محمود رحمى.. مبدع "بوجى وطمطم"
وجهُ مربع، قمحى اللون، يعلوه شعر كثيف أسود، يتسلل إليه اللون الأبيض دون هوادة، يزين الوجه شارب عريض، ملامحه الشرقية تشبه ملامح أغلب المصريين، يقف وسط عرائسه مسروراً، ومفتخراً بما قدمه للجمهور المصرى على مدار عقدين من أعمال فنية خالدة. عالمه الافتراضى ومسلسله الأشهر «بوجى وطمطم»، الذى كان يعرض عقب الإفطار فى شهر رمضان، لا يزال حاضراً حتى الآن فى نفوس معظم المصريين الذين كانوا يتابعونه كل سنة، رغم مرور 14 عاماً على رحيل المخرج محمود رحمى، الذى لم يسره امتناع التليفزيون المصرى عن عرض مسلسله فى رمضان، فأصيب بوعكة صحية توفى على أثرها فى عام 2001.
شخصيات مسلسل العرائس «بوجى وطمطم» اختارها الفنان الراحل بعناية فائقة، وكان يضيف لها كل عام شخصية جديدة، يؤدى تعليقها الصوتى فنان مختلف، لكن يظل الفنان الراحل يونس شلبى «بوجى» والفنانة هالة فاخر «طمطم» من أبرز الشخصيات التى تم تقديمها فى المسلسل، يقوم «بوجى» بتنفيذ بعض الأعمال بشكل متسرع وأحياناً متهور، فيما تقوم طمطم بتقويم هذا التسرع بالاتزان والعقل، فكانت رمزاً للكمال والاتزان الأخلاقى، المسلسل الذى ألفه وأخرجه رحمى، كان له تأثير كبير على ثقافة الطفل المصرى والعربى، وقد حاز المسلسل على متابعة الصغار والكبار، حيث ارتبط بوجدان الطفل لسنوات طويلة فى ليالى شهر رمضان، وكان له الفضل فى ارتباط الطفل المصرى بعروسة مصرية خالصة من البيئة المصرية الأصيلة، مما كان له أكبر الأثر فى مواجهة الثقافات الغربية.
تم تصوير مسلسل «بوجى وطمطم» فى ثمانينات القرن العشرين، حيث كان أول إنتاج له عن السلوكيات وكان ذلك فى عام 1983، وتوالت الأجزاء بعد ذلك لتكون 18 جزءاً. وقدم المخرج الكبير مسلسلات «بوجى وطمطم فى رمضان» و«الفيل الجميل» و«محطة فلافيلو» و«حكايات مع بوجى وطمطم» و«الفانوس السحرى»، و«بوجى وطمطم»، و«أسرار جحا»، و«حبيبتى اسمها مصر» و«أولاد القمر» و«رشيد».
أدار المخرج الكبير عملاً مهماً شارك فيه عدد من الممثلين بجانب يونس شلبى وهاله فاخر، حيث قام الفنان رأفت فهيم بأداء دور «عم شكشك»، الذى كان يجلس فى الشباك فى بيته بالدور الأرضى وليس له هم سوى متابعة الناس، وأخبارهم هو ووالده «رضا الجمال»، كما شارك ماهر سليم بأداء دور «زيكا»، وسيد عزمى فى دور «زيكو» وإنعام سالوسة فى دورى «طنط شفيقة» و«مرمر»، وسلوى محمد على فى دور «زيزى». وشارك بعض الممثلين الآخرين بشخصياتهم الحقيقية مثل الفنان الراحل حسن مصطفى ومحمد الشرقاوى وعلاء مرسى.
قام المخرج الراحل بتصوير عدد من مسلسلات العرائس قبل خروج مسلسل بوجى وطمطم للنور على شاشة التليفزيون المصرى، حيث بدأ حياته الفنية منذ ستينات القرن الماضى، ورغم إنشاء عشرات القنوات العربية والمصرية، وإذاعة مئات البرامج والمسلسلات فى العقد الأخير، فإنه لم يتم محو الصورة الذهنية الإيجابية عن مسلسل بوجى وطمطم، ومخرجه ومؤلفه «رحمى» الذى كرمته الدولة وأطلقت اسمه على اسم الشارع الذى كان يقيم فيه بالقرب من شارع أحمد عرابى بالمهندسين تخليداً لذكراه.
وعلى خطى أبيه سار باسم رحمى، وحاول استعادة أمجاد والده، وقام بإخراج جزء جديد من تأليفه فى عام 2009، بأبطال جدد، وقام بدور «بوجى» الممثل الشاب محمد شاهين، بدلاً من الراحل يونس شلبى، كما قامت بدور «طمطم» إيمى سمير غانم بدلاً من هالة فاخر، وقد تم الاتفاق على تسمية الجزء الجديد من المسلسل «بوجى وطمطم والكنز المفقود»، وتم إهداء العمل لروح الفنان رحمى، وساعدت فوقية خفاجى، زوجة المخرج رحمى، نجلها فى إنجاز العمل، لأنها كانت تشارك زوجها فى إخراج حلقات بوجى وطمطم الأثيرة فى عصر المسلسل الذهبى فى ثمانينات وتسعينات القرن الماضى.