خبراء: فرض ضرائب على "أكل الغلابة" كارثة.. و"ناصر" اهتم بعربات الفول
خبراء: فرض ضرائب على "أكل الغلابة" كارثة.. و"ناصر" اهتم بعربات الفول
مواطنون
"فرض ضرائب على محال الفول والطعمية وعربيات الأكل"، خبر انتشر كالنار في الهشيم، على مواقع التواصل الاجتماعي ووسائل الإعلام المختلفة، أعقبته حالة من الغضب سادت الأهالي وبائعي الأطعمة من أصحاب المحال وملاك "عربات الأكل"، وهو ما دفع رئيس مصلحة الضرائب للخروج بتصريحات تفيد بعدم فرض تلك الضرائب كونها أعباءً جديدة على المواطنين.
"غلاء الأسعار" هي أبرز شكاوى البائعين وأصحاب عربات الأكل، خلال حديث "الوطن" مع عدد كبير منهم، حيث أكدوا أن كل السلع المهمة للفقراء تعرضت لنوبة حادة من الغلاء، وأنه لا توجد أي مجهودات تذكر في سبيل ضبط أسعارها خلال الفترة الأخيرة.
"الوطن" استطلعت آراء خبراء في مدى تأثير قرار فرض الضرائب على أصحاب محال وعربات الأكل حيال قدوم الحكومة عليه، وأسباب ارتفاع الأسعار بشكل حاد، حيث قال الدكتور رشاد عبده، رئيس المنتدى المصري للدراسات الاقتصادية، إن تفكير الحكومة في فرض ضرائب على "عربات الأكل" المنتشرة في الشارع، يدل على غياب الرؤية بشكل تام عن مصلحة الضرائب، وعدم وجود ما يسمى بعملية تحديد الأولويات، مشددًا على أن الحكومة لا بد وأن تفكر أولًا في الرقابة الصحية على المنتجات التي تصل للمواطنين من خلال "عربات الأكل"، وأن تهتم بصحة المواطن المصري ومقاومة الأمراض الخطيرة التي قد يكون سببها تلك الوجبات التي يتم تناولها، قبل التفكير في عملية فرض ضرائب على البائعين.
وأضاف عبده لـ"الوطن"، أنه لا يمكن بأي حال من الأحوال فرض ضريبة على بائع يقف بـ"عربة أكل" في الشارع، لأن فرض الضرائب يستوجب عملية تقنين أوضاع تلك العربات، ووجود ميزانية ثابتة لها، وتحديد نسب المكسب والخسارة لهذه العربات، وهو أمر مستحيل، لأنه لا يمكن تقنين أوضاع آلاف العربات المنتشرة في كل مكان، لأن الحكومة لا يوجد لديها في الأساس أي إحصاء لعربات الأكل على مستوى الجمهورية.
ظاهرة ارتفاع الأسعار بشكل ملفت للنظر أرجعها الخبير الاقتصادي لعدم وجود خطة حقيقية للحكومة لمحاربتها، موضحًا أن تبريرات الحكومة لتلك الظاهرة بارتفاع نسب الاستهلاك عن القدرة الإنتاجية هو أمر غير مقبول، لأن معدل التضخم في مصر يرتفع بنسبة كبيرة عن دول أخرى تعد أغنى وأكثر في عدد السكان من مصر، مرجعًا الأسباب الحقيقية لارتفاع الأسعار إلى فشل الحكومة في خلق رقابة حقيقية على التجار الذين يتحكمون في أسعار العديد من السلع دون أي محاولة من الحكومة للتدخل.
وأشار عبده إلى أن هناك دراسات عديدة وحلولًا مقترحة لمواجهة عملية ارتفاع الأسعار، أبرزها مواجهة الحكومة لظاهرة مغالاة التجار التابعين للقطاع الخاص في أسعار السلع، وذلك عن طريق الدفع بذات السلع التي يبيعها هؤلاء التجار، عبر جمعيات ومعارض في جميع المحافظات، وتوفر فيها كل السلع المهمة بالنسبة للمواطنين، وتقوم بتحديد هامش ربح لا يزيد عن نسبة 20%، فيتسنى للمواطن بدوره ألا يشتري من التجار الذين يغالون في الأسعار، فيتم إجبار هؤلاء التجار على أن يخفضوا من أسعارهم لوجود منافس متمثل في الحكومة يفوت عليهم فرصة استغلال المواطنين.
محمود العسقلاني، منسق حركة "مواطنون ضد الغلاء"، اعتبر مجرد التلويح بفرض ضرائب على أصحاب "عربات الأكل" في الشارع، هو تمادٍ في غياب العدالة الضريبية التي تعكس عدم تحقيق العدالة الاجتماعية، مؤكدًا أن كل الفقراء بما فيهم البائعون في الشارع طالتهم الضرائب بشكل أو بآخر، لأن "بائعة الفجل" على سبيل المثال تدفع ضرائب غير مباشرة عن طريق التكاليف التي يضيفها "بائع الخضراوات" بسبب ضريبة المبيعات التي يدفعها.
العسقلاني أكد لـ"الوطن"، أن الحكومة لا يجب أن تواجه عجز الموازنة العامة بفرض أعباء إضافية على "الغلابة"، بل تسحب الدعم الذي يصل لأغنياء لا يحتاجونه، مشددًا على أن نسبة 70% من دعم الطاقة يصل إلى أصحاب المصانع الذين لن يتأثروا برفع الدعم عنهم وإعطائه لفقراء يبحثون عن أرزاقهم بـ"اليومية".
"عبد الناصر كان بيطلب من المخابرات إنهم يدولوا تقارير عن عربيات الفول ونسبة الإقبال عليها"، تلك مقارنة وضعها منسق حركة "مواطنون ضد الغلاء"، بين تسهيلات كان يعطيها الرئيس جمال عبدالناصر لأصحاب "عربات الفول" وإدراكه بأهمية تلك السلعة لـ"الغلابة"، وبين محاولات الحكومة الحالية أن تصعب ظروفهم، وتابع: "لو كان الأمر بيدي لأصدرت قرارًا بدعم الخبز الذاهب لأصحاب عربيات الفول، عشان يبيعوه للغلابة بأسعار رخيصة".
بحسب العسقلاني، فإن هناك محاولات واضحة لإتاحة العديد من الأسواق والتوسع في إنشاء المنافذ المتحركة والثابتة، بما يكفل وصول السلع المهمة إلى "الغلابة" بأسعار أقل 30% من السوق، إلا أنها لا بد وأن تضع سقفًا للأرباح لا يتجاوزه التاجر أو المنتج أو أي حلقة من حلقات التوزيع بما لا يهدر حقوق المستهلك، على أن يكون ذلك السقف بنسبة 25% على الأكثر.
منسق "مواطنون ضد الغلاء"، أوضح- في الوقت نفسه، أن محاولات الدولة الحالية لم تصل إلى المناطق الشعبية وأحياء الفقراء، مرجعًا ذلك لأن كارثة الغلاء مستشرية في الدولة، وأن غلاء الأسعار عملية أقوى من إمكانيات الحكومة الحالية التي تحاول أن تخرج بالناس من أزماتهم ولم تستطع تحقيق ذلك بالكامل حتى الآن.