وثيقة سرية: "عبدالرحمن" يعاتب شقيقه حسن البنا على أمور مالية
حصلت «الوطن» على مجموعة جديدة من الوثائق السرية لتنظيم الإخوان، تخص عبدالرحمن البنا، هذا الرجل المجهول فى تاريخ التنظيم، خاصة أنه لم يظهر فى الواجهة مثل شقيقه حسن البنا، رغم أن عبدالرحمن كان له الدور الفاعل الذى ربما يفوق دور مؤسس الجماعة.
وتتضمن الوثائق خطابات متبادلة بين الشقيقين حسن وعبدالرحمن، تكشف «براجماتية» حسن البنا، فعندما قرر الأخير الانتقال بجماعته من الإسماعيلية للقاهرة كان عدد أعضائها بسيطاً، فطمع فى جمعية سبق أن أسسها شقيقه عبدالرحمن، وأطلق عليها اسم «جمعية الحضارة»، التى كان لها كيان متماسك وعدد وافر من الأعضاء، وقرر أن يسطو عليها مستخدماً بعض الحيل، وبالفعل وقع عبدالرحمن فى شباك شقيقه وسلمه الجمعية بأعضائها وأنشطتها، وعبر هذا الكيان انطلق تنظيم الإخوان وانتشر خلال فترة وجيزة فى القاهرة، وهكذا تكشف الخطابات والوثائق اللغز الذى ظل لسنوات طويلة يحير السياسيين والباحثين حول كيفية نجاح البنا فى الحصول على هذا العدد الهائل من المنتمين للإخوان والمقرات فى معظم أحياء القاهرة فى بداية الثلاثينات.
وتوثق الخطابات أيضاً محاولات عبدالرحمن البنا لاستعادة جمعيته أو على الأقل أن يكون له دور قوى فيها أمام سيطرة حسن البنا التى لم تدع لها أو له أى دور، رغم أن عبدالرحمن البنا احتل لفترة طويلة منصب الرجل الثانى فى جماعة الإخوان بعد توليه منصب نائب المرشد، وكان من أنصار إصلاح مسار التنظيم ليكون من أوائل الذين انحازوا للدولة لا للعشيرة فى أزمة الدولة والجماعة بعد ثورة يوليو، وتوطدت علاقته بجمال عبدالناصر وجمعت بينهما علاقة حميمة لم يكشف عن تفاصيلها كاملة حتى الآن.
الخطاب الثانى:
«الحمد لله والصلاة والسلام على رسوله ومن والاه.. القاهرة فى 7 رمضان، سيدى الأخ المفضل، السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.. وعلى جميع الإخوان المسلمين، وبعد، فقد وصل خطابكم وفهمنا ما به ولنا معكم عتاب نقوله فى حفل الشاى الذى سنقيمه بنادى الجمعية فى الساعة الثامنة من مساء الخميس 13 رمضان (ليلة الجمعة) وسيحضر عدد كثير من صفوة أعضاء الجمعية - يزيد على العشرين ولا يخصنى ما لهذا الاجتماع من مزايا وخصوصاً لتلقى البيعة وقد كان الموعد المضروب للحفل هو يوم الأربعاء 12 رمضان، ولكن الإخوان رأوا تأخيرها، لتتمكنوا من الحضور لرئاسة الحفلة -لتتم الفائدة المرجوة- ونناشدكم الله ألا تتخلفوا (وبلغ فى حرصنا على تشريفكم أن عرض الأخ الشيخ عبداللطيف الشعشاعى أن نكتب لكم برقية بوفاته تأكيداً لحضوركم.. فنأمل).
أما مسألة الخطابات والإيصالات فنحن على أتم استعداد لإمضاء ما تطلبون غير أننا نخشى أن تنتقلوا من الإسماعيلية يوماً ما (وهو أمر طبيعى بحكم وظيفتكم) فيأتى من خلفكم فيتقيد بهذه الأوراق ويكف عن مواصلة الإمداد الذى يرسل لنا به فرع الإسماعيلية، أما الثقة بيننا وبينك لا حد لها، ولهذا السبب نفسه نرجو أن توافقونا على أن تكتب على الأوراق التى تمضيها ملاحظة تدل على أن هذه المبالغ صرفت كلها أو معظمها فى تكوين الاتحاد وتأسيسه، وبما أننا نعتبر الاتحاد قائماً بين الإسماعيلية وفرع القاهرة الذى لم يستقل بهذه الشئون إلا بعد استشارتكم وإقراركم لنا وعلى ذلك فنرجو إشهاد الإخوان عندكم أننا لا زلنا على الاتحاد والعهد وتعهدهم بضرورة مواصلة إمداد فرع القاهرة بما يرسل إليه شهرياً حتى لا يتنصل خلفكم منه فيما بعد ولإعرابنا عن هذا الاتحاد، عزمنا إن شاء الله على زيارة الإسماعيلية حوالى منتصف شوال ليتعارف الإخوان هنا بإخوانهم هناك، وختاماً نرجو أن تشرفنا برئاسة حفل الشاى المذكور آنفاً ومعكم من تريدون من الإخوان، ونرجو ألا يمنعكم خوف البرد فقد توقيناه بشراء (كنبتين) عظيمتين، ونرجو ألا تعتذروا، وفى انتظار سريع ردكم الوافى، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته، هذا ونحن فى انتظار ردكم وما ترون، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته، عبدالرحمن البنا»
الخطاب الثالث:
«سيدى الأخ الفاضل الأستاذ/ حسن أفندى أحمد البنا، السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد، فأرجو أن تلتمسوا لى عذراً فى عدم الإسراع بالكتابة إليكم لعذر السفر، والآن أكتب إليكم فى أول فرصة بعد أن قرأت ما كتبتموه فى المخاطبات بين فرعى القاهرة والإسماعيلية، ولما كان هذا فى الشئون التى لا أرى لنفسى حق البت فيها وحدى فقد عرضتها على صفوة الإخوان المسلمين، وبعد بحث الموضوع رأينا أن هذا المبلغ (المقرض إلى فرع القاهرة وتسدد عند الاستطاعة إذا لزم ذلك) كما تقولون لا تتعلق بفرع القاهرة، بل بالاتحاد العام كما اتفقنا ولقد قام فرع القاهرة بنصيبه من المصروفات علاوة على المبلغ الذى تطلبون التوقيع عليه بصفة سلفة لفرع القاهرة، وعلى ذلك فلا يمكننا إمضاء الإيصالات بصفة السلفة لفرع القاهرة وأمر توقيعها متروك لكم بصفتكم رئيس الاتحاد العام (ويدخل ضمنها المبالغ الشهرية التى ترد إلينا شهرياً لإيجار مركز الاتحاد العام)، أما أن الاتحاد العام لم يتحقق فذلك ما لا نسأل عنه ولكننا نسأل لماذا لم يتم؟ ولماذا أهملوا أمره وخرجت بعض الفروع على نظامه، وما زلنا على بيعتنا بالنسبة لهذا الاتحاد الذى كان السبب الأقوى فى أن جمعية الحضارة الإسلامية نسيت اسمها من أجله وأودعته الله تعالى الذى لا تضيع عنده الودائع، وندعو إلى الاتحاد العام فى أقرب فرصة فرع الإسماعيلية، الذى نعتقد أن الاتحاد بيننا وبينه ما زال قائماً عند اللحظة الأولى، ونرجو أن تكتبوا لفرع شبراخيت والمحمودية دعوة إلى الاتحاد العام فى الوقت الذى ترونه مناسباً أو تفوضوا إلى سكرتارية الاتحاد هنا، كما توجه هذه الدعوة، ونتقدم والإخوان هنا جميعاً بتهنئة حضرتكم والإخوان المسلمين بشهر الصوم المبارك أعاده الله عليكم رافعين علم الجهاد، وفقنا الله وإياكم، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته».