بالصور|في ذكرى ميلاد إسماعيل ياسين..مثقفون يدعون لعودة فن الزمن الجميل
شهد صالون الكاتبة أماني إبراهيم الثقافي، احتفالية لإحياء التراث في ذكرى ميلاد صاحب السعادة الراحل إسماعيل ياسين، مساء أمس، حملت عنوان "الفن ما بين الماضي والحاضر"، بحضور الفنان أحمد عبد الوارث، اللواء سلامة الجوهري، المنتجة أماني كامل، الكاتب الصحفي مجدي الدقاق، وصديق عائلة الراحل الدكتور وليد ابراهيم أستاذ بكلية الزراعة جامعة القاهرة، وعازف العود علي سليم، وعدد من محبي فن الراحل، بينما اعتذرت عائلته عن الحضور، وتسلم درع تكريمه أحد أصدقاء عائلته.
أعربت الكاتبة أماني إبراهيم، عن سعادتها بهذا الملتقى، لإحياء فن الزمن الجميل، قائلة: "أصبحنا اليوم في زمن الفن التجاري، الذي يهدف لتحقيق الربح".
وتحدث صديق عائلة الراحل، الدكتور وليد إبراهيم أستاذ بكلية الزراعة جامعة القاهرة، قائلا: "خرج إسماعيل ياسين من أسرة متوسطة الحال بمدينة السويس، وكان والده جواهرجي تعرض للإفلاس، وترك ياسين السويس وجاء إلى القاهرة، في البداية عمل كاتب محامي وعمل في ظائف عديدة، والعجيب أنه كان يحلم بأن يصير مطربًا، وكان مثله الأعلى محمد عبدالوهاب، وتميز فن إسماعيل بالرقي وخفة الظل".
وأضاف إبراهيم، "دعونا نتفق أن القيم العليا ثلاثة (الخير والحق والجمال) فإذا نظرنا إلى القيمة الأخيرة وهي الجمال، ندرك أن تذوق الفن وجماله يأتي من خلال ثقافة بشرية، تصل إلى العين والأذن، فهي تألف الجمال كما تألف القبح، إذا اعتادت العين أن ترى الجمال تتكون ثقافة الجمال، وإذا اعتادت الأذن سماع الجمال فستتكون ثقافتنا".
وتابع "واقع الحال في مصر ساده القبح، وأذكر موقف دار بيني وبين الملحن محمد سلطان، الذي كان جاري، عن حضوره ندوة عن الفن والموسيقى في جامعة القاهرة، عندما كنت مسؤول عن النشاط الثقافي بالجامعة لمدة 17 عاما، كان رده (الولاد عندكوا ودانهم محشية زبالة)، ورفض بسبب أن الجيل الحالي لن يقدر قيمة ما يتفوه به".
وأوضح، "أم كلثوم جعلت الأميين يدندنوا بقصائد (القرصني، أحمد شوقي، هادى آدم، جورج جرداق وغيرهم)، هؤلاء الناس نطقوا بالفصحى، وتغنوا بها، بكل أسف اليوم أصبح البعض من طبقة المثقفين يرددوا أغاني هابطة وجمل موسيقية بشعة، وأغاني لا تعتمد سوى على جملة واحدة تتكرر مرات ومرات، في المقابل أن أم كلثوم كانت تحضر للأغنية الواحدة فيما يقرب من 9 أشهر".
وتابع، "أسمع اليوم من الشباب ألفاظ تدخل إلى أذني وكأنها طلقات رصاص، وخاصة البنات، لم نعد نعرف كيف نفرق بين الهزار والشتائم وأحمل ذلك على الفن الذي جعل الناس ترى الانحلال الأخلاقي شيء عادي".
من جانبه، قال الفنان أحمد عبدالوارث: "دعوني أتحدث بصدق، أنا زهقت ومليت من كثرة الجلوس في صالونات ثقافية دون جدوى واضحة، نفس الحوار نفس اعتراضنا على الفن الرديء، الآراء تختلف حسب ثقافتنا، ما الحل؟ هل سنخرج في كل مرة بدون أي شيء".
وأضاف عبدالوارث "نعي جميعا أن هناك فن رديء، الفكرة أن الفن والثقافة والإعلام لم تعرف الدولة والناس خطورتهم، لأنهم فعلا العمود الفقري والقوة الناعمة للدولة، لأن الفن يؤثر في كل مجالات الحياة مثل الاقتصاد والزراعة والسياحة في كل مجالات الحياة التي نعيشها".
وأوضح، "بما أن الفن له تأثير وخطورة، هل نعلم قيمة تأثير هذا الفن، لما يعرض مسلسل تلفزيوني في كل البيوت اسمه (ابن حلال) وابن يجلد ابوه ويحرقه، ماذا نعلم الأجيال؟ مهما أخطأ الأب لا يكون العقاب هكذا، كيف لا يوجد حتى اليوم وزير إعلام، هذه الجهة لا تقل أهمية عن وزارة الدفاع والتربية والتعليم، لابد من وجود وزير بشرط أن يكون لديه ثقافة، ويعيد مسارح الجامعة ومراكز الثقافة التي اختفت في كل المحافظات".
من ناحية أخرى، قالت المنتجة أماني كامل، "كانت أول تجربة لي إنتاج فيلم (أحلام عمرنا)، الذي حقق نجاحا كبيرا، واليوم نجد هبوط مفاجئ في الفن المصري، الذي كان يصدر فنه للعالم كله، وتعلمت منه الدول العربية التي تعتمد في اقتصادها على بيع إنتاج وبيع الأفلام وكذلك في أمريكا تصنع اليوم أفلام وتبيعها بالملايين".
وأضافت، "إسماعيل ياسين قدم كل أنواع الفن الجميل، وعمل حوالي 60 مسرحية، لكن للأسف مسحهم أحد العامليين بقطاع الإذاعة والتلفزيون بالخطأ، تراث كبير ذهب ولم يعد وهناك أيضا الأفلام المصرية القديمة التي احتكرتها شركة روتانا، لم نعد نقدر قيمة ما نملك من تراث، لابد أن يكون هناك مكتبة كبيرة للتراث الفني المصري القديم بجانب الاهتمام بصناعة السينما".
وتابعت، "أنا كمنتجة أدعو لصناعة فيلم جيد، لكن لابد أن يكون هناك حماية من الدولة، لأن التكنولوجيا الحديثة تسببت في أضرار وخسائر، مثلما قدمت تسهيلات ومنافع، يجب حماية الإنتاج للحفاظ على المنتج من سرقة مادته وتسريبها في الأسواق".
وبدأ الكاتب الصحفي مجدي الدقاق، حديثه بترديد بعض عبارات كوكب الشرق أم كلثوم، التي اتخذ منها الناس بابًا للتفاؤل وصناعة البهجة، ومنها "الله محبة، للصبر حدود"، قائلا: "هذا الفن الذي صنع وجدان المصريين وعلمهم الحب، وجعل المجتمع محترم".
وأضاف، "كل الحروب التي تخطتها مصر كانت بفضل فنها المبدع، الذي أدى دورًا محفزًا في معارك مصر القوية، وسمعنا عند حفر قناة السويس (حفرها جدودها عيسى وعويس)، جيلنا تعلم أن الوطن (أحمد وجرجس)، وأن من ضحي في سبيل هذا الوطن (أحمد وحنا)، وليس واحدا من دون الآخر، وحده هذا النسيج الذي صنع الوطن".
وأوضح، "كل هذا الوجدان الذي صنع في عقول المصريين، لم يجعل للتحرش مكان بيننا، ولم تكن المرأة درجة ثانية، كان هناك مجتمع محب للحب ومحب للوطن، كان هناك أغاني تعكس ثقافة شعبنا، والأغاني الوطنية التي كانت وقودا للنصر، فالغناء المصري كان تعبيرا عن النهضة الفنية".