يحق لنا أن نفخر بأن أجدادنا المصريين القدماء لم يمارسوا عبادة الحيوان، ربما استخدمت الأشكال الحيوانية للإيحاء عن شىء ما فى سمات الإله، وقد يكون هذا الشكل الحيوانى مختلطاً بشكل إنسانى مثل أن يكون رأسه رأس حيوان كما كان لبعض الآلهة، لكن معظمها كان له أجساد بشرية يظهر مثلاً فى حلمات الثدى والسرة.
كان آلهة المصريين حالة فريدة ومميزة فى العالمين، واختلفت فى أن الآلهة فى الحضارات المبكرة مستمدة من آلهة أم، أو أنها تجسيد لمظاهر الطبيعة.
ولم يكن لآلهة المصريين صفات محددة على عكس آلهة العالم الرومانى - الإغريقى، بل كانت أعمالهم وصفاتهم وأدوارهم غامضة، وعلى سبيل المثال كان يشار إلى آمون وهو أحد أشهر آلهة العصر المتأخر بأنه (إله الدولة) لأن قواه كانت واسعة جداً وشاملة جداً لدرجة يتعذر تحديدها.
وكان بعضهم يولد، وبعضهم يموت ثم يولد من جديد، وكانوا يتقاتلون فيما بينهم، ورغم سلوكهم هذا الذى يشبه سلوك الإنسان فإنهم كانوا دائماً خالدين وأسمى من البشر.
ويجد المؤرخون استحالة إحصاء آلهة المصريين، إذ كان ممكناً على نحو مؤقت تشكيل آلهة توفيقية تتضمن عناصر للآلهة المفردة مثل (آمون - رع، رع - حورأختى، بتاح - سوكه... إلخ).
وكان ممكناً أيضاً أن ينشطر الإله المفرد إلى عدد من الأشكال (مثل آمون إم أوبت وآمون كاموتيف... وهكذا).
وقد انتظم الآلهة فى مجموعات كانت تعبر عن عناصر ذكورية وأنثوية (أمون / أمونتى)، وثالوثات (أمون وزوجته موت وابنهما خونسو)، والثامون والتاسوع أى المكون من تسعة آلهة.
ويرى دوجلاس بريور وإيملى تيتر أن كثيراً من الديانة المصرية القديمة أمر محير لأنه كان هناك تطور هائل فى الأفكار الدينية على مدار ثلاثة آلاف سنة للحضارة المصرية، نبذت فيها بعض المفاهيم ووضعت أخرى فى طبقات فوق أخرى، برغم رفض بعضها بوصفها علامات لثقافة بدائية أو نتيجة خروج المصريين عن مكانهم فى الكون.
واختلفت خلال هذه القرون الفكرة الرئيسية عن الخلق، فالإله بتاح خلق الإنسان بقوة أفكاره، والإله آتوم خلق من لعابه أو منيه، والإله خنوم خلق الإنسان من صلصال مشكلاً إياه بآلة سماوية!
وكانت الآلهة تحتاج لطقوس وطعام وملابس لكى تظل حامية للبشرية. وكان يقام -فى محراب- تمثال يمثل مسكناً لروح الإله، وأمامه تتم الطقوس ويوضع الطعام والشراب. وكان من ضمن الطقوس والعبادات مواكب الإله، وفيها ينقل تمثال الإله من المحراب ويوضع فى محراب آخر ثم يوضع فى قارب ويمكن لمواكب القارب المقدس التى يحملها الكهنة أن تطوف بالمعبد مصحوبة بغناء ورقص وتهليل موظفى المعبد والسكان للإله العظيم.
وكان اتصال عامة المصريين بالمعابد محدوداً ويسمح لهم بالدخول فقط فى الفناء الخارجى والساحة الأولى والثانية لبعض المعابد فى احتفالات خاصة. ثم ظهرت معابد الآذان السامعة التى يمكن للمتوسل أن يهمس بدعائه فى رسم يمثل أذن الإله، وكان الكتبة يشفعون بالنيابة عن المتوسل (تعالوا إلىّ وسوف أنقل كلماتكم إلى آمون..).
وكان لعامة الشعب أن تسأل الإله أثناء مواكب الآلهة عندما ينقل التمثال من داخل المعبد ويحمل أمام الجمهور، وكانت حركة التمثال تشير إلى إجابة بـ«نعم» أو «لا». وكانت الأضرحة والأماكن المقدسة المرتبطة بإله ما تنتشر فى الفضاء المكشوف ويمكن لعامة الناس أن تزورها وتترك النذور وتثبت التقوى.
لكن أصحاب النفوذ كان بإمكانهم أن يضعوا تماثيل لأنفسهم بداخل هذه الأماكن لتمرير قداسة أفعال وصلوات إلى تماثيلهم مباشرة وبكثرة!!