مدير البحوث السابق في "الإنتاج الحربي":سنحتاج تحلية مياه البحر مستقبلا
مدير البحوث السابق في "الإنتاج الحربي":سنحتاج تحلية مياه البحر مستقبلا
هدهود
أشار اللواء مصطفى هدهود مدير مركز البحوث فى وزارة الإنتاج الحربى السابق، فى حواره لـ«الوطن»، إلى أن العراقيل الأساسية التى كانت تقف حائلاً أمام فتح مجال استخدام الطاقة الشمسية فى مصر تقلصت تماماً، بعد أن استطاعت التكنولوجيا الحديثة مؤخراً تقليل سعر التكلفة لإنتاج الطاقة الشمسية، ما جعلها ستوازى تقريباً ذات سعر إنتاج الطاقة الحرارية «الكهرباء العادية» المنتجة بالأساليب التقليدية.
■ كيف يمكن الربط بين زيادة التعداد السكانى وملفى الطاقة والمياه؟
- نحن لسنا ضد زيادة السكان، لكن السؤال الأهم هو كيف نستغل هذا العنصر البشرى فى تحقيق التنمية بشكل فاعل، فنحن لدينا 90 مليون مصرى حالياً ونزيد بنسبة 2.55% كل عام، ومعنى ذلك أننا زدنا العام الماضى 2.3 مليون مصرى، وكل الدراسات تؤكد أننا إذا زدنا سنوياً بهذا المعدل فهذا يعنى أننا مع عام 2025 سيكون هناك 115 مليون مصرى، وهذا يعنى أننا على 2050 سنصل إلى 180 مليوناً وهذا رقم كبير، وهذا التحدى يلزمنا أن نبحث عن موارد جديدة للمياه والطاقة معاً لكى تستوعب هذه الزيادة المطردة فى تعداد سكان مصر
■ ربطت بين ملف توفير الطاقة، والمياه فى جملة واحدة، هل يعنى ذلك أن نقص توفير الطاقة سينعكس مباشرة على نقص المياه لاحقاً؟
- نعم، فكل المياه التى تأتى لنا يبلغ حجمها تقريباً 55 مليار متر مكعب وهى من مياه نهر النيل، ومياه الآبار والأمطار نسبتها ضعيفة جداً، يضاف إلى ذلك أن لدينا خططاً للتوسع العمرانى وتحتاج إلى مياه للشرب، والزراعة، والصناعة، يضاف إليها المناطق الصناعية الكبرى مثل مشروع قناة السويس الجديدة على سبيل المثال لا الحصر، ومن هذا المنطلق قد نحتاج جدياً للدخول فى برنامج لتحلية مياه البحار، بحيث نحول هذه المياه إلى مياه صالحة للاستخدام البشرى، الصناعى، الزراعى، وتحلية هذه المياه مما لاشك فيه ستحتاج إلى طاقة إضافية لكى تعمل المصانع التى ستحلى هذه المياه
■ إلى أين وصل مجال العمل بالطاقة الشمسية الآن؟
- هناك 3 اتجاهات حالياً للعمل على فكرة انتشار العمل بالطاقة الشمسية؛ أولها تأهيل شركات حتى تنشئ محطات لتوفير 1000 ميجاوات، وإنشاء بعض الأفراد لمحطات تغذى كيانات صناعية، مثلاً فى العاشر من رمضان منطقة بها 10 مصانع بجانب بعض، ووارد أن ينشئ مستثمر محطة طاقة شمسية لخدمة هذه المصانع العشرة فهذا متاح مع إعطائه نسبة للدولة نظير نقل الكهرباء من المحطة الشمسية إلى تلك المصانع والذى سيحدث من خلال شركة الكهرباء، وهناك بعض المصانع بالفعل بدأت فى التخطيط لمصانعها الجديدة بأن يكون البناء متوافقاً مع عمل محطات الطاقة الشمسية فى المناطق الجديدة، أما الاتجاه الثالث فهو قيام المواطنين بإنشاء هذه المحطات بشكل خاص لبيوتهم.
■ هل توجد أى كيانات رسمية مصرية تعمل فى مجال الطاقة الشمسية فى مصر؟
- نعم الهيئة العربية للتصنيع، وجهاز مشروعات الخدمة الوطنية فى القوات المسلحة، ووزارة الإنتاج الحربى كقطاع حكومى، وبعض الشركات الصغيرة الخاصة لبعض الأفراد.
■ أعلنت القوات المسلحة مؤخراً عن أن إنتاج الطاقة الشمسية فى مصر سيدخل مرحلة جديدة فى مصر ونُشر إعلان منذ فترة فى مجلة «الدفاع»، الصادرة عن وزارة الدفاع لأول مرة عن شركة متخصصة فى إنتاج الطاقة الشمسية وهى شركة «Arab international Optronics» ويتردد أن هذه الشركة مملوكة للجيش بنسبة 51% و49% لوزارة الدفاع الفرنسية من خلال شركة Thales، فما صحة ذلك؟
- شركة Arab international Optronics هى شركة مصرية خالصة تتبع مشروعات جهاز الخدمة الوطنية وهى أول شركة فى مصر تعمل فى إنتاج الخلايا الشمسية، لكنها ليست فى شراكة مع شركة فرنسية، لكن يمكن القول أنها قد تكون استعانت ببعض المعدات من الشركة الفرنسية لإنشاء هذا المصنع، وأنا أعتبر أن الجيش وبلا مبالغة هو دائماً من له الريادة فى مجال التكنولوجيا، ومنذ أكثر من 18 سنة أنشئ هذا المصنع وعمل لأول مرة منذ 12 سنة، أما الشركة العربية العالمية للبصريات فكانت سباقة فى تصنيع الخلايا الشمسية ولكن طاقتها الإنتاجية ليست كبيرة ولكن إنشاء هذه الشركة شجع بعد ذلك الهيئة العربية للتصنيع لاقتحام مجال العمل فى إنتاج الطاقة الشمسية، ومن خلال جهاز الخدمة الوطنية تحاول الآن تطوير إنتاجها وزيادته وستدخل أيضاً فى صناعة إنشاء المحطات الشمسية، كما أن الهيئة العربية للتصنيع كانت سباقة فى إنتاج أول خط إنتاج للوحات الطاقة الشمسية، لكن مكونات الخلايا الشمسية مستوردة، وأول إنتاج لهذا المصنع خرج للنور قبل 3 أسابيع وافتتحه المهندس إبراهيم محلب، رئيس الوزراء.
■ ما سعة محطة طاقة شمسية الذى يكفيها هذا الإنتاج؟
- محطة طاقة شمسية تكفى لإنتاج حوالى 54 - 60 ميجاوات فى السنة، وهناك مصنع آخر ينشأ حالياً تابع لوزارة الإنتاج الحربى سيكون إنتاجه حوالى 50 ميجاوات.
■ هل إنتاج مصنع الهيئة العربية للتصنيع يمكن أن يصمد أمام منافسة المنتج الصينى على سبيل المثال؟
- المنتج المصرى عالى الكفاءة تماماً؛ لأنه خاضع لاتفاقات عالمية تتعلق بالجودة، خاصة أن هذا المنتج المحلى سيدخل مناقصات فيما بعد، لذا لا بد أن يكون منافساً قوياً فى الكفاءة والسعر أيضاً، وإذا ما أخذنا فى الاعتبار أن إنتاج الصين أكبر بكثير من الإنتاج المحلى ما يعنى تكلفة أقل، لكن سيكون المنتج المحلى هو الأعلى جودة لأنه داخل فى شراكة مع شركات أوروبية.
■ هل تقصد بالكفاءة القدرة على تخزين طاقة شمسية أكبر؟
- عندما تسقط الطاقة الشمسية على الخلايا الشمسية هناك شىء اسمه «إيفشنسى Efficiency» أى كفاءة إنتاج الخلايا الشمسية للطاقة، هناك خلايا تنتج 17% وأخرى 19% فيما وصلت ألمانيا إلى 22%، لكن على المدى الطويل ستظل الأعلى كفاءة هى الأكثر توفيراً من خلال حجم إنتاج الطاقة والقدرة على العمل، وهذه النقطة التى قد تعمل عليها الصين فى دخول المنافسة مع المنتج المصرى مثلاً.
■ هل هناك إصلاحات واجبة فيما يتعلق بقانون الاستثمار فى مصر لدعم صناعة الطاقة الشمسية فى مصر فى المرحلة المقبلة؟
- لولا صدور قانون لأول مرة فى مصر، يمنح لشركات الكهرباء الحق بالتعاقد مع شركات أجنبية وعربية لإنشاء محطات للطاقة الشمسية مع تحديد السعر، ما كان يمكن أن نقتحم هذا المجال، وهذا يعد أكبر حافز من وجهة نظرى الذى لم يحدث على مدار 30 سنة ماضية، خاصة أن السعر مغرٍ بالنسبة للمستثمرين.
■ كيف لنا أن نفهم أن سعر إنتاج الكيلووات - ساعة للكهرباء المنزلية من الطاقة الشمسية يمكن أن يوازى نفس السعر من الطاقة الكهربائية؟ - فى حين أن سعر الكهرباء 5 قروش يرتفع إلى 54 قرشاً فى ساعات الذروة، بينما السعر المعلن للكهرباء من الطاقة الشمسية من 65 - 85 قرشاً! هل قللنا سعر الكهرباء من الطاقة الشمسية أم رفعنا سعر الكهرباء العادية؟ مع ملاحظة أن فواتير الكهرباء المنزلية ارتفعت مؤخراً
فهل ارتفاع فواتير الكهرباء له علاقة بخفض الدعم على الكهرباء بشكل تدريجى، من ناحية، ومن ناحية أخرى تسعير الكهرباء الذاهبة للمواطن لا علاقة له بمصدرها، حيث إنه فى قطاع الكهرباء هناك 3 محاور؛ شركات إنتاج الكهرباء، وشركات نقل الكهرباء، وشركات توزيع الكهرباء، شركات إنتاج الكهرباء هى من تولد الكهرباء فقط وتبيعها للدولة بسعر معين، على سبيل المثال شركة إنتاج الكهرباء تبيع الكيلووات - ساعة للدولة بـ10 قروش، فيما تبيعه الدولة للمواطن بـ5 قروش، إذن الدولة هنا دعمت سعر الكيلووات - ساعة بـ5 قروش، فيما تحاول الدولة حالياً رفع الدعم تدريجياً بحيث أنه يصل للمواطن بنفس سعر تكلفته من شركة إنتاج الكهرباء، وهنا سيكون أمامى بعد ذلك نوعان من الشركات الكهرباء: شركة تنتج كهرباء حرارية»، العادية اللى فى بيوتنا كلنا، وشركة تنتج كهرباء من الطاقة الشمسية، ولكى نفهم الموضوع أكثر فمثلاً قيمة إنتاج سعر الكيلووات - ساعة من شركة الكهرباء الحرارية 6 قروش، فيما نفس الكمية سعرها من الطاقة الشمسية كما قلتِ 60 قرشاً، إذن الفرق هنا مهول ولا يمكن للدولة أن تشتريه بهذا السعر، والمفترض أن تحصل عليه بـ6 قروش مثل الكهرباء المنتجة من الطاقة الحرارية، لكن الدولة تشجع المستثمرين، خاصة بعد أن انخفضت تكلفة إنتاج الكهرباء من الطاقة الشمسية، ما جعل الشركات المنتجة للطاقة الشمسية تقلل من سعرها للمنتج، فتم التوصل إلى سعر يرضى الطرفين؛ الدولة والشركة المنتجة للكهرباء من الطاقة الشمسية، بحيث يكون مقارباً لسعر الكهرباء الحرارية ولكن أعلى قليلاً فى التكلفة لصالح الكهرباء المنتجة من الطاقة الشمسية، ما يعنى أن الدولة ستدعم المنتج من الطاقة الشمسية بشكل أكبر لكى يصل إلى المستهلك بلا عبء إضافى!
■ إذن الدولة ستخسر؟
- الدولة خسرانة مرحلياً، لكنها ستكسب على المدى الطويل، لأنها بعد 5 سنوات أو 10 سنوات قد لا تجد موارد إضافية لإنشاء محطات كهرباء جديدة، فيكون هنا البديل محطات الطاقة الشمسية، فأنا أحسن لى كدولة أن أشجع الاستثمار فى الطاقة الشمسية من الآن، ويجب ألا نغفل نقطة مهمة أن هذا السعر سيكون لمدة السنة دى والسنة الجاية لتوفير 2000 ميجاوات، لأنه بعد هذه المدة فإن أى مستثمر سيأتى لكى يستثمر فى الطاقة الشمسية سيكون الفيصل هو السعر التنافسى لتوافر عدد أكبر من الشركات فى تقديم عروضها للدولة وهنا سيكون الاختيار أمام الدولة فى قبول فقط من يقدم سعراً يساوى الطاقة الكهربائية «الحرارية» وربما اقل!
■ ما العمر الافتراضى لمحطة إنتاج الطاقة الشمسية؟
- 25 سنة.
■ ماذا سيحدث بعد 25 سنة؟
- تحدث عملية إحلال «للموديولز»، أى اللوحات الشمسية، وتجديدها، وهى تكلفتها تكون على المستثمر وليس الدولة، لأن المستثمر فى خلال 25 سنة سيكون حقق العائد المرجو من المحطة.
■ إذا ما فكرنا فعلياً فى إنشاء مصانع لإنتاج مستلزمات محطة إنتاج الطاقة الشمسية، ألا يمثل ذلك عبئاً إضافياً على ما هو متوافر من الطاقة الكهربائية الآن؟
- إذا ما حدث ذلك لن يكون بطبيعة الحال مرة واحدة، بل على سنوات وخطة مدروسة بعناية، بل سيكون خطوة خطوة ولن يكون بشكل عشوائى.
■ هل يمكن أن يكون لدينا مصنع متخصص للطاقة الشمسية لكى يخدم مشروع قناة السويس الجديدة فى القريب العاجل؟
- هناك دراسات تجرى حالياً عن مشروع مصنع للسيليكون وفى الغالب سيكون موقعه فى وسط سيناء «شرق القناة أو غرب القناة» لم يتحدد موقعه بعد، لكن هناك منطقة هناك معروفة اسمها وادى السيليكون.