"الإخوان" يبررون قرار الترشح للرئاسة بالخوف من عودة الفلول
"الإخوان" يبررون قرار الترشح للرئاسة بالخوف من عودة الفلول
المعزول «مرسى» ومهندس «الإرهابية» خلال مؤتمر مرشحى الإخوان للرئاسة
«الوطن» تواصل نشر أخطر فصول كتاب مصطفى بكرى الجديد «لغز المشير»
فى الحلقة السابعة من كتابه المهم والخطير «لغز المشير»، الذى سيصدر قريباً عن «الدار المصرية اللبنانية للنشر»، يكشف الكاتب الصحفى مصطفى بكرى عن تفاصيل المباحثات التى جرت بين المجلس العسكرى وقادة الأحزاب الممثلة فى البرلمان وعدد من النواب المستقلين، للتوصل إلى اتفاق مقبول بشأن تشكيل الجمعية التأسيسية للدستور. ويرصد المؤلف الأسباب الحقيقية التى دعت الإخوان إلى الانقلاب على حكومة «الجنزورى» والضغط على المجلس العسكرى لإقالتها فوراً، وكذلك الإنذار الشهير الذى أعلنه رئيس مجلس الشعب من على شاشة قناة «الجزيرة» يمنح الحكومة مهلة أيام محدودة للاستقالة، وإلا فإن البرلمان سيلجأ إلى إقالتها. ويكشف الكاتب عن حقيقة تهديدات «الجنزورى» لـ«الكتاتنى» بحل مجلس الشعب وتفاصيل اللقاء الثلاثى الذى جرى فى سرية تامة بين «الجنزورى والكتاتنى» بحضور الفريق سامى عنان يوم الخميس 22 مارس.
عندما تولى محمد مرسى رئاسة الجمهورية رسمياً فى 30 يونيو 2102 حمَّل البعض المسئولية للمشير طنطاوى والمجلس العسكرى وأيضاً اللجنة العليا للانتخابات وتساءلوا: كيف يسمح له من الأساس بالترشح فى الانتخابات الرئاسية، وهو شخص كان مقبوضاً عليه فى قضية تخابر يوم 72 يناير 1102.
والحقيقة أن محمد مرسى بالفعل كان متورطاً فى قضية التخابر التى قيدت فيما بعد برقم 5292 لسنة 3102 كلى شرق القاهرة والتى أصدرت فيها محكمة جنايات القاهرة برئاسة المستشار شعبان الشامى حكماً تاريخياً ضده بالسجن المؤبد، كونه تخابر مع آخرين يعملون لمصلحة منظمة مقرها خارج البلاد للقيام بأعمال إرهابية داخل مصر وضد ممتلكاتها ومؤسساتها وموظفيها ومواطنيها بغرض إشاعة الفوضى وإسقاط الدولة المصرية وصولاً لاستيلاء جماعة الإخوان على الحكم بأن فتحوا قنوات اتصال مع جهات أجنبية رسمية وغير رسمية لكسب تأييدهم لذلك، وتلقوا تدريبات وقاموا بالتحالف والتنسيق مع منظمات جهادية بالداخل والخارج.
لقد صدر قرار القبض على «محمد مرسى» وآخرين الصادر فى 27 يناير 1102 بهدف التحقيق معه فى التسجيلات التى رصدت بينه وبين أحمد عبدالعاطى، مسئول التنظيم الدولى للإخوان فى تركيا فى هذا الوقت، وهى تسجيلات تكشف عن جريمة تخابر مع الأمريكان والأتراك والألمان وحماس والحرس الثورى الإيرانى وحزب الله وأطراف أخرى، بهدف إسقاط الدولة المصرية.
وفى 30 يناير كان قد تم الهجوم عبر عناصر أجنبية وإخوانية على سجن وادى النطرون بالقرب من مدينة الإسكندرية وتم الإفراج عن محمد مرسى وآخرين، ليبدأوا منذ هذا الوقت إعادة تنظيم صفوفهم، وتأسيس حزب الحرية والعدالة، الذراع السياسية لجماعة الإخوان، والذى ترأسه محمد مرسى منذ بداية تأسيسه فى أبريل 1102، وقد ظل «مرسى» يتولى رئاسة هذا الحزب حتى قيامه بالترشح لانتخابات رئاسة الجمهورية فى 8 أبريل 2012 كاحتياطى للمرشح الرئيسى خيرت الشاطر.
كان الإخوان قد صرحوا أكثر من مرة بأنهم لن يقدموا على الدخول فى انتخابات رئاسة الجمهورية، إلا أنه وبعد فشلهم فى إقالة حكومة الجنزورى وتشكيل حكومة إخوانية جديدة وأيضاً توقعهم حل مجلس الشعب، كل ذلك جعلهم يفكرون جدياً فى الترشح لانتخابات رئاسة الجمهورية.
فى هذا الوقت كانت هناك مجموعة من شباب الإخوان قد أنشأت صفحة على موقع التواصل الاجتماعى «فيس بوك» تحت عنوان «أنا إخوان وهنتخب مرشح إسلامى»، حيث أعلنت هذه المجموعة رفضها لتصريحات المرشد العام للجماعة، د. محمد بديع، التى أكد فيها اعتراضه على ترشح الإخوان على منصب رئيس الجمهورية؛ حيث أكدت مجموعة الشباب رفضها لتوجه المرشد، واستشهدوا فى ذلك بكلمات لمؤسس الجماعة «حسن البنا» التى قال فيها: «إن القول بأن الجهر بالعودة إلى نظام الإسلام يخيف الدول الأجنبية، والأمم الغربية، فتتألب علينا، وتتجمع ضدنا، ولا طاقة لنا بها، ولا قدرة لنا عليها، هذا منتهى الوهن، وغاية الفساد فى التقدير وقصر النظر، لأنه لن يجدينا شيئاً عندهم أن نتنصل من الإسلام، ولن يزيدهم فينا بغضاً أن نعلن تمسكنا به والاهتداء بهديه».
كانت المؤشرات كلها فى هذا الوقت تشير إلى أن خيرت الشاطر بات هو الخيار الأقرب ليكون مرشح الجماعة لمنصب رئيس الجمهورية.
كان الاتجاه لدى مجلس شورى جماعة الإخوان فى هذا الوقت يتجه إلى رفض الغالبية للدخول فى الانتخابات الرئاسية لعدة اعتبارات من أبرزها أن الجماعة كانت ترى أن الوقت الراهن ليس مناسباً للترشح على منصب رئيس الجمهورية، وأن الجماعة تفضل أن يكون المرشح فى هذا الوقت شخصية توافقية، لا تنتمى للتيار الإسلامى، كما أن الجماعة لا يجب أن تظهر أمام الرأى العام على أنها تستهدف السيطرة على كافة المناصب الرئيسية فى الدولة.
فى هذا الوقت، يوم الجمعة 23 مارس 2012، رفض مجلس شورى الجماعة هذه الفكرة، إلا أن اجتماعاً آخر عقد يوم الثلاثاء 72 مارس وافق فيه المجلس نفسه على ترشح خيرت الشاطر بنسبة 65 ضد 25 صوتاً.
كان القرار صادماً للجماهير والقوى السياسية، إلا أن محمود حسين، الأمين العام لجماعة الإخوان، برر هذا الموقف بالقول «إن تراجع الجماعة عن قرارها السابق جاء بسبب أن الوضع فى مصر أصبح مقلقاً، مع محاولات عرقلة عمل الجمعية التأسيسية لإعداد الدستور والدفع بمرشحين محسوبين على النظام السابق، بالإضافة إلى رفض المجلس العسكرى إقالة الحكومة».
وأضاف: «إن الجماعة لاحظت خلال الأيام الماضية وجود تهديد لإجهاض الثورة المصرية، وإنها حاولت التواصل مع جميع التيارات السياسية، وتشاورت مع العديد من الشخصيات غير المنتمية لها بشأن الترشح، لكنهم اعتذروا لظروف خاصة بهم، وإنه من خلال شعور الجماعة بمخطط إجهاض الثورة كان قرارنا الدفع بمرشح للرئاسة».
أما الدكتور محمد مرسى، رئيس حزب الحرية والعدالة، الذى لم يكن قد أعلن ترشحه كاحتياطى لخيرت الشاطر حتى هذا الوقت، فقد قال «إن هذا الموقف ليس تغييراً لمبادئ الإخوان، ولكن هذا القرار جاء وفقاً للمستجدات الداخلية والخارجية التى دفعت الجماعة لاتخاذه».
فى اليوم الأخير وقبيل إغلاق باب الترشح للانتخابات الرئاسية، الأحد 8 أبريل 2012، تقدم محمد مرسى كمرشح احتياطى لخيرت الشاطر بأوراقه بعد أن فشل فى الحصول على العفو العام بعد أن تم الإفراج عنه من السجن، وعبثاً حاول الإخوان كثيراً الحصول على تصديق من المشير طنطاوى بالعفو العام عليه وتمكينه من الترشح فى الانتخابات الرئاسية، إلا أن المشير كان يقول دوماً إن القانون واضح ولا يقبل التأويل، ولا يمكن أن يحصل «الشاطر» أو غيره على عفو بخلاف ذلك. فجأة وجد محمد مرسى «الاستبن» نفسه أمام اللجنة الرئاسية للانتخابات تقدم بأوراقه، لم يكن هناك ما يمنع ترشحه، صحيح أنه متهم بالتخابر، وصحيح أنه هرب من سجن وادى النطرون فى إطار مؤامرة شاركت فيها حركة حماس، ولكن حتى هذا الوقت لم يكن محمد مرسى قد قدم للمحاكمة.
كان المشير طنطاوى يتحاشى الصدام مع جماعة الإخوان، كان يعرف قوتها جيداً، وكان يدرك أنها قادرة على زعزعة استقرار البلاد، ولذلك كان يضع الأولوية لحماية تماسك الدولة المصرية. صحيح أن ذلك تسبب فى أزمات كثيرة، ولكن فى المقابل كان التبكير بالصراع مع جماعة الإخوان فى وقت كانت فيه الدولة رخوة وجهازها الأمنى قد سقط، بينما كانت لدى الشارع ثقة كبيرة فى جماعة الإخوان، ولديه أيضاً حالة من التربص تجاه المؤسسة العسكرية، كل ذلك كان سبباً رئيسياً فى عدم قدرة المجلس العسكرى على فتح معارك مع جماعة الإخوان والقوى التى كانت تقف معها فى ذات الخندق وتحديداً السلفيين ومجموعات ما سمى بائتلافات شباب الثورة ومجموعة 6 أبريل فى هذا الوقت.
عندما عرضت أوراق ترشح محمد مرسى على لجنة الانتخابات الرئاسية، تم تدارس الأمر والاطلاع على الفيش والتشبيه، فتقرر قبول الأوراق من حيث المبدأ ودراستها تفصيلياً بعد ذلك.
ومع تصاعد المنافسة الانتخابية، خاصة بين عبدالمنعم أبوالفتوح وعمرو موسى، جاءت المناظرة التليفزيونية بينهما لتحدث نتائج سلبية لكلا الطرفين، وكان المستفيد من ذلك مرشحون آخرون.
لم يكن أحد حتى هذا الوقت يتنبأ بصعود محمد مرسى، فقد كانت كافة استطلاعات الرأى تضعه فى المؤخرة وتتعامل معه كمرشح احتياطى وليس أكثر.
كان الإخوان فى هذا الوقت مشغولين بالمشروع المقدم من النائب عصام سلطان، الذى يقضى بالعزل السياسى لرموز النظام السابق بعد أن طلبوا منه ذلك.
ففى يوم الاثنين 10 أبريل 2012 تم طرح مشروع القانون فجأة على الجلسة المسائية للمجلس دون إنذار، وكان يترأس الجلسة النائب محمد عبدالعليم داود، وكيل المجلس، الذى أحال المشروع المقدم إلى اللجنة التشريعية لمناقشته فى صباح اليوم التالى.
كانت جماعة الإخوان قد أصيبت بحالة من السعار الشديد والذعر الرهيب بسبب ترشح عمر سليمان لمنصب الرئيس، فراحت تعد مشروع العزل السياسى وتدفع بعصام سلطان تارة وعمرو حمزاوى تارة أخرى للتقدم بمشروع القانون أمام البرلمان.
كان عمر سليمان قد حسم أمره وقرر الترشح لرئاسة الجمهورية وأصدر بياناً مساء الجمعة 6 أبريل أكد فيه ذلك وقال إنه سينزع العمامة من فوق رأس مصر ويعيد للدولة هيبتها من جديد.
وفى جلسة الخميس 16 أبريل 2012 كان الإخوان قد نجحوا فى دفع مجلس الشعب إلى الموافقة على قانون العزل السياسى المقدم، وفى هذا الوقت دعت الجماعة إلى تظاهرات حاشدة فى ميدان التحرير والميادين الأخرى للتصدى لترشح عمر سليمان وأحمد شفيق، وكانت هذه المظاهرات ترفع شعار «حماية الثورة» وتتهم المجلس العسكرى بأنه يقف وراء ترشيح عمر سليمان تحديداً.
وقد أثار الاستطلاع الذى أجرته صحيفة «المصرى اليوم» فى هذا الوقت قلق الجماعة حيث تفوق عمر سليمان على كافة المرشحين بفارق كبير يليه د. عبدالمنعم أبوالفتوح.
«مرسى» ترشح كبديل لـ«الشاطر» رغم اتهامه فى قضية تخابر والمشير تحاشى الصدام مع الإخوان للحفاظ على الاستقرار
كان الجدل مستمراً فى مجلس الشعب، والمجتمع المصرى حول هذا القانون الذى حذرت من عدم دستوريته، ولم يكن يقف معى فى هذا الموقف سوى عدد محدود من النواب.
فى هذا الوقت كانت اللجنة العليا للانتخابات الرئاسية قد أنهت مراجعة ملفات كافة المرشحين للانتخابات وقررت استبعاد عشرة من بين المرشحين أبرزهم عمر سليمان وخيرت الشاطر وحازم أبوإسماعيل.
وكان استبعاد عمر سليمان قد لقى ارتياحاً واسعاً فى صفوف الإخوان وحلفائهم، ويومها قيل إن استبعاد عمر سليمان جاء مبرراً لقرار اللجنة باستبعاد حازم أبوإسماعيل وخيرت الشاطر، إلا أن الأسباب كانت مختلفة.. صحيح أنه تردد فى هذا الوقت أن المشير لم يكن راغباً فى ترشح عمر سليمان أو أحمد شفيق، إلا أنه أكد أكثر من مرة أنه يقف على مسافة واحدة من الجميع.
فى هذا الوقت بدأ الإخوان يركزون جل غضبهم على الفريق أحمد شفيق، لقد أرادوا أيضاً إبعاده عن الترشح للانتخابات الرئاسية، حتى تتهيأ لهم الأجواء للفوز الساحق من الجولة الأولى.
عندما قدم البرلمان مشروع العزل السياسى إلى المجلس العسكرى فى 16 أبريل وهو المشروع الذى طال القيادات الرئيسية للحزب الوطنى «المنحل» والسلطة التنفيذية لنظام مبارك، لم يكن أمام المشير من خيار سوى تقديم المشروع إلى المحكمة الدستورية العليا لتبيان مدى دستوريته.
كان حكم المحكمة الدستورية يقضى بعدم الاختصاص استناداً إلى أن الأصل فى الرقابة الدستورية أنها لاحقة وليست سابقة، بما يعنى عودة المشروع مرة أخرى إلى رئيس المجلس الأعلى للقوات المسلحة.
وفى هذا الوقت عاد مجلس الشعب مرة أخرى للتباحث حول رد المحكمة الدستورية، خاصة أن هذا القانون يتعارض مع نص المادة 19 من الإعلان الدستورى والتى تنص على أنه «لا جريمة ولا عقوبة إلا بناء على قانون، ولا توقع عقوبة إلا بحكم قضائى، ولا عقاب إلا على الأفعال اللاحقة لتاريخ نفاذ القانون».
وعندما عرض القانون على المجلس العسكرى انحاز المجلس للرأى القائل بالموافقة على القانون ونشره فى الجريدة الرسمية، فصدر القانون فى 23 أبريل ووجب العمل به اعتباراً من اليوم التالى.
وفى 24 أبريل كانت اللجنة العليا للانتخابات الرئاسية تعقد اجتماعاً مفاجئاً، حيث قررت فى هذا الاجتماع استبعاد المرشح الرئاسى الفريق أحمد شفيق على اعتبار أنه فقد شرطاً من شروط الترشح بسبب خضوعه لقانون العزل السياسى باعتباره عمل رئيساً للوزراء فى ظل نظام الرئيس الأسبق حسنى مبارك.
بعدها بساعات قليلة قام الفريق أحمد شفيق بالتظلم أمام اللجنة العليا للانتخابات، حيث طلب إلغاء القرار الذى أصدرته باستبعاده من الترشح للانتخابات الرئاسية، وبعد جلسة عاجلة للجنة قررت قبول التظلم وأحالت الأمر للمحكمة الدستورية.
وفى الثانى عشر من مايو كانت المحكمة الإدارية العليا تصدر حكماً بإجماع الآراء يقضى بوقف تنفيذ قرار استبعاد أحمد شفيق من الانتخابات وأحالت الدعوى إلى المحكمة الدستورية العليا، التى أصدرت حكماً فى 41 يونيو يقضى بعدم دستورية قانون العزل السياسى.
وفى هذا اليوم تغيب العديد من رؤساء الأحزاب الذين تمت دعوتهم، فى الوقت الذى كانت فيه مجموعات حازم صلاح أبوإسماعيل تحاصر منطقة ميدان العباسية بهدف اقتحام مبنى وزارة الدفاع، وقد شاركها فى هذا اليوم عدد من شباب 6 أبريل وكذلك عناصر من جماعة الإخوان وتنظيم السلفية الجهادية الذى يقوده محمد الظواهرى.
كان الحصار قد بدأ منذ السابع والعشرين من أبريل 2012 وكانت التهديدات جادة، وكان المجلس العسكرى يرغب فى معرفة رأى الأحزاب السياسية فى كيفية إنهاء هذا الحصار دون إراقة دماء، خاصة بعد أن بدأت الاشتباكات تتصاعد ابتداء من يوم الاثنين، الثلاثين من أبريل، بين عناصر مجهولة والمعتصمين فى الميدان الذين سعوا إلى محاولة الاحتكاك برجال القوات المسلحة الذين وضعوا الأسلاك الشائكة بالقرب من النفق المؤدى إلى مبنى وزارة الدفاع.
وعندما تزايدت حدة الاشتباكات بين هذه العناصر المجهولة والمعتصمين وأدت إلى مقتل ستة أفراد وإصابة 239 شخصاً وجد المجلس العسكرى أنه من الضرورى التشاور مع الأحزاب حول هذه التطورات الخطيرة.
وقد ترأس هذا اللقاء الفريق سامى عنان، رئيس الأركان، بعد أن اعتذر المشير عن الحضور لارتباطه بموعد سابق مع السيناتور الأمريكى جون ماكين، وقد جرت مناقشات حادة فى هذا اللقاء بين الحاضرين، حيث طرح أبوالعلا ماضى، رئيس حزب الوسط، اقتراحاً يقضى بتشكيل وفد للحوار مع المعتصمين من الأحزاب ورجال الدين وإصدار بيان يؤكد إبداء الأسف لسقوط الضحايا والتأكيد مجدداً على تسليم السلطة قبل 03 يونيو.
بعض مرشحى الرئاسة حاولوا استغلال أحداث العباسية فى تأجيل الانتخابات
وعندئذ رد الفريق سامى عنان بعنف وقال: «لقد أصبحنا شماعة لكثير من المشكلات التى نحن لسنا مسئولين عنها، نحن لا نرغب فى الاستمرار فى السلطة وننتظر تسليمها اليوم قبل الغد».
وقال: «نحن نتمنى أن تحسم الانتخابات الرئاسية من أول جولة، وأن نعود إلى ثكناتنا فى 42 مايو المقبل»، وهو موعد إجراء الجولة الأولى من الانتخابات الرئاسية.
عقد المشير طنطاوى اجتماعاً مع أعضاء المجلس العسكرى فى هذا الوقت، وتم تدارس الموقف، وكان من رأى المشير التحلى بالصبر، مع كشف الحقائق أمام الشعب، ولذلك جرى تكليف ثلاثة من أعضاء المجلس العسكرى لعقد مؤتمر صحفى لمناقشة الأمر.
كان المجلس الأعلى للقوات المسلحة قد أصدر قبل عقد هذا المؤتمر الصحفى بياناً أكد فيه أن القوات المسلحة هى ملك للشعب ولن تكون أبداً أداة لقهره، وحذر البيان من أى تجاوزات ترتكب ضد المنشآت العسكرية ومبنى وزارة الدفاع وقال: «إن الشرف العسكرى يلزم القوات المسلحة بحمايتها».
وخلال المؤتمر الصحفى أكد اللواء محمد العصار، عضو المجلس، أن البلاد تتعرض لمؤامرات متعددة، وأن هناك محاولات لعرقلة إجراء الانتخابات الرئاسية، التى قال إنها ستتم فى موعدها المحدد وإن القوات المسلحة لا تدعم أياً من المرشحين الرئاسيين.
أما اللواء ممدوح شاهين فقد انبرى فى توضيح الهدف من وراء تحصين المادة (82) من الإعلان الدستورى والتى تم استفتاء الشعب عليها وذلك بهدف الحفاظ على استقرار وهيبة منصب رئيس الجمهورية.
وكان اللواء مختار الملا الأكثر تحديداً عندما قال بوضوح: «إن الاقتراب من مقر وزارة الدفاع ممنوع، وسنلجأ إلى حق الدفاع الشرعى عن النفس فى المواجهة»، وقال: «إن البلد لا يحتمل أى تصرفات متهورة ولن نسمح بأن يعتدى أحد أبداً على القوات المسلحة، بل سنحمى المهاجمين من أنفسهم»، فى هذا الوقت كان المشير يناقش تقريراً حول خطورة الوضع فى ميدان العباسية، والسبل الكفيلة بردع أى عدوان على وزارة الدفاع فى حال حدوث محاولة لاقتحامها من قبَل العناصر المتطرفة.
وبعد أداء صلاة الجمعة من يوم 4 مايو 2102 كانت أعداد المعتصمين قد تزايدت وعمليات التحريض بلغت أوجها، وفى هذا الوقت زحفت أعداد كبيرة من مسجد النور باتجاه حاجز الأسلاك الشائكة الذى يفصل بين المعتصمين وجنود الجيش.
نتيجة المرحلة الأولى أصابت الإخوان بالرعب.. ونجاحهم فى تحييد «صباحى» أفسد محاولات توحيد القوى السياسية ضد «مرسى»
واستعرض محمد الظواهرى فى هذا اليوم قوة تنظيمه الإرهابى، عندما قاد عشرات الملثمين فى استعراض استفزازى أمام القوات المحتشدة، وكأنه يبعث برسالة واضحة لقادة الجيش والشرطة.
بدأت الاشتباكات بإلقاء الأحجار على الضباط والجنود على الجانب الآخر، وعندما رأى الجنود إصابة أحد الضباط تحركت قوات فرقة الـ(999)، وفرقة الـ(777) من قوات المظلات لمطاردة المعتصمين، ويا للعجب فقد هربوا جميعاً كالفئران المذعورة، وتم إخراج الشيخ حافظ سلامة من داخل مسجد النور بصعوبة، وما هى إلا دقائق معدودة حتى كانت القوات تطارد المعتصمين فى شوارع غمرة والعباسية، كما أن الخيام التى أقامها أعضاء من جماعة الإخوان والسلفيين فى ميدان التحرير تم هدمها بواسطتهم، وغادر الكثيرون الميدان لمجرد أنهم سمعوا بالمطاردات التى حدثت فى ميدان العباسية.
لم تكن هناك أى أوامر عسكرية بالهجوم، وعندما علم المشير طنطاوى أحال الأمر للتحقيق، وطالب بعودة القوات سريعاً، والتوقف عن مطاردة المعتصمين، الذين اختفوا سريعاً من المنطقة بأسرها.
مضت الأحداث سريعاً، وفى يومى 32 و42 مايو 2102 كان موعد المصريين مع الانتخابات الرئاسية التى تنافس فيها 31 مرشحاً ينتمون إلى مختلف الاتجاهات السياسية حيث جرت الانتخابات فى أجواء من الحيادية والنزاهة أشاد بها الجميع.
وقد جاءت نتائج انتخابات المرحلة الأولى لتؤكد حصول محمد مرسى على 24.8٪ من مجموع الأصوات، فى حين حصل الفريق أحمد شفيق على 23.9٪، بينما تراجعت مراكز الآخرين، وانحصرت المنافسة فى انتخابات الإعادة بين مرسى وشفيق، وفى هذا الوقت سعت جماعة الإخوان إلى خداع العديد من القوى السياسية والاجتماعية، فقد دعا محمد مرسى إلى اجتماع مع عدد من الأحزاب والشخصيات العامة يوم السبت 62 مايو 2102، حيث تحدث عن الشراكة المنتظرة مع الفعاليات الأساسية ويومها تمادى فى الخداع عندما قال: «إنه من الممكن أن يكون هناك نائب أو أكثر فى الرئاسة، وإنه ليس بالضرورة أن يكونوا منتمين إلى حزب الحرية والعدالة»، بل قال: «إن رئيس الحكومة المقبلة من الممكن أن يكون من خارج الحزب أيضاً».
كان مجموع الأصوات التى حصل عليها كل من أحمد شفيق وحمدين صباحى وعمرو موسى قد بلغ مجموعها 6.55٪ من مجموع الأصوات، وكان الإخوان يتخوفون من توحد هذه الأصوات فى انتخابات الإعادة وبذلك يتمكن أحمد شفيق من تحقيق الفوز، غير أن الإخوان تمكنوا فى هذا الوقت من تحييد حمدين صباحى الذى رفض أى محاولة للائتلاف مع أحمد شفيق.