صدر الجمعة الماضي قرار محكمة العدل الدولية بشأن الحرب في غزة، وكان يجب على إسرائيل احترام إرادة المجتمع الدولي وقرار المحكمة ولكنها كثفت من ضرباتها على غزة وارتكبت قوات الاحتلال المزيد من المجازر.
تحدى قادة الاحتلال مطالب المجتمع الدولي والرأي العام العالمي في بلطجة لا يوازيها سوى بلطجة أربابها الاستعماريين المساندين لها ولأعمالها ضد الشعب العربي الفلسطيني.
يؤمن الجميع بأن القوة هي الحل مع إسرائيل التي لا تعترف بغيرها، فهي من قبل لم تجبر على السلام مع مصر إلا بعد حرب أكتوبر ولم يكن لها سابقة في الاستجابة لأي مفاوضات سلام حتى مع الفلسطينيين وبعد اتفاقات أوسلو وغيرها لأن تلك الاتفاقات لم تكن بناء على قوة السلاح.
على الجانب الآخر، اقتربت مدة صمود المقاومة الفلسطينية إلى أربعة أشهر منذ 7 أكتوبر الماضي وهي أطول حرب تخوضها ضد الاحتلال وتخوضها قوات الاحتلال وأكثر الحروب إضرارا بالعدو، حيث كبدته خسائر في الداخل لا سابق لها في الأرواح والمنشآت والاقتصاد، والأكثر تأثيرا، الضرر الذي لا يعالج وهو سمعة الجيش الصهيوني التي تمرغت في التراب الغزاوي.
تمارس المقاومة الفلسطينية حربا فدائية ممتدة المدى ومتطورة التكتيك والتكنيك يُعجب بها أحرار العالم الذي انكوت شعوبه ومازالت تعاني من الاستعمار الغربي المنتشر على امتداد القارات، ليس بجنوده وسلاحه فحسب وإنما أيضا بالسيطرة على الاقتصادات والثقافات وكل ما يقيد الإنسان في الدول النامية.
يعجب أحرار العالم بما تقوم به المقاومة الفلسطينية التي تطور أدائها العسكري المقاوم في مواجهة عدو غاشم يملك من السلاح والذخيرة ما يفوق أي جيوش موازية له ويستعملها بلا حساب حيث تفتح له ترسانة الأسلحة الأمريكية مخازنها بدون سداد مقابل.
وقد سعت قوات الاحتلال إلى محاولة تدمير أنفاق المقاومة لكنها فشلت، دمرت بعضها لكن تبين أن تلك الأنفاق مصممة بحيث إذا دمر أحدها لا يؤثر على الآخرين، وكذلك إذا تم اكتشاف أحدها لا يفضي إلى الآخرين ويصل حجم مساحتها إلى ما يزيد على 700 كيلو متر في القطاع ذي المساحة المحدودة، أي أنها تكاد تغطي كل شبر في غزة لكن بدون معرفة أين تقع، فهي ليست جميعا على نفس الأعماق كما أنها ليست في نفس الشكل أو التصميم.
كما تؤدي المقاومة مهامها بصورة مرنة، فقد تحشد في مواجهة غزوة صهيونية أو قد تمارس طريقة الذئاب المنفردة التي تتحرك بخفة وسرعة حيث تتولى رصد وتمرير المعلومات وتحقيق الأهداف بلدغات ولسعات لا يتمكن جنود الاحتلال من تفاديها.
وتقوم الذئاب المنفردة بمشاغلة قوات الاحتلال من خلال توزيع فدائي منسجم مع جغرافية الموقع ومنهم من يستدرج جنود الاحتلال ومنهم من ينقض عليهم .يمارس الفلسطينيون حربا مصيرية سوف يخرجوا منها بدولتهم التي طال انتظارها.