فى إطار التغييب المتعمّد أو الناتج عن عدم الوعى والإلمام الكافيين بضرورة التصدى لجميع أنواع الحروب غير التقليدية التى تواجه مجتمعاتنا، أود الإشارة مرة أخرى إلى أهمية نشر الوعى المجتمعى بهذه الأنماط، وكنت قد تناولت بالفعل فى الأسابيع الماضية بالحديث حروب الجيل الرابع والخامس والسادس، وأودّ اليوم فى هذه الأسطر الإشارة إلى حروب الجيل السابع كأحدث وأشرس أنواع هذه الحروب، التى يعتقد البعض أنها لا تتعدى كونها مؤامرة قد تفشل أو تتراجع تلقائياً، غير أن الأمر يتجاوز ذلك بكثير، حيث إنها واقع ينبغى الاعتراف به، وتختلف حروب الجيل السابع عن حروب «الكيمتريل» أو الحروب البيولوجية، التى يتم من خلالها استحداث أنواع من الميكروبات والفيروسات والغازات السامة وغاز الأعصاب مثلما حدث إبان حرب الخليج، ونتج عنه ما سُمى آنذاك بمرض الخليج، أو الحروب التى تعتمد على الاستخدام الأكثر تطوراً وتعقيداً، بهدف تفعيل الكوارث الطبيعية وأحداثها بشكل مصطنع، وكذلك استهداف مواقع محدّدة عن بُعد بالتدمير الشامل، فحروب الجيل السابع تستهدف فى الأساس عقل الإنسان للسيطرة عليه بوسائل كثيرة مختلفة يمكن استخدامها، ومنها على سبيل المثال لا الحصر، شبكة الأقمار الصناعية المنتشرة فى مدارات الكرة الأرضيّة، التى تقدر أعدادها بالملايين، والتى تصل بالفعل قدراتها الفائقة إلى التحكم عن بُعد فيما عُرف بشرائح التحكم البشرى أو «RFID»، وقد جرت تجربتها بالفعل طواعية على حوالى مليارى شخص من قبَل أجهزة الاستخبارات الأمريكية «CIA»، وتمت بنجاح حتى إن الولايات المتحدة تخطط لتعميمها وفقاً لما هو متوافر من معلومات لدى المتخصصين فى هذا الشأن.. كما أنه من المقرر أن تشترك تلك الأقمار مع منظومة «إيشلون» للتجسس حول العالم وغيرها من مشاريع القرصنة الحديثة المتعددة، كالقرصنة البيولوجية أو «Bio-Hack»، وبالتالى فإننا بالفعل فى مواجهة أنماط جديدة من الحروب أطلق عليها بعض المتخصصين مصطلح الحروب اللاتماسية، التى بدأت فى الانتشار والتطبيق فى السنوات الأخيرة، ومن ثم يبدو أن الأجيال الجديدة من الحروب ستتراجع من خلالها الخطط التكتيكية والاستراتيجية وتتبدل الكثير من المفاهيم القتالية، ومنها مفاهيم الخسارة والمكسب أو الانتصار، فحروب الأجيال الجديدة وفقاً لما ذكره الخبراء الاستراتيجيون ستعتمد فى القضاء على الأنظمة السياسية على شعوب البلاد ذاتها من خلال إشعال ثورات داخلية تحدث التغيير دون أى تدخلات مباشرة، حَيْث تتبدّل مفاهيم ومضامين الفنون العسكرية لتواكب الثورة المعلوماتية الهائلة التى يشهدها العالم، والتى لا يدركها بكل أسف الغالبية من الشعوب العربية والإسلامية، خاصة فى منطقتنا التى يغيب عنها الوعى بكل هذا، على الرغم من أننا الأكثر استهدافاً بهذه الحروب الذكية والشرسة، التى تعتبر من أشدها وأكثرها تطوراً حروب الجيل السابع، ومن هنا وجدت أنه من الأهمية بمكان إلقاء المزيد من الضوء عليها، بل على الأجيال والأنماط الجديدة من الحروب فائقة الذكاء والقدرة والتطور بشكل عام فى سلسلة من أربعة مقالات متتالية لشرح حقيقة مخاطرها على شعوبنا ومنطقتنا وتأكيد ضرورة تعبئة جميع وسائل الإعلام ومؤسساتنا الوطنية للقيام بدورهم التنويرى كما ينبغى أن يكون.. وإلى اللقاء الأسبوع المقبل.