بيشتغل فى الجبس بـ"2 جنيه" فى اليوم: إجازة سعيدة يا "زياد"
انتهى العام الدراسى ولكن ما زال «زياد»، 8 سنوات، يستيقظ مبكراً، يرتدى ملابسه ويفطر ببضع لقيمات تسد رمقه، وينطلق إلى الشارع متوجهاً إلى عمله، يمر فى طريقه من منزله بمصر القديمة إلى الورشة التى يعمل فيها، بأطفال فى مثل عمره يلعبون الكرة، لا يلتفت إليهم ويواصل السير حتى يصل إلى ورشته.
يعمل «زياد» فى ورشة خاصة بتركيبات الجبس، لم يعرف الراحة يوماً لا خلال الدراسة ولا بعدها، لا يحلم مثل أقرانه بأن يصبح طبيباً أو مهندساً أو مدرساً، فالحياة فرضت عليه رأيها قبل أن يكون من حقه الاختيار، فاضطر وهو تلميذ فى الصف الثالث الابتدائى إلى التخلى عن براءته طوعاً والعمل من أجل يومية لا تتجاوز الجنيهين. «بشتغل فى تركيبات الجبس عشان لما أكبر أبقى عارف صنعة كويسة، نفسى أبقى أسطى كبير زى خالى منصور، أنا كبير مش صغير وبحب أشتغل»، يقولها «زياد» ببراءة شديدة، بينما اتسخت يداه بالجبس الذى أنهكه طوال اليوم. يشعر من يتحدث إلى «زياد» بالحكمة فى كلماته رغم سنه الصغيرة، بينما يسعى هو بكل جهده إلى توصيل رسالة بأنه بالفعل لم يعد طفلاً، فيرفض الاعتراف بالألم الذى يشعر به فى يديه بسبب العمل، أو حاجته إلى النوم التى تبدو واضحة للعيان فى عينيه الحمراوين: «ساعات أصحابى فى الشارع بيقولوا لى انزل معانا، لكن أنا برفض وبجرى على الورشة، نفسى أبقى حاجة وأتعلم صنعة، وبحب الشغل أكتر من اللعب».
من أجل يومية زهيدة يقف «زياد» يومياً إلى جانب خاله منصور معوض يختلس النظر إلى طريقته فى العمل، يقلد كل ما يقوم به، متمنياً أن يكون مثله فى أحد الأيام، فالحياة لم تمنحه الرفاهية لتمنى شىء آخر حتى لو تسبب ذلك فى ضياع طفولته، يصف عمله: «بصب الجبس، بروق الورشة، بظبط كل حاجة، بصنفر وأركب وبحاول أتعلم كل حاجة».