بروفايل: منصور العيسوى.. وزير بلا سلطة
«لم نطلق رصاصة واحدة، وكل ما نستخدمه هو الغاز المسيل للدموع»، كلمات كررها بصوته الأجش نافياً عن وزارته تهمة قتل المتظاهرين خلال أحداث محمد محمود الدامية والتى وقعت قبل عام تقريباً، وكأنه يقول: «أليست لى الداخلية ولكم الميدان؟».
لم يترك منبراً إلا وصعد عليه مدافعاً عن وزارته، ولم لا؟ فقد التحق بكلية الشرطة وتخرج فيها عام 1959، وبدأ حياته الشرطية فى مديرية أمن القاهرة، وتدرج فى المناصب، حتى وصل إلى مفتش أمن القاهرة، ثم وكيل لإدارة مباحث القاهرة، ثم مدير لأمن الجيزة 1988، وعين مساعد وزير الداخلية بشمال الصعيد، ثم مساعداً لوزير الداخلية لوسط الصعيد، ثم مساعداً أول للوزير ومديراً لأمن القاهرة 1993، ثم مساعداً أول لوزير الداخلية للأمن العام 1995، ثم عين محافظاً للمنيا 1996، حتى تولى مقاليد وزارة الداخلية فى السادس من مارس العام الماضى ضمن تشكيلة وزارة الدكتور عصام شرف الجديدة، مؤكداً سعيه بكل الجد لاستعادة واستتباب الأمن بالبلاد.
43 قتيلا ومئات الجرحى، هم ضحايا الأحداث المؤسفة، اعتبرهم العيسوى ضحايا «نبلة»، مؤكداً أن وزارته قامت بإلقاء القبض على أفراد ورشة بمنطقة الزيتون بالقاهرة، أثناء تصنيعهم «نبل» وهو ما أسفر عن وقوع كل هذه الضحايا، قائلا: «الوزارة مافيهاش قناصة»، لكنه يعاود ويؤكد أن الداخلية تحفظت على الملازم أول محمد صبحى الشناوى، «صائد العيون» المتهم باستخدام القوة وأسلحة قنص لاستهداف المتظاهرين، لحين استدعائه من قبل النيابة لبداية التحقيق معه.
تسعة أشهر قضاها «العيسوى»، الذى تنحدر أصوله من مدينة إسنا بمحافظة قنا سابقاً، داخل صومعته وبين جنوده، ليعلن أنه على استعداد أن يمثل أمام النيابة العامة للتحقيق معه فى أحداث «محمد محمود» حال تلقيه أى استدعاء من النائب العام المستشار عبدالمجيد محمود.
لم تشفع له شعبيته كى يبقى فى منصبه طويلا، بل ترك الوزارة معلناً أنها تحت ولاية لواء جيش، قائلا: «ماليش دعوة بوزارة الداخلية وهى تحت تصرف الجيش».
طارده شبح تطهير «الداخلية»، ليصدر قراراً بعد توليه منصبه بنحو 10 أيام، بإلغاء مباحث أمن الدولة بكل إداراتها ومكاتبها فى كل محافظات مصر، وعوضت بـ«جهاز الأمن الوطنى»، وقرر عيسوى تعيين حامد عبداللـه، مساعد أول وزير الداخلية، رئيسا لهذا الجهاز المستحدث.
«العيسوى» الذى كثر الحديث حول ابتعاده عن العمل العام طيلة 15 عاماً، ما بين خروجه على المعاش بأوامر رئاسية أو انتهاء خدمة الرجل العجوز، ظهر مجدداً كوزير للداخلية بعد قيام الثورة، لكن ظهوره الأقوى حين طُلبت شهادته فى القضية الأشهر وهى محاكمة الرئيس السابق حسنى مبارك فى «محاكمة القرن»، لسؤاله عن رد فعله حال قيام مظاهرة ضخمة فى ظل توليه مقاليد الوزارة، وكيفية تسليح جنود وزارته فى مثل هذه الأحداث، وسؤاله عن وجود قناصة من عدمه داخل الوزارة.
الرجل العجوز الذى ترك الأضواء بعد مكوثه داخل وزارته طيلة 9 أشهر، تم وضعه على قوائم الممنوعين من السفر، لإجباره اللواء حسن عبدالحميد، مساعد وزير الداخلية لقطاع قوات الأمن والتدريب السابق، على تقديم استقالته ومحاربته بعد قيامه بالإدلاء بشهادته ضد الرئيس السابق مبارك.
ولم تنتهِ حياة الرجل فحسب، بل تم التحقيق معه بعد وقوع أحداث محمد محمود الدامية خلال عهده، التى قال فيها «الداخلية مافيهاش قناصة».
أخبار متعلقة:
محمد محمود عام على «دماء الحرية»
أبطال الموقعة يسترجعون تفاصيل «السبت الدامى»: الدماء لا تزال فى رقابنا
«حيطان محمد محمود».. طريق الشهداء للوصول إلى وزارة الداخلية وسط «بركة الدم»
بروفايل: صفوت حجازى.. شيخ «العسكرى»
بروفايل: أحمد حرارة.. عيون الثورة
«الوطن» تشارك أهالى الشهداء ذكرى «الوجع الكبير»
«مشرحة زينهم».. شاهد على «الدم والرصاص»
«الحائط العازل».. أوقف نزيف الدم.. وجندى: «نقلناه من بنى يوسف للتحرير فى ساعة واحدة»
سكان «شارع الصدام».. أسبوع فى الجحيم
بروفايل: حازم أبوإسماعيل.. الشيخ الثائر
أطباء التحرير.. جندى الثورة المجهول فى معارك الحرية
رجال الإسعاف الشعبى.. موتوسيكلات فى خدمة الثوار
حكايات «عيون» أضاءت «شارع الحرية»