حرب اليمن في 1962 والتحالف العربي ضد الحوثي.. "التاريخ لا يعيد نفسه"
في 26 سبتمبر عام 1962، كانت الخطة التي وضعها المشير عبدالله السلال مع عدد من ضباط الجيش اليمني جاهزة للتنفيذ، للانقلاب على الإمام محمد البدر حميد الدين، وإعلان قيام الجمهورية اليمنية، لكن الأمر لم يكن بهذه السهولة، حيث كانت هذه الحركة التي عرفت بحرب اليمن أو ثورة 16 سبتمبر سببًا في دخول اليمن في صراع استمر حتى ثماني سنوات بين دعم السعودية للإمام، ودعم مصر بقيادة عبدالناصر للثورة من جهة أخرى.
بعد مرور عشرات السنين وعلى نفس البقعة، يتصارع طرفان على الحكم كما كان في 26 سبتمبر، إلا أن الظروف هذه المرة تغيَّرت، فجماعة الحوثي مدعومة بأنصار المخلوع علي عبدالله صالح تريد الانقلاب على الصندوق الذي جاء بعبدربه منصور هادي رئيسًا شرعيًا لليمن، بقوة السلاح، وهو الأمر الذي استدعى تدخلًا عربيًا بقيادة السعودية، لوقف المشروع الحوثي المدعوم من إيران للسيطرة على اليمن.
عدة اختلافات جذرية بين الحربين رغم وحدة المكان، وتشابه الظروف، يمكن تلخيصها عبر السطور التالية:
- طبيعة الأطراف المتصارعة على السلطة:
في ثورة 26 سبتمبر أو حرب اليمن عام 1962، كان الطرفان المتصارعان على السلطة هو الجيش الذي يسعى إلى تكرار تجربة ثورة 23 يوليو في مصر حيث تم تأسيس الضباط الأحرار برئاسة المشير عبدالله سلال ورفاقه، وبين الإمام محمد البدر الذي يحكم البلاد بقبضة من حديد واستشرى الفساد في نظام حكمه، حيث رفع الضباط اليمنيون نفس الشعارات التي رفعها الجيش المصري أثناء ثورة 23 يوليو.
لكن الأمر مختلف جذريًا الآن، ففي حرب اليمن الحالية التي تخوضها السعودية ضد الحوثيين، تحاول ميليشيات الحوثي والموالين للرئيس المخلوع علي عبدالله صالح من الجيش اليمني السيطرة على اليمن، والانقلاب على شرعية الصندوق الذي جاء بالرئيس عبدربه منصور هادي، كرئيس للجمهورية.
- اختلاف الدعم العربي والدولي للأطراف المتنازعة:
في حرب اليمن عام 1962 كانت المملكة العربية السعودية تدعم الإمام محمد البدر الذي فرَّ إليها بعد أن ضيَّق الجيش حصاره عليه، فيما كانت تدعم مصر وقتها الضباط الأحرار بقيادة المشير عبدالله سلال، وهو الأمر الذي اختلف اليوم حيث إن الدول العربية جميعًا بما فيهم مصر والسعودية تقف في وجه محاولات الحوثيين للسيطرة على اليمن بدعم من إيران.
- طبيعة المعارك:
أرسل الجيش المصري وقتها عشرات الآلاف من القوات، وبحسب بعض المؤرخين كان عدد الجنود وقتها 70 ألف جندي مصر للمشاركة في حرب اليمن، بجانب قوات المشير عبدالله سلال، في حين أن حرب اليمن الحالية لم يحدث فيها حتى الآن أي تدخل بري من أي دولة عربية، حيث تقوم قوات التحالف العربي بدعم المقاومة الشعبية عن طريق الغطاء الجوي وتكثيف الضربات الجوية على معاقل الحوثيين فقط.
- الأسلحة المستخدمة في الحربين:
في ثورة 26 سبتمبر كانت الأسلحة بدائية إذا ما قورنت بالأسلحة المستخدمة حاليًا في حرب اليمن، كانت لا تتجاوز قوات المدرعات، والدبابات وفرق القاذفات وقوات العمليات الخاصة التي دفع بها الرئيس المصري جمال عبدالناصر في حرب اليمن، في حين أن الأسلحة المستخدمة في الحرب الحالية الدائرة في اليمن عبارة عن طائرات تابعة لسلاح الجو السعودي بالإضافة إلى سلاح المدفعية.
- أهداف الأطراف المشاركة في الحربين:
كانت أهداف ثورة 26 سبتمبر التي أعلن عنها الجيش اليمني وقتها قريبة الشبه بتلك التي أعلن عنها الجيش المصري عقب ثورة 23 يوليو، متمثلة في التحرر من الاستبداد والاستعمار ومخلفاتهما وإقامة حكم جمهوري عادل، وبناء جيش وطني قوي لحماية البلاد، ورفع مستوى الشّعب اقتصادياً واجتماعياً وسياسياً وثقافياً، وهو الأمر الذي بسببه دعم جمال عبدالناصر الجيش اليمني.
أما الحرب الحالية فهدف جماعة الحوثي منها هي السيطرة على اليمن، بدعم من إيران التي تتربص بدول الخليج، في حين تهدف الدول العربية عبر تدخلها في هذه الحرب إلى الحفاظ على شرعية الرئيس المنتخب، ومنع التمدد الحوثي المدعوم من إيران في المنطقة.