"أزمة الدولار" تدفع السيارات إلى "السوق السوداء"
فى ظل أزمة عدم توفير «الدولار» للوكلاء أو لمصانع تجميع السيارات فى مصر، للاستيراد بعد قرارات البنك المركزى لضبط أسعار العملات، خصوصاً الدولار، ارتفعت أسعار السيارات فى السوق المصرية بشكل كبير خلال الفترة الماضية، وعادت ظاهرة بيع بعض الطرازات التى تشهد إقبالاً، أو التى لا تشهد إقبالاً من جانب العملاء، بأسعار مبالغ فيها، بعيداً عن السعر الرسمى، لتتفشى ظاهرة السوق السوداء، وهذا ما عانى منه المستهلك المصرى فى الفترات الماضية كثيراً لعدم وجود رقابة حقيقية أو قرارات حكومية تحميه من زيادة الأسعار، وهو ما يستغله بعض التجار فى تحقيق مكاسب طائلة من بيع العدد القليل من السيارات بأسعار مبالغ فيها، لتعويض الخسائر ووقف الحال الذى يشكون منه.
ويرجع بعض الخبراء والمتابعين لقطاع السيارات انتشار ظاهرة بيع السيارات فى السوق السوداء إلى نقص المعروض من السيارات وزيادة حجم الطلب عليها، بسبب عدم توافر الدولار للوكلاء لاستيراد الطرازات والماركات المختلفة أو توفيره لمصانع تجميع السيارات لاستيراد المكونات، مما دفع العديد من الموزّعين والتجار إلى بيع بعض الطرازات بأسعار أعلى من المقررة رسمياً وصلت أحياناً إلى 40 ألف جنيه، كما أن الوكلاء أنفسهم بدأوا يرفعون الأسعار أيضاً لتحقيق مكاسب تعوض قلة السيارات التى لديهم، وهو ما صنع حالة من الارتباك لدى الشركات فى خططهم لاستيراد السيارات، كما صنعت هذه الأزمة تحفّظات من الشركات الأم على حجم التعامل بينها وبين وكيلها فى مصر، فكل الخطط التى لدى الوكلاء والشركات تغيّرت تماماً فى ظل هذه الأزمة، فيما حذّر الخبراء من أزمة كبيرة فى مصانع تجميع السيارات بقدوم الشهر المقبل، فى حالة عدم حل هذه الأزمة وتوفير العملة الصعبة لفتح الاستيراد للمكونات، واللجوء إلى الإغلاق وتسريح العمال والموظفين، وستعانى أيضاً سوق السيارات من عدم توافر الكثير من الطرازات فى السوق المصرية وستزداد المشكلة تعقيداً. من جانب آخر، يؤكد البعض أنه من المفترض من الوكلاء فى مصر أنهم لا يقومون بتسعير السيارات وفقاً لأهوائهم الخاصة، ولكن وفق خطط واستراتيجيات وسياسات تسعيرية تُراعى فيها الطرازات المنافسة ووفق معايير صارمة من الشركة الأم، والارتباط بالسعر العالمى للسيارة على مستوى العالم كمنطقة حرة دون جمارك، وما يزيد على ذلك يكون متمثلاً فى ضريبة المبيعات والرسوم الجمركية والموارد وهامش الربح، الذى يكون متعارفاً عليه من قبَل الشركة الأم، الذى يختلف من سوق إلى أخرى، حسب المنافسة.
وفى الوقت نفسه، أعلن مجلس معلومات سوق السيارات «أميك» منذ أيام قليلة عن زيادة فى مبيعات السيارات بشكل عام خلال شهر مارس الماضى، وهو ما يشكك فى صحته كثير من الخبراء والتجار، مؤكدين أنه فى مثل هذه الأزمات والأوضاع غير المستقرة لا يمكن بأى حال من الأحوال أن ترتفع المبيعات لعوامل كثيرة، أهمها ارتفاع أسعار السيارات بسبب قلة المعروض، وهو ما يؤثر على المستهلك فى اتخاذ قراره بشراء سيارة جديدة، وفى النهاية الذى يدفع فاتورة الاستغلال وجشع التجار هو المستهلك الذى يجد نفسه مضطراً فى أغلب الأحيان إلى شراء السيارة التى يرغب فيها، خوفاً من ارتفاع الأسعار أكثر من ذلك فى ظل عدم حل الأزمة وتوفير العملة الصعبة. ومن المفارقات الغريبة فى السوق المصرية للسيارات، أنه بعد طرح الوكيل سيارة جديدة بسعر مناسب فى بداية الأمر ثم بعد مرور أقل من أسبوع من طرح السيارة، يقوم بزيادة السعر الرسمى ويفتح باب الحجز لمدد تصل من 3 أشهر إلى عام فى بعض الطرازات، فيجد العميل نفسه فى نهاية طابور انتظار لمدد طويلة، ومن هنا يضطر إلى شراء سيارته وتسلمها فى الحال بزيادة تتراوح بين 5 آلاف و35 ألف جنيه عن السعر الرسمى، وهذا ما يستغله التجار ويصبح المستهلك هو ضحية عدم توفير الدولار أو العملة الصعبة للوكلاء والمصانع لاستيراد الكمية المناسبة من السيارات التى تحتاجها السوق المصرية، فيما قال عدد من أصحاب التوكيلات والشركات إنه يجب على الحكومة الإسراع وحل تلك الأزمة سريعاً وتوفير العملة الصعبة وفتح الاعتمادات البنكية للسماح باستيراد السيارات والمكونات لإعادة السوق إلى حالتها الطبيعية.