م الآخر| في أغسطس يسطع النجم.. فلا داعي للحزن هذا الشهر
هلم نبدأ..
في البسملة انفجر نجمًا.. سطع نوره عاليًا فعرفه الجميع.. ظهر وشهده الجميع، وانبهروا به، ها هو نجم جديد لامع يضيء في سماء الكون، وقف عاليًا تراقبه الأعين والمنظارات بالفرح، فحين تنظر إلى النجوم تصغر همومك، ترى ضعف نفسك أما الأجرام، فتبتهج حمدا وتسبيحا.
تبدأ الرويات دائما، بميلاد بطل، إنما اليوم لن أبدأ معكم رواية بل شهرًا، ولن يولد بطلاً بل نجمًا، تنتظره شعوب البحر المتوسط للتخفيف من وطأة درجات الحرارة باقي العام، ليغير الفصول، ويجدد القلوب، ويبعث الأمل والراحة في النفوس.
قبل 27 مليون عاما، ولد نجمًا ليعلن للعالم ميلاد الأمل، والنور، وأن الكواكب والنجوم مازالوا يبعثون فينا السرور، ويؤكد أن أسرار الكون أعمق وأبعد مما نراه، على الرغم من أننا بالفعل نراه في شهر أغسطس من كل عام.
"سهيل" بحروفه الأربعة، يطل علينا في أغسطس، ليعلن بداية التغيير الفصلي، لربما هنا علينا أن نقف قليلاً فكما يتغير الجو ويطل علينا الفلك بأنوراه علينا أن نتمهل، ونغير ما مضى ليسطع فيا الأمل ثانيًا، ونضحك مع الفلك، ونحتفل مع السماء.
"الوسيم"، "اللامع"، "النبيل"، و"المجيد" أيضًا، هكذا معناه في اللغة، وأما في الفلك فالنجم "سهيل"، هو ألمع نجم في مجموعة النجوم المكونة لكوكبة "القاعدة" وثاني ألمع نجم في السماء ليلا بعد "الشعرى اليمانية"، طبقا لقائمة أشد النجوم سطوعا.
البعض منا ينتظر العام الجديد ليضع أهدافًا جديدة، والبعض منا ينتظر عيد ميلاده، ليقلب دفاتره وييقظ أحلامه الجميلة والبعض منا لا ينتظر شيئا سوى بعض الأمل، والبعض يغرق في فضاء اليأس، ومنا من ينتظر نقطة نور من داخله، ومنا من ينتظر الأقدار لتخبره وتجبره على التفاؤل، ويأتي أغسطس ليعلن أنه الأمل وسط الشهور بنجمه الأكبر والأسطع، فقد اترك عينيك يخبرانك بمدى روعته رغم بعده، استلق وانظر إلى ذلك البساط الأزرق الشاسع فوقك، وتأمل "النجم"، ودع نوره يتخلل إلى روحك لتشرق كما يشرق وسط النجوم.
(سهيل ) كوَجْنَةِ الحِبِّ في اللَّون *** وقلبِ المحبِّ في الخفقانِ، هكذا وصفه شاعر الفلاسفة وفليسوف الشعراء، أبو العلاء المعري منذ قرابة ألف عام، وكأنه ينبئنا بمدى حالمية ورمانسية هذا النجم، ومدى تأثير ظهوره علينا، وكأنه يخبرنا أن نجدد حبنا للحياة، أن نجدد الحب داخلنا، أن نقف مرة أخرى على ناصية التفاؤل، ونخطو في طريقنا بحب للحياة، أن نولد مع ظهوره، ونشرق من نوره، ونضيء من حولنا حبًا ورحمة.
لن أزعم أني أؤمن بالنجوم كمؤشر على أي شيء، وإنما أحب أنوار السماء، أبتهج بكل ما هو مشرق وسط الظلام، أتابع "النجوم"، وأعشق الضوء المنبعث من شهر أغسطس، أنتظر أي دلالة تجعل أتفاءل بها، رغم أني لن أتشاءم إن لم تظهر، ألتمس دعوات المحبة، أركض وراء النجوم مبتسمة أحمل كامل الإجلال لعظمة الخالق.