عام على صعود «داعش».. وهزيمة الحضارة
قبل عام كامل، انطلق ما يسمى تنظيم الدولة الإسلامية فى العراق والشام، الذى اختصر فيما بعد إلى «داعش»، وشهدت المنطقة أحداثاً غير متوقعة، استفحل الإرهاب إلى حد أن آلاف الغارات لم تعد تجدى نفعاً فى مواجهة تنظيم واحد استطاع أن يتمدد شرقاً وغرباً كما يحلو له.. باتت حدود سوريا والعراق مفتوحة وكأنها دولة واحدة جديدة نشأت بين الدولتين. معارك عنيفة راح ضحيتها الآلاف وغارات تسببت فى أضرار للمدنيين أكثر مما سببته للإرهابيين، فباتت الحقائق كلها تؤدى إلى النتيجة نفسها: «فشل العالم فى مواجهة أخطر تهديد إرهابى». رغم الاتهامات التى أحاطت بالولايات المتحدة ودول أوروبا بكونها العامل الرئيسى فى ظهور تنظيم «داعش» بسبب الانتهاكات التى ارتكبتها بحق المعتقلين بعد غزو العراق، فإن «واشنطن» حاولت حفظ ماء وجهها من خلال إعلان تأسيس التحالف الدولى، بحجة أنه يهدف إلى القضاء على التنظيم دون تورط الدول فى إرسال جنودها على الأرض حتى لا تتكرر أخطاء غزو العراق، ولكن سرعان ما تبددت آمال القضاء على التنظيم، فالمراقبون الغربيون أنفسهم يعترفون أن الغرب ليس جاداً فى القضاء على التنظيم وإنما يهدف «سياسياً» إلى حفظ ماء وجهه بعد أن تسبب فى أكبر فوضى عرفها التاريخ فى الشرق الأوسط، ومن ناحية أخرى لم يعد من مصلحة الغرب إنهاء الصراع فى المنطقة أملاً فى منع المقاتلين الأجانب الذين انضموا إلى التنظيمات الإرهابية من العودة إلى بلدانهم الأصلية. بعد مرور عام كامل، لم يعد هناك بارقة أمل واحدة تثبت أن الأوضاع ستنقلب فى المستقبل القريب، فالتنظيم الإرهابى استطاع أن يرسخ أسس دولته المزعومة فى مواجهة الغرب الذى يدعى أنه يحقق الانتصارات، بينما الحقائق تثبت عكس ذلك.. فاليوم الواحد يكبد الغرب خسائر تتعدى 10 ملايين دولار بسبب الغارات الجوية، بينما يتربح التنظيم الإرهابى ما يقابل نفس المبلغ تقريباً من خلال بيع الآثار والنفط والجزية والضرائب التى يفرضها ضد المواطنين.