دراسة: إثيوبيا تلاعبت بتحذيرات خبراء دوليين من كوارث سد النهضة
رصد الخبير المائى الدكتور نادر نور الدين، فى دراسة خطيرة، صراع المياه باستخدام «اسطنبول» و«تل أبيب» لسد النهضة، وقالت إنه عندما تشكلت اللجنة الدولية لمعاينة سد النهضة الإثيوبى وتكونت من أربعة خبراء دوليين تضم أكبر خبير للسدود فى ألمانيا وخبيرين فى الموارد المائية من إنجلترا وفرنسا ثم خبيراً فى البيئة من جنوب إفريقيا، وينضم إليهم خبيران من كل من مصر والسودان وإثيوبيا، وحدد لها مدة ستة أشهر للنظر فى أمر السد ومدى استيفائه للمتطلبات الدولية لإنشاء سد على نهر مشترك، سوفت إثيوبيا اللجنة فى تسليم الرسومات الإنشائية للسد وما أدعت القيام به من دراسات بيئية واجتماعية - اقتصادية ومائية عن التداعيات المحتملة للسد على دولة المصب، ومر عام كامل دون أن تقدم إثيوبيا شيئاً يذكر للجنة بما اضطر اللجنة إلى أن تعلن للعالم عن التسويف الإثيوبى وبما كان له الأثر على بداية رضوخ إثيوبيا وقيامها مضطرة بتسليم تصميمات ودراسات لا حول لها ولا قوة، وكانت تشترط على أعضاء اللجنة الإطلاع عليها فقط وعدم تصويرها أو الاحتفاظ بنسخة منها أو نقل محتوياتها بأى وسيلة، حتى أنها كانت «تخطفها» من يد الخبراء قبل أن يستكملوا الإطلاع عليها.
وأضافت الدراسة، أن الخبير الألمانى المعروف بانضباطه وصرامته قال إن هذا الأمر ليس له مثيل فى العالم، لأنه لا يدرك أن العقلية الإثيوبية ليس لها مثيل فى العالم، وأنها تظن نفسها قادرة على أن تخدع الألمان وباقى الخبراء الأوروبيين بينما هم يتهكمون من هذه العقليات وطريقتهم فى التفكير العقيمة والمفضوحة، بعد أن تبين للجنة، على وجه اليقين، أن هذا السد بنى على عجل ودون دراسات ولا حتى تصميمات ولا هدف تنموى واضح.
وقال الخبير البيئى الجنوب إفريقى إن أقل تداعيات هذا السد ستكون متمثلة فى اختفاء الأسماك النيلية من النهر لمدة خمس سنوات على الأقل، بسبب حجز الطمى وأوراق وغصون الأشجار والمواد العضوية التى تأتى مع تيار النهر لتتغذى وتعيش عليها الأسماك، وأن احتجاز هذه المواد خلف السد الإثيوبى يعنى أولاً موت الأسماك جوعاً وثانياً موته مختنقاً نتيجة لنقص الأكسجين الذائب فى الماء، الذى ستنزفه الميكروبات تماماً لتحليل هذا الكم الهائل من المواد العضوية المحجوزة خلف السد، بما يؤدى إلى نضوب الأكسجين الذائب فى مياه النهر وموت الأسماك، وبالتالى فإن أضراره الاجتماعية ستنتقل إلى الصيادين الذين ينبغى لهم البحث عن عمل جديد بعد القضاء على مهنة الصيد من النيل، يضاف إلى ذلك انبعاثات غازية ونتروجينية وكبريتية هائلة، بسبب تحلل المواد العضوية وأيضاً بسبب ركود المياه فى البحيرة الضخمة بمحتوياتها القابلة للتحلل.
وبالمثل أيضاً أكد خبيرا الموارد المائية أن هناك نقصاً حاداً سيحدث فى التدفقات المائية التى تصل إلى مصر، وأن امتلاء السد الإثيوبى فى ثلاث إلى خمس سنوات يعنى حتمية جفاف بحيرة سد ناصر فى مصر ثم حدوث نقص دائم فى حصة مصر من المياه ليس بأقل من 12 مليار متر مكعب سنوياً بعد ذلك، بالإضافة إلى استئثار إثيوبيا بمياه الفيضان كاملة وحرمان مصر والسودان منها، أما فى السنوات العجاف لشح الفيضان فستجنى مصر وحدها تداعيات هذا الجفاف وتنعم إثيوبيا بوفرة مائية، تمكنها من مساومة مصر على بيع المياه إليها فى طريقة غريبة ليس لها مثيل من قبل فى بناء السدود على الأنهار، ليس بغرض إفادة دولة بقدر ماهى الإضرار بدولة أخرى.
وذكرت الدراسة، أن "إثيوبيا شعرت بأنها مدانة لا محالة وأن التقرير يدينها ويصف السد بأنه سد بنى على عجل وبلا دراسات، فأصرت على أمرين غاية فى الغرابة ولا أدرى لماذا وافقت عليهما مصر فى تبعية غير مبررة، الطلب الأول أن يبدأ التقرير بعبارة أن السد الإثيوبى بنى على أسس إنشائية سليمة ومتفق مع القواعد العالمية لبناء السدود!!، وهنا ثار العالم الألمانى المنضبط وقال كيف يكون هذا والتصميمات كارثية وناقصة وأمان السد مفقود مع أى فيضان جارف؟! وكان رد الجانب الإثيوبى بأن هذا الأمر يخص الدول الثلاث فقط وأنها ستقنع مصر بقبول هذه الفقرة كشرط لموافقتها على التقرير والتوقيع عليه، وهو للأسف ما وافقت عليه مصر والسودان ورفضه الخبراء الدوليون ولكنهم فى النهاية دار فى عقولهم بأنه أمر يخص الدول الثلاث فقط ونحن نؤدى مهمة ونعود إلى عملنا!! الأمر الثانى هو أن يبقى التقرير سرياً ولا يتم تداوله أو نشره أو حتى مناقشته بين العلميين أو المجتمع المدنى حتى لا يفتضح أمر إثيوبيا بأنها تقيم سداً ثم تقوم بعمل الدراسات لاحقاً فى سابقة عجيبة ليس لها مثيل، وللأسف وافق وللمرة الثانية الجانب المصرى ولم ينشر التقرير أو تم تدويله واعتبره سراً على العامة، ولكن ناقشناه فى لجان علمية برعاية الأمن القومى".