«4 سنين معاناة».. تلوث بحيرة قارون قطع رزق «مزار» وزملائه الصيادين
«4 سنين معاناة».. تلوث بحيرة قارون قطع رزق «مزار» وزملائه الصيادين
بحيرة قارون
يتسلل أذان الفجر إلى أذن «مزار»، 50 عاماً، من فوره يستيقظ ليؤدى الصلاة فى جماعة وسط زملائه من قرية شكشوك مركز أبشواى بمحافظة الفيوم، ينتهى «مزار» من صلاته ثم يتوجه إلى شاطئ بحيرة قارون، يدعو ربه بأن يوسع عليه فى الرزق فى بداية اليوم، يدفع قارب الصيد نحو الماء العكر رويداً رويداً، حتى يجرى فى الماء، بعد دقائق يُنزل الرجل شباكه فى الماء، وكله أمل أن تمتلئ بالأسماك عند سحبها مرة أخرى، غير أنه يصاب بالصدمة عند رفع الشباك، إذ تلتقط الشبكة عدداً قليلاً من أسماك تنهش فى أجسامها طفيليات وديدان مميتة. يتكرر الأمر، فإذا بمزار وقد عاد إلى منزله فى نهاية اليوم وهو يحمل 3 كيلو فقط من الأسماك المصابة ليبيع الكيلو منها بسعر 5 جنيهات.
اعتاد «مزار» وزملاؤه الصيادون هذا الوضع منذ أكثر من 4 سنوات بسبب ارتفاع نسبة التلوث ببحيرة قارون بعد اختلاط مياه الصرف الصحى بها، وانتشار الكائنات المائية والفطريات والبكتيريا العضوية فى جميع أنحاء البحيرة، مما يؤدى إلى نقص كمية الأكسجين فى المياه وإصابة الأسماك بالأمراض المتنوعة حتى النفوق.
يشكو «مزار» ومئات الصيادين من ارتفاع نسب التلوث فى بحيرة قارون، وينتقدون عجز الدولة فى مواجهته، مما ينذر بانهيار الثروة السمكية بالبحيرة فى الشهور المقبلة بسبب عدم اتخاذ الحكومة المصرية حلولاً سريعة وعاجلة لمواجهة الأزمة.
«عدم استخدام الأساليب العلمية فى نقل الزريعة أدى إلى تدهور أوضاع البحيرة فى السنوات الأخيرة، فالمشرفون على عملية النقل غير مؤهلين، ويحاولون التخلص منها دون فترة حضانة، ويطلقونها فى المياه بصورة سيئة، مما يؤدى إلى نفوق كميات كبيرة منها، والبقية الناجية يصطادها بعض الصيادين بشكل غير قانونى عن طريق الغزل المخالف، دون أدنى تدخل من شرطة المسطحات المائية»، تصريحات قالها مزار على مزار، عضو مجلس إدارة نقابة الصيادين، تلخص أزمة بحيرة قارون.
ويضيف «مزار» قائلاً: «يوجد بمياه البحيرة الملوثة العديد من الحشرات والديدان التى تهدد الثروة السمكية مثل حشرة إيزدودا، متعددة الأرجل، بتمسك فى السمكة، وما بتسبهاش إلا لما بتموت، كيلو السمك كنا بنبيعه الأول بـ12 جنيه، وعشان الديدان بقينا بنبيعه بـ5 و4 جنيه بس، السمكة بيكون شكلها وحش وريحتها مش حلوة، وعملنا تحليل على نسبة الأمونيا والملوحة فى المياه على نفقتنا الخاصة وكانت مرتفعة جداً».
على شاطئ بحيرة قارون تقع قرية شكشوك التى يعمل معظم سكانها فى مهنة الصيد، إذ يعتمد كبار السن من الصيادين على البحيرة فى توفير لقمة العيش، بينما يرسلون أبناءهم إلى بحيرة ناصر فى أسوان للصيد هناك بعد تدهور أحوال البحيرة التى نشأوا على شواطئها، بحيرة قارون هى مصدر سعادتهم وبؤسهم فى نفس الوقت، بعد أن تحولت من «نعمة» رزق آمن إلى «نقمة» بسبب زيادة معدلات التلوث فيها، وانتشار الأمراض التى تنهش أجساد الصيادين، وتحيلهم إلى سن التقاعد المبكر ضمن صفوف المرضى المزمنين، قبل أن يصل عمرهم إلى سن الستين عاماً، على أمل الحصول على معاش الصياد بعد بلوغ الـ65 عاماً، وهو ما لا يحدث إلا قليلاً، حيث يقضى بعضهم قبل الوصول إلى هذه السن، فأجسادهم النحيلة المملوءة بالأمراض تظهر عليها علامات العمليات الجراحية الكثيرة، وبالأخص إزالة حصوات الكلى.