العريش "مصيف مهجور".. "الناس رايحة تتفسح مش تتقتل"
تنعكس أشعة الشمس في هدوء على أمواج البحر، على شاطئ العريش، تداعب الرمال الذهبية، يستمتع الأطفال والرجال الذين يتواجدون بالمئات على الشاطئ، بجو العريش وشواطئها، في سلام تام، لم يعكر صفوه شيء.. هكذا كان حال مدينة العريش عاصمة محافظة شمال سيناء، قبل أن يغزوها الإرهاب، بعد ثورة يناير.
المئات من المصيفين كانوا يتوافدون على المدينة الهادئة في فصل الصيف، يملؤن حجرات الفنادق والمدن السياحية، ينعشون السوق الداخلي وينتشرون على الشواطئ، التي أصبحت الآن مهجورة، بعد أن ضرب الإرهاب أمنها، وأرهب أهلها، فهجرها المصيفون ولم يبقى بداخلها إلا من كان من أبنائها.
محمد السيد وأسرته كانوا من القلائل الذين قرروا العودة إلى مدينة العريش، وقضاء بعضًا من فصل الصيف على شواطئها كما كانوا يعتادون قبل ثورة يناير، وذلك إبان حكم مرسي.. "حسينا أن الدنيا هديت شوية في العريش وأن الأمن رجع زي زمان"، كما يقول محمد السيد لـ"الوطن"، إلا أنهم ما لبثوا إن غادروا المدينة بعد أيام قليلة من حضورهم، بعد أن وجدوا شواطئ مهجورة، وأصوات الانفجارات وطلقات الرصاص لا تنقطع.. "مش هي دي العريش اللي إحنا عارفينها".
أصوات طلقات الرصاص وقتها أزعجت الأسرة المكونة من خمسة أفراد، ما اضطرهم إلى مغادرة العريش في أسرع وقت والعودة إلى القاهرة، حيث موطنهم الأصلي.. "إحنا جايين نتفسح ونصيف ونتبسط مش جايين نسمع صوت ضرب نار ونتقتل.. وبعدين إحنا معانا أطفال"، هكذا برر محمد السيد تركهم لمدينة العريش وقتها.
منذ تلك الحادثة لم تحاول العائلة العودة مرة أخرى إلى مدينة العريش، وفضلوا الذهاب إلى مصايف أخرى "العين السخنة" و"الإسكندرية"، لكنهم مع ذلك يتمنون العودة مرة أخرى إلى مدينة العريش، فبحسب محمد سيد، فإن شاطئ العريش يتميز بهدوءه ونقاء مياهه وانتشار النخيل إضافة إلى نقاء الهواء، كل هذه الأشياء تجعل العريش هو المصيف المفضل للعائلة، لولا الوضع الأمني السييء.
"لمة العيلة والصحاب اللي اتعرفت عليهم في العريش".. تلك هي الأشياء التي يفتقدها محمد السيد بشدة الآن، فبعد مرور أكثر من ثلاثة أعوام على تركهم مدينة العريش، لا يزال محمد وعائلته يتمنون العودة مرة أخرى إلى المدينة لقضاء فصل الصيف معها في أمان.. "نفسنا العريش ترجع زي الأول".
الدكتور قدري الكاشف، مدير عام إدارة السياحة بشمال سيناء سابقًا وعضو هيئة التدريس بالمعهد العالي للسياحة بالعريش، يرى أن مدينة العريش كانت قبل اندلاع ثورة يناير، تتميز بانتعاشها السياحي، وكانت المقصد الأول لغالبية المصيفين، وهو الأمر الذي اختلف كليًا بعد الثورة بسبب الإرهاب، وتحولت إلى مدينة مهجورة من المصيفين أو السياح، معلقًا بقوله: "الناس جاية تصيف مش تموت".
يضيف الكاشف لـ"الوطن"، أن جو العريش الذي يتميز بنقاءه واعتداله، وشواطئها غير الملوثة، تمثل مادة خام، لإقامة منتجعات سياحية فاخرة، تمثل حجرًا للتنمية في شمال سيناء، غير أن الإرهاب الذي تعاني منه المحافظة الآن، يقف عائقًا أمام الانطلاق نحو التنمية، وهو نفس السبب الذي يمنع المصيفين من التوافد على المحافظة.