مع "جاهين ومكاوى": فن واحد.. و"ساعة رحيل" مشتركة
الخال، وشاعر الرباعيات، ومسحراتى الليلة الكبيرة.. رفض الثلاثة أن يكون «الفن الجميل» الذى خرجوا به من طين الأرض التى نشأوا عليها، هو الجامع الوحيد لهم، والشىء المشترك بينهم، فبعد رحلة طويلة خاضها كل منهم «فى حب الوطن»، فارقوا فى يوم واحد الأرض التى كتبوا لها، والناس الذين أبدعوا لأجلهم، كأنهم اتفقوا على رحلة واحدة، وموعد واحد للرحيل.
فى 21 أبريل 1986، رحل صلاح جاهين، الذى قدم نفسه فى الخمسينات بكلماته «أنا شاب لكن عمرى ولا ألف عام، وحيد ولكن بين ضلوعى زحام، خايف لكن خوفى منى، أنا أخرس لكن قلبى مليان كلام»، إحدى رباعياته التى اشتهر بها، ليبدأ بعدها رحلة مع الفن استمرت لأكثر من ثلاثة عقود. «الليلة الكبيرة» أشهر أوبريت غنائى شعبى فى تاريخ الفن، كان من كلماته، إلا أن الألحان كانت لصديقه سيد مكاوى، الذى اشتهر بـ«مسحراتى الليلة الكبيرة».. صديقان خارج الفن، ومبدعان داخل الفن، وزميلان فى الرحيل، فبعد 12 عاماً من رحيل «جاهين»، لحق به «مكاوى» فى اليوم نفسه.[FirstQuote]
المحطة الثالثة كانت من نصيب شاعر العامية، الذى وصفه الكاتب الكبير يحيى حقى بأنه يشبه «قرص العيش البلدى بالسمنة الفلاحى»، عبدالرحمن الأبنودى، الذى قال على فراش الموت، بلكنته القناوية التى لم تفارق لسانه: «عِشت حياتى طفلاً، أحببت هذا الوطن والناس، ما تنسونيش ولا عايز أتلف فى علم ولا ملاية، عايز أرحل من برّه بره كده»، ليرحل فى يوم رحيل «عظماء الفن الثلاثة»، ويلحق بصديقيه اللذين وصف أولهما بأنه «طفل كبير ملىء إنسانية وملىء طيبة»، فيما وصف الثانى بأنه «شيخ ملحنين ودان الناس البسيطة».
الشاعر جمال بخيت، أحد شعراء العامية، قال إن «جاهين» و«مكاوى» و«الأبنودى» ثلاثة من أفضل من أنجبت أرض مصر، فنياً ووطنياً وإنسانياً، «تصادُف وفاتهم فى يوم واحد سيجعل من اليوم ده ذكرى للحداد والرثاء الفنى»، مشيراً إلى أن هناك أموراً كثيرة جمعتهم، إلا أن «مفهوم الحب» أهم هذه الأمور.