدياً، وأثمر زواجى طفلين، أشاهد الأفلام الهندية والمسلسلات التركية وينزعج بشدة، وفى يوم عيد ميلادى سافر إلى الخارج فى مؤتمر علمى خاص بالجامعة، ولم يحاول الاتصال بى لمعايدتى، وعاتبته أكثر من مرة، لكنه تجاهل وتعمّد إهانتى ووصفى بأننى مراهقة، فلجأت إلى ساحة القضاء بحثاً عن حريتى». من جانبه، قال الدكتور سعيد عبدالعظيم أستاذ الطب النفسى بجامعة القاهرة، إن المرأة أصبحت لديها القدرة على تفعيل دورها أكثر من ذى قبل، قديماً الأسرة لم تكن تساعد الزوجة على فعل ما تريد، أما الآن فلم يعد هناك من يستطيع التأثير على الزوجة أو لا يوجد من يثنيها عن تغيير إرادتها، خاصة إذا كانت متعلمة ومستقلة مادياً، لذا بات اتخاذها قرار الخلع لأسباب يراها البعض عادية وغير مقنعة، ويشير «عبدالعظيم» إلى أن التعليم أثّر بدرجة كبيرة فى بناء شخصية المرأة التى تسعى لتكوين حياتها بطريقة معينة، متابعاً «كلما تقدم المجتمع أصبح أكثر استقلالية، وصارت المرأة لا ترضى بما رضيت به الأمهات فى السابق». وأعرب «عبدالعظيم» عن أن بحث المرأة عن الرومانسية أو الكلام المعسول حقها، وعلى الرجل تفهّم طبيعة المرأة التى تحب الكلمات الطيبة والمعاملة الرقيقة، بعكس طبيعة الرجل التى تبدو عملية أكثر من اللازم.