«سحر» من فوق ركام منزلها بغزة: «تضحياتنا مش هتروح هدر»
«سحر» مع طفلتها على ركام المنزل
فوق أنقاض منزلها المدمر وبين الركام، وعلى أطلال غرفة نومها الأنيقة، تجلس السيدة العشرينية سحر زاهى ووالدها الستينى، بينما تحمل طفلتها ذات الـ9 أشهر بين ذراعيها، تلاعبها تارة، وتقلب بصرها بصمود وحزن تارة أخرى إلى ما تبقى من عش الزوجية الذى استهدفته طائرات الاحتلال الإسرائيلى أثناء قصفها للمنازل فى مخيم الشاطئ، غربى قطاع غزة، إذ لم تتبقَّ حجارة لم تطلها قذائف المحتل بخاصة فى المناطق الشمالية والغربية والوسطى من القطاع المنكوب.
السيدة العشرينية: هنظل قاعدين فى دورنا المدمرة لحد آخر ثانية فى حياتنا
ورغم الدمار وانعدام مقومات الحياة، فإنّ «سحر» التى لا تزال متشبثة بركام منزلها ترى أنّه لا بديل عن البقاء والتمسك بالأرض، وتقول فى حديثها لـ«الوطن»: «إحنا ضحينا كتير، بدمنا وفلوسنا وأرواحنا ومش هيروح هدر، وهنا قاعدين وصامدين فى بيوتنا المدمرة لحد آخر ثانية فى حياتنا»، ولم تغير صعوبة الحياة والبرد والسيول من رفض فكرة النزوح إلى عقلها وقلبها: «ما بقدرش ألوم النازحين، لأن اللى بنتعرض له من 100 يوم هو جحيم وإبادة جماعية، والله خلق فى الإنسان حب الحياة والنجاة بنفسه، ورغم هيك فى كتير عالم فى غزة ما نزحوا، بس أوضاعهم كتير صعبة ومأساوية وصارت فوق طاقة البشر».
قد تمر أيام لا تستطيع فيها «سحر» الحصول على كسرة خبز أو شربة ماء: «بنام أنا ووالدى وبنتى هنا فى الطل وبغسل الملابس من ماء المطر، وما فيه مساعدات بتوصل لنا بسبب الحصار والاجتياح البرى، وأكتر شىء بخاف منه هو الليل، لأن الجو بيكون برد جداً، والقصف بيكون أعنف، وكل يوم بتوقع إنه ما هيطلع علىّ نهار»، إلا أنّ أكثر ما يقلق الأم العشرينية هو ضياع جثمانها بعد استشهادها: «ما بخفش من الموت لأننا أصحاب حق، بس خايفة ما ألاقى قبر يضمنى، أو الجرافات تدهس جثتى، أو أترك بالشارع لحد ما أتحلل»، تقولها بينما يقع بصرها على أشلاء بعض الشهداء التى لا يزال بعضها فى شوارع المخيم.