"الوطن" تنشر دراسة بريطانية تكشف جذور الصراع "السني - الشيعي"
كشفت دراسة حديثة، لمجلس العلاقات الخارجية البريطانى، عن جذور الصراع السنى - الشيعى فى المنطقة، موضحة أنه يساهم فى إشعال جذوة النزاعات والفتن الطائفية فى الشرق الأوسط والدول المسلمة، وأشعل الحرب الأهلية السورية التى تهدد بتغيير خريطة الشرق الأوسط، وفتيل العنف فى العراق وسوريا، وخلق المشكلات والخلافات بين عدة دول من الخليج ذات العلاقات المضطربة، كما أعادت النزاعات الطائفية إحياء الجماعات التكفيرية فى المناطق البعيدة عن النزاع.
وتؤكد الدراسة أن حالة الغليان التى وصل إليها هذا الخلاف والتى بدأت منذ أربعة عشر قرناً، لا تفسر العوامل السياسية والاقتصادية والجيوستراتيجية التى أدت إلى هذه النزاعات، لكنها أصبحت إحدى الزوايا التى يمكن من خلالها محاولة فهم الاضطرابات الكامنة خلف تلك الصراعات، فقد قامت الدولتان المتنافستان على الريادة الإسلامية (المملكة السعودية السنية وإيران الشيعية) باستغلال الشرخ الطائفى لمصلحتهما، وعلى الأغلب ستحدد نتيجة هذا التنافس شكل التوازن السياسى الجديد بين السنة والشيعة ومستقبل المنطقة، خصوصاً فى سوريا والعراق ولبنان والبحرين.
ويرى القائمون على هذه الدراسة أنه بمحاذاة هذه الحرب القائمة بالوكالة، هناك أيضاً عشرات الآلاف من المسلحين الطائفيين فى المنطقة يمكنهم إشعال صراع أكبر، وبالرغم من جهود كثير من رجال الدين السنة والشيعة فى التشجيع على الحوار ونبذ العنف فى سبيل تخفيف الأحقاد، فإن العديد من الخبراء يخشون من أن يؤدى انقسام الإسلام إلى مزيد من العنف بما يهدد السلام والأمن العالميين.
وتوضح مواطن الخلاف، فى ظل أنها أكدت على أن المسلمين السنة والشيعة عاشوا جنباً إلى جنب بسلام على مدى قرون، يتزاوجون ويصلون معاً فى نفس المساجد، فى العديد من الدول، فهم يتشاركون فى إيمانهم بالقرآن وفى سنة سيدنا محمد وصلاتهم متشابهة، لكنهم يختلفون فى طقوسهم وفى فهمهم للفقه والقانون الإسلامى، وتصطبغ الهوية الشيعية بطابع الضحية بسبب قتل الحسين -فى القرن السابع- وبسبب تهميشها من قبل الأغلبية السنية، والإسلام السنى الذى يتبعه 85% من إجمالى 1.6 مليار مسلم ينظر إلى الإسلام الشيعى بعين الريبة، كما أن متطرفى السنة وسموا الشيعة بالارتداد والكفر.
وقسمت هذه الدراسة إلى 5 أجزاء، تحدثت عن منشأ الخلافات وتطورها ومواطن الاختلاف بين الطرفين والمتنازعين طائفياً وتأثير هذه الحرب الطائفية.
أما عن أصل الخلاف ومنشأه، فجاء سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم بالإسلام لشعب مكة فى عام 610، وعند وفاته فى عام 632 كان النبى محمد صلى الله عليه وسلم، قد فرض سيطرته على شبه جزيرة العرب، وبعد قرن من وفاته بنى أتباعه إمبراطورية امتدت من وسط آسيا إلى إسبانيا، لكن جدلاً حول الخلافة قسم المجتمع فقد حاجج البعض أن الخلافة يجب أن تكون للمؤهلين لها بينما نادى البعض الآخر بأن الأولوية هى لسلالة سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم.
ثم بايعت مجموعة من أوائل المسلمين رفيق الرسول أبا بكر كأول خليفة للمسلمين، رغم اعتراض أنصار على بن أبى طالب، ابن عم النبى وصهره، ومن هذين الطرفين المتناحرين فى الخلافة نشأ تيارا الإسلام الرئيسيان وهما السنة والشيعة، وأصل تسمية الشيعة يأتى من «شيعة على» أى أنصار على، يؤمن هذا الطرف بأن علياً وسلالته من أهل البيت يستحقون الخلافة، أما السنة (ومعناها الطريق أو السيرة أى متبعو سيرة محمد) فهم ضد توريث الخلافة لسلالة النبى.