"أم صالح" ذات الـ 92 عاما تحكي عن النكبة: فلسطين كانت جنة.. ونفسي أعود
كل يوم تعيش ذكريات النكبة والتهجير ومشاهد الخوف من ممارسات العصابات الصهيونية وترويها لأبنائها وأحفادها باستمرار، وهذه الروايات لا تقتصر فقط وتُختصر في ذكرى النكبة بل دائمًا تتحدث عن أيام عز البلاد والحياة البسيطة وراحة البال والسعادة والعادات والتقاليد التي كانت سائدة في وادي الحوارث.
الحاجة يسرا السروجي، أو كما يناديها الشباب الفلسطيني بـ"أم صالح"، والتي تم تهجيرها وعائلتها من وادي الحوارث، عندما كان عمرها 25 عامًا وهي تبلغ الآن 92 عامًا، روت لـ"الوطن" المأساة التي عايشتها أثناء النكبة الفلسطينية.
تقول "أم صالح" إن العصابات الصهيونية دخلت وادي الحوارث في ساعات متأخرة من الليل، وأطلقت الرصاص تجاه الساحات ومنازل المواطنين وحتى في الخلاء، حيث انتشر الخوف والهلع بين صفوف المواطنين الآمنين في منازلهم وعند الساعة الثانية ظهرًا من صباح اليوم الثاني ونتيجة الشائعات والخوف السائد وممارسات العصابات والاحتلال، اضطر الأهالي للخروج وعيش حياة التشتت والخوف، حيث هربت وأبناؤها الخمسة حتى وصلت إلى الجبال وبالخلاء في انتظار العودة إلى البلاد، حيث مكثت هناك عدة شهور إلى أن تمكنوا من الخروج نحو ذنابة وأكتابا ومن ثم سكنوا المخيم بعد أن سلموهم كارت المؤن ولم يعرفوا ماذا يعني كارت المؤن إلا بعد سنة، حيث شعروا بالألم والحزن لأن هذا الكارت يعني بطاقة لاجئ وأنهم لن يعودوا لمنازلهم وأراضيهم، مشيرة إلى أنها حزنت حينما أعطوها الكارت وأطلقوا عليهم "لاجئين" وثبتوهم بالمخيم.
وتضيف أم صالح: "عند خروجنا من البلد ونحن بالطريق وصلنا خبر استشهاد أم إبراهيم السروجي اللي كانت تستقل السيارة وهاربة من ممارسات العصابات الصهيونية (الهاجانا) مع اثنتين من النساء ورجل والسائق ولا أعلم أسماءهم وكنا هاربين من الخوف وحالنا لا يعلمه سوى الله ولا نعلم مصيرنا عندما سمعنا الخبر، الوضع كان لا يحتمل وخبر استشهادها جعلنا نعيش حالة خوف وذعر كانوا يهدمون البيوت وطيران الاحتلال الإسرائيلي يقصف كل المواقع، ولم نستطع الوصول إلى أمي".
وعن عملية التهجير تقول الحاجة أم صالح إنها لم تكن سهلة ولم يخرج أحد من البلدة بإرادته، ولكننا خرجنا من الخوف الذي بسببه هربنا ولم نأخذ معنا سوى المفتاح وحتى اليوم أنتظر العودة.
وتؤكد الحاجة أم صالح: "البلاد حزينة اليوم، ونحن لا ننساها حتى الآن ولم يعد بعمري سنوات أخرى، وكل ما أحلم به أن أعود وأشم رائحتها، وأرجع لأيام العز يا ليت تعود هذه الأيام ويرحل الاحتلال وأتنفس هواء وادي الحوارث والله بلادنا جنة، يا رب أنا أريد أن أرجع على بيتنا بوادي الحوارث و أمشي بمحيط منزلي وأعود أنا وأولادي للأرض التي كنا نزرعها بالخيرات ونربى فيها الدواب والخير".