أحداث "بالتيمور" تكشف ازدواجية المعايير فى الإعلام الغربى
ما إن تندلع أى مظاهرات أو أعمال عنف فى أى دولة من دول العالم حتى تُسارع الدول الأوروبية، وعلى رأسها الولايات المتحدة الأمريكية، للتنديد بما يحدث للمتظاهرين، وتخرج جماعات حقوق الإنسان والمنظمات الدولية التابعة لهذه الدول لتشجب وتدين وتطالب بالتهدئة، لكن عندما يصل الأمر إليهم فى دولهم فجأة تسكت الأفواه وتتوقف الأقلام عن الكتابة، تطبيقاً للمقولة الشهيرة: «لا أرى.. لا أسمع.. لا أتكلم»، هذا هو ما حدث بالفعل فى الولايات المتحدة، فبعد أسبوع تقريباً من وفاة الشاب الأمريكى من أصول أفريقية فريدى جراى على أيدى ضابط شرطة وفى ظل اشتعال الاحتجاجات فى المدن الأمريكية، فإن «أياً من الحكومات الأوروبية لم تخرج لإدانة الحادث، ولم تتناول أى وسيلة إعلامية أوروبية العنف المتزايد من الشرطة الأمريكية ضد المتظاهرين، وهو ما يثبت مدى ازدواجية المعايير التى تتعامل بها وسائل الإعلام الغربية مع الأحداث فى الشرق الأوسط».[FirstQuote]
الأحداث الأخيرة وتغاضى وسائل الإعلام الغربية عن إدانة ما يحدث، دفعت صحيفة «واشنطن بوست» الأمريكية إلى نشر مقال هزلى بعنوان: «كيف كانت ستغطى وسائل الإعلام الغربية أحداث (بالتيمور) لو كانت فى أى مكان آخر؟». وقالت الصحيفة إنه «إذا كان ما يحدث فى (بالتيمور) وقع فى أى بلد آخر، فكانت وسائل الإعلام الأوروبية ستقوم بتغطية الحدث على النحو التالى: أعرب عدد من القادة الدوليين عن قلقهم البالغ إزاء تصاعد موجة العنصرية والعنف فى الولايات المتحدة الأمريكية، كما انتقد القادة الأسلوب الذى تُعامل به الأقليات العنصرية فى هذه الدولة، واتهم القادة قوات الأمن بالفساد واستخدام الوحشية فى التعامل مع المواطنين».
وأضافت الصحيفة، فى سياق سخريتها من ازدواجية المعايير الغربية: «كنا سنقرأ أيضاً عناوين من عينة: أعربت المملكة المتحدة عن قلقها مما وصلت إليه الأحداث والمظاهرات خلال الأشهر القليلة الماضية.
وواصلت «واشنطن بوست» سخريتها من ازدواجية المعايير، قائلة: «الحكومة الفلسطينية أيضاً عرضت المساعدة على أمريكا التى تشهد المظاهرات وتشمل هذه المساعدات إرسال مساعدات إنسانية عاجلة للناشطين الأمريكيين، بالإضافة إلى إرسال مجموعات مكافحة (الغاز المسيل للدموع) للمتظاهرين، فيما أعلنت جماعات مؤيدة للتجربة المصرية فى تطبيق الديمقراطية أنه (يمكننا تقاسم تجربتنا فى الديمقراطية مع أمريكا ومساعدتها على تطبيقها)».[SecondImage]
وقال بيان صادر عن الأمم المتحدة: «ندين العسكرة ووحشية الشرطة التى شهدناها فى الأشهر الأخيرة بأمريكا، ونحن نحث بشدة قوات الشرطة على إجراء تحقيق كامل فى وفاة فريدى جراى فى بالتيمور». وأضاف البيان: «لا يوجد أى مبرر لعنف الشرطة المفرط ضد المتظاهرين»، داعية الولايات المتحدة إلى بذل المزيد من الجهد لتقليل حوادث العنف من قِبل الشرطة الأمريكية، والعمل على تحسين الشفافية وخفض الفساد فى النظام القضائى الأمريكى، فيما توقع عدد من المحللين الدوليين ظهور ما يُسمى «الربيع الأمريكى».