أثارت مسلسلات رمضان هذا العام حواراً واسعاً يبدأ من الأطفال ويصل إلى الطاعنين فى السن، مع تنوع الأفكار والآراء دون انتظار انتهاء المسلسل، هذه ظاهرة تثلج الصدور حيث استقطبت الشباب على وجه الخصوص إلى الإدلاء بآرائهم وانحيازاتهم إلى هذا المسلسل أو ذاك والإدلاء بآرائهم بصدد القضايا المطروحة، ومنها على سبيل المثال الجدل الدائر حول مسلسل الحشاشين بطولة النجم كريم عبدالعزيز الذى تأكدت موهبته الفذة منذ طفولته، ومع كل عمل جديد له تزداد شعبيته، والكاتب كمال عبدالرحيم نال إعجاب واحترام النقاد والمشاهدين وسجل نقطة مهمة فى مسيرة المخرج بيتر ميمى الفنية التى حفرت مكانته الرفيعة فى مشواره الفنى.
الجدل الدائر عن الحشاشين فى غاية الإيجابية، فهو يحفز على البحث التاريخى فى الوقت الذى يلقى فيه الضوء على جماعات الفتنة بدعوى الدين الإسلامى الحنيف وهو منها براء.. والأمر البالغ الأهمية أن المسلسل حقق توعية أكيدة ودفع الشباب إلى مراجعة «المسلمات» التى رسختها جماعات الشر فى أذهانهم.. ومن المسلسلات التى أثارت حواراً بالغ الدلالة، مسلسل «إمبراطورية م»، لا سيما الحلقة التى جرت فيها الانتخابات، ورضخ الأب الذى جسده النجم الكبير خالد النبوى لإرادة أطفاله واختيارهم لشقيقهم الذى جسده ببراعة نور النبوى والذى ينتظره مستقبل جميل فى مجال الفن، وكذلك أظهر المسلسل موهبة ممتازة، هى إلهام صفى الدين التى قصت شعرها فى مشاهد لن ينساها الجمهور، هذه الحلقة تدعو إلى احترام إرادة الناخب والقبول باختياره لولى الأمر.. كان فى ذلك درس ديمقراطى يرسخ الوعى بأهمية الانتخابات التى تضمن العمل وفق إرادة الناخبين.
وتحضرنى قصة طريفة لى مع النجم خالد النبوى، فقد كنت أتابع مسلسلاً فى بدايات خالد واستوقفنى أداؤه المذهل وتعبيرات وجهه المقنعة بقوة، وأخذت أبحث حتى عرفت اسمه، وتصادف أن كان المخرج الراحل الكبير يوسف شاهين فى مسكننا الباريسى وعبّرت له عن إعجابى الشديد بالممثل الشاب خالد النبوى وأدائه الفنى المقنع وهو فى خطواته الأولى، استمع لى يوسف ولم يعلق ولكن لدى زيارتى للقاهرة فى تسعينات القرن الماضى، كنت أحضر عرضاً لأحد أفلام يوسف شاهين لا أتذكر اسمه للأسف، وشاهدت خالد فى مدخل السينما، واتجهت إليه أعبر عن إعجابى، فضحك وأخبرنى أن يوسف شاهين نقل له حوارنا عنه.. وأشعر بسعادة شديدة كلما شاهدت عملاً جديداً لخالد، كما تكون سعادتى غامرة لدى قراءة آراء النقاد لأعماله وذلك على أساس أنى كنت من أوائل الذين استشرفوا موهبته المبهرة..
لقد فتحت مسلسلات رمضان آفاق المناقشات المفيدة والمثمرة وأزاحت افتراءات ومحاولات تشويه الوعى الجماعى وخاصة الشباب عبر السوشيال ميديا إلى الدرك الأسفل.. من الطبيعى ألا يستطيع أحد متابعة جميع المسلسلات ولكن كلٌ يمنّى نفسه بمشاهدة ما فاته فى الأيام القادمة بشغف شديد ومنها، «صدفة وصيد العقارب».. وغيرها، وإن كان من أهم ما ينتظره الجمهور مسلسل «مليحة» الذى يعالج القضية الفلسطينية التى تعتبرها مصر قضية القضايا.