في شوارع بورسعيد: عطشان يا صبايا دلوني على «السبيل»
يحرص البسطاء من أهل بورسعيد على إقامة السبيل، خاصة فى شهر رمضان، ولا يهون ثمنه إلا على الفقراء والأحياء الشعبية، ويجمعون الأموال من فقراء الحى لبنائه بآلاف الجنيهات، ويختفى فى الأحياء الراقية التى يسكنها الأغنياء إلا من «كولمان» بسيط أيضاً يشارك فى ثمنه عمال المحلات الموجودة هناك.
يتجسد ذلك بوضوح فى بورسعيد، خاصة فى حى الزهور، تلك المنطقة الشعبية التى تجمع بين الفقراء، ومتوسطى الدخل. ففى منطقة الصفا والمروة يحكى وليد الدسوقى من سكان أهل الحى أن عدداً من شباب المنطقة اقترحوا عمل السبيل على الأهالى بدلاً من «الكولمان» فى شهر رمضان، وليكون موجوداً على مدار السنة ووافق الجميع، وأضاف: «جمعنا من كل شقة ومحل ما يستطيعون دفعه إلى أن وصل المبلغ إلى 30 ألف جنيه على عدة أشهر وبدأنا بإنشاء السبيل تدريجياً ووصل لهذا الشكل».
واستكملت الحاجة «فاطمة الزينى» التى تقطن بالمنطقة: «جارة لى تبرعت ببرواز عليه آيات قرآنية لوضعه على حائط السبيل، واستكمل المسئولون عن إنشاء السبيل من سكان الحى بوضع لوحات أخرى عليه ليظهر فى شكل جمالى وفى نفس الوقت يروى عطش المارة»، وتضيف: «السبيل أيضاً يحل أزمة المياه لسكان الأدوار العليا بالحصول على مياه منه، حيث لا تصل إليهم وقت الذروة ولا يستطيعون تركيب مواتير سحب ويوفر عليهم السبيل الشجار مع الجيران لإغلاق الصنبور فى الأدوار السفلى».
وفى منطقة عمر بن عبدالعزيز، قال «سيد الكومى» صاحب مقهى، إن كل منطقة بحى الزهور بها سبيل، تختلف تكلفته حسب حجم تبرعات أهل الحى له ويعملون على تطويره باستمرار، وأضاف: «بدأ عدد من جيراننا بوضع «كولمان» ليشرب منه المارة، لكنه لم يكف حاجة المواطنين، وفكرت مع 6 مع جيرانى من الشباب فى عمل السبيل وبالفعل كلفنا 20 ألف جنيه ورفض الصنايعية أخذ ثمن أتعابهم لكن مع إصرارنا أخذوا مبالغ زهيدة، وأرفقنا بداخله «كولدير» للحصول على مياه مثلجة وعادية ليشرب منها المارة ونأخذ منه حسنات».
خالد عبدالله، أحد سكان حى عمر بن الخطاب، يقول: «يتراكم على كثير من سكان الحى إيجار المحافظة وفواتير الكهرباء ولكن فى فعل الخير يستقطعون من قوت يومهم ويشاركون فى بناء السبيل»، وأكد أن السبيل يستفيد منه الكثير فى الشرب والوضوء.
فى أحد شوارع حى الشرق وسكانه من الطبقة الراقية، يحكى محمد العربى، أحد الذين ساهموا فى عمل كولدير مياه صغير، أن وقت الذروة خاصة فى رمضان وقت الإفطار يحتاج كثير من المواطنين خاصة جنود الخدمة فى مبنى أمنى مجاور ماء للشرب، وقال أحمد رشيد يعمل بأحد محلات شارع الجمهورية: «تبرعت مع زملائى العاملين بمحلات للملابس الجاهزة، بشراء «كولمان» لنشرب منه مع المارة، وثمن الشقق والمحلات فى المنطقة لا تقل عن 3 ملايين جنيه ومع ذلك لم يفكر أحد من سكان المنطقة الأثرياء بالمساهمة معنا، بينما ينتشر السبيل بأفخم البناء فى أفقر الأحياء لأنها تهون على الفقير ولا تهون على الغنى». ويؤكد المهندس جمال الباشا، رئيس حى الزهور فى بورسعيد، أن السبيل هو ظاهرة غير حضارية وليست صحية، وبه نسبة تلوث ويسبب الأمراض للمواطنين ويمثل تعدياً على أملاك الدولة باستخدام الكهرباء دون تصريح، كما يسبب إذابة وإتلاف الأسفلت أسفله، ويشرح: «الحى لا يصدر أى تصريح لأى سبيل فى الشارع وقريباً سيصدر الحى قراراً إدارياً بإزالة الأسبلة التى توضع بشكل عشوائى ولضررها بالبيئة والمواطنين وبالدولة، وأزالت اثنين فى حى الزهور أمام سور مدرسة فاطمة الزهراء الابتدائية فى منطقة التعاونيات وآخر فى منطقة عمر بن الخطاب»، وتابع: «كثير من الأطفال داخل المحافظة ورجل فى حى الزهور فى منطقة على ابن أبى طالب ماتوا صعقاً بالكهرباء أثناء شربهم من السبيل، لأن القائمين على السبيل يحصلون على الكهرباء من أعمدة الإنارة دون الرجوع إلينا».