بكري: بيان طنطاوي بتنفيذ مطالب الشعب للتهدئة وليس للانقلاب على مبارك
قال بكرى فى الحلقة الثانية من كتابه «لغز المشير» (تحت الطبع)، إنه بعد خطاب «مبارك»، أشعل الإخوان الاحتجاجات مرة أخرى، وراحوا يهتفون ويطالبون «مبارك» بالرحيل، لقد استطاعوا حشد الجميع خلفهم، وأصبح الميدان بأيديهم كاملاً، نظموا أنفسهم وأصبحوا على قناعة تامة، أن بقاء «مبارك» يعنى تصفية وجودهم التنظيمى والقبض عليهم جميعاً، ومحاسبتهم على جرائمهم التى كانت ملامحها قد بدأت فى الظهور تدريجياً.
مارس الإخوان ضغوطهم على وائل غنيم الناشط السياسى، الذى لعب دوراً فى إثارة الجماهير وتحريضها من خلال موقع «كلنا خالد سعيد»، فقد أدلى بتصريحات يؤيد فيها نقل اختصاصات الرئيس إلى عمر سليمان، إلا أنه سرعان ما تراجع عنها بعد الهجوم الشديد الذى تعرّض له، وقال إن تصريحاته قد جرى تحريفها.
وبعد أن اشتعل ميدان التحرير بهتاف «ارحل»، قرر المجلس الأعلى للقوات المسلحة عقد جلسة أخرى فى تمام الثانية عشرة والنصف من بعد منتصف اليوم ذاته، وظل الاجتماع مستمراً حتى الثالثة والنصف فجراً.
وقد استعرض المجلس برئاسة المشير، الأوضاع فى البلاد بعد خطاب الرئيس مبارك، وكان الاتجاه الأغلب هو تأييد نقل الاختصاصات إلى نائب رئيس الجمهورية، دار نقاش طويل، وكان المشير من أنصار نقل السلطة سلمياً، لتجنيب البلاد مخاطر الفوضى والانهيار.
وعندما طرح البعض من أعضاء المجلس الموقف الجماهيرى الرافض مضمون هذا الخطاب، وحذّر من خطورة الزحف الجماهيرى الذى دعت إليه عناصر الإخوان إلى مبنى القصر الجمهورى ومحاصرة مؤسسات الدولة ومبانى الحكومة ومجلسى الشعب والشورى ومبنى الإذاعة والتليفزيون، كان الحل هو إصدار بيان يتعهد فيه الجيش بضمان تنفيذ المطالب الشعبية المعلنة.
كان اللواء مراد موافى رئيس جهاز المخابرات العامة، قد أكد فى اتصال مع كل من عمر سليمان والمشير طنطاوى أن المعلومات التى لديه تؤكد احتمال وقوع صدامات واسعة خلال زحف المتظاهرين إلى القصر الجمهورى حال عدم إقناعهم بالتراجع.
لقد ناقش أعضاء المجلس الأعلى مضمون هذا التقرير وخطورته، فى ضوء الرفض الشعبى، وتقرر عقد اجتماع آخر للمجلس فى العاشرة من صباح اليوم التالى الجمعة 11 فبراير، وفى ضوء المناقشات تقرر إصدار بيان للجماهير، لتحديد الموقف من المطالب الشعبية.
وفى الحادية عشرة وخمسين دقيقة، أصدر المجلس الأعلى للقوات المسلحة بياناً تعهد فيه بإجراء التعديلات الدستورية وإنهاء حالة الطوارئ بعد انتهاء الظروف الحالية والفصل فى الطعون الانتخابية، وإجراء انتخابات رئاسية حرة ونزيهة فى ضوء ما سيتقرر من تعديلات دستورية، على أن تضمن القوات المسلحة تنفيذ هذه الإجراءات فى التوقيتات المحدّدة.
لم يكن المشير طنطاوى يرغب فى الانقلاب على «مبارك»، بل كان يأمل فى تنفيذ المطالب الجماهيرية، وتهدئة الشارع بضمانة من الجيش المصرى، الذى أعلن عن انحيازه إلى هذه المطالب الشعبية منذ اليوم الأول.
كان المشير يعرف أن الإخوان هم الذين يقودون التظاهرات ويحرّضون على الصدام، وكان يدرك أن البلاد تتعرّض فى هذا الوقت لمؤامرة كبرى، أطرافها خارجية وداخلية، وأن الهدف ليس تغيير النظام، وإنما إسقاط الدولة. وكان ذلك مبنياً على معلومات سابقة أكدتها الأحداث الجارية.
لقد نشرت صفحة تُدعى «سلاح الجو المصرى» على موقع التواصل الاجتماعى «فيس بوك» فيديو للمشير طنطاوى القائد العام للقوات المسلحة، تحدث فيه بصراحة ووضوح عن الأعداء المتربّصين بالوطن من الداخل والخارج.
وقال المشير طنطاوى فى كلمة ألقاها وسط جنود وضباط القوات المسلحة قبيل ثورة 25 يناير بأسبوعين «إنه لا يهتم كثيراً بأعداء الخارج، لأنهم معروفون جيداً»، إلا أنه قال «إن المصيبة فى عملاء الداخل، لأن هؤلاء هم الأشد خطراً على مصر».
وقال المشير «إن الأحداث التى تشهدها المنطقة ليست صدفة، بل ينفذها عملاء وخونة من الداخل»، وأضاف «يجب ألا نيأس أبداً، لأننا نعرف أن عدو الداخل هو من يعمل لمصلحته ومصالح أعداء الوطن، وهو خائن وأخطر علينا من العدو الخارجى».