بعد غرق المنازل فى «المجارى»: «نزوح جماعى» لأهالى 5 قرى بالمنوفية
بعد غرق المنازل فى «المجارى»: «نزوح جماعى» لأهالى 5 قرى بالمنوفية
الأهالى يشيرون إلى المياه الجوفية المحاصرة لمنازلهم
أصبحت مياه الصرف تحاصرهم من كل جانب، ومنازلهم مهددة بالانهيار بعدما تآكلت أساساتها، وصارت أجسادهم فى مرمى نيران الأمراض المزمنة، فقرروا الرحيل عن قراهم، فى واقعة أشبه بـ«النزوح الجماعى» تشهدها 5 قرى بمحافظة المنوفية.
لجأ أهالى قرى «تتا» و«غمرين» بمركز منوف، و«منشأة عصام» بمركز شبين الكوم، و«الخضرة» و«مشيرف» بمركز الباجور، إلى ترك منازلهم وقراهم والرحيل إلى قرى ومناطق أخرى، بعدما طرقوا أبواب كل المسئولين لنجدتهم وإنقاذهم من العيش فى برك المياه التى تحولت إلى مستنقعات للأوبئة والأمراض، ومن الموت تحت أنقاض هذه المنازل، لكن أجهزة الدولة المعنية بالأزمة برّأت ساحتها وأغلقت عينها وصمّت آذانها.
أهالى «تتا» و«غمرين»: رئيس الوحدة المحلية قال لنا «هدوا البيوت وابنوها بالخرسانة».. و«القابضة»: فحصنا الشكاوى ولم نجد شيئاً
«الوطن» زارت القرى المتضررة، ورصدت المأساة التى دفعت الأهالى إلى الهرب من منازلهم. وفى قريتى «تتا» و«غمرين» المتجاورتين بمركز منوف بدأت الأزمة بارتفاع منسوب المياه وغرق الكثير من المنازل منذ ثلاثة أشهر، وقال محمود المصرى، أحد الأهالى: فوجئنا بارتفاع منسوب المياه إلى أن أغرقت منزلنا، على الرغم من محاولات «كسحها»، وشكونا للوحدة المحلية ومجلس مدينة منوف، فقالوا: مش تخصصنا، وطلبوا منا الذهاب إلى شركة المياه، وبعد الذهاب أكثر من مرة، أخبرنا مسئولو الشركة بضرورة تقديم طلب لفحص المشكلة ومعاينة المنازل.
وأضاف: «بعد شهر تقريباً، أحضروا شيكارة أسمنت وعربية كسح، وقالوا: اعملوها، دى حاجة بسيطة»، متسائلاً: المياه أغرقت بيوتنا ونعملها بالأسمنت ازاى؟، وكل يوم منسوب المياه يرتفع، حتى أُجبرنا على هجر منازلنا.
واستكمل: «كل يوم نجيب عربية كسح، والنقلة بـ40 جنيه، ومش عارفين ننقذ نفسنا وبيوتنا، ولما كلمنا رئيس الوحدة المحلية قال لنا: هدوا البيوت وابنوها تانى بالخرسانات».
«منشأة عصام» بلدة زكى بدر تغرق بعد 8 سنوات من العمل فى مشروع الصرف
وفى وضع لا يقل كارثية يعيش أهالى قرية «منشأة عصام» بمركز شبين الكوم، حيث تحولت القرية إلى بحيرة من مياه الصرف الصحى، بعد مرور 8 سنوات على بدء العمل فى مشروع الصرف، واضطر سكانها أيضاً إلى هجر منازلهم، هرباً من الكارثة البيئية التى يعيشون فيها. ويسكن القرية، التى ارتبطت على مدار سنوات طويلة باسم ابنها اللواء زكى بدر، وزير الداخلية الأسبق، نحو 18 ألف نسمة، يعمل معظمهم فى الزراعة، ويعانون الآن من توقف الحياة بسبب تهالك وسقوط منازلهم، نتيجة ارتفاع منسوب المياه الجوفية والصرف الصحى، وعدم صيانة مشروع الصرف الزراعى المغطى.
وقال محمد صبحى حواس، أحد المتضررين: «شكونا إلى شركة المياه والصرف الصحى، وأرسلت مندوبين لفحص الوضع، وكشفوا على عدد من خطوط المياه للبحث عن مصدر التسريب والتأكد من عدم وجود كسر فى الخطوط الرئيسية للمياه، وخلال هذه الفترة تم قطع مياه الشرب عنا لفترات وصلت إلى الأسبوعين، وبعد انتهاء المعاينة تبين عدم وجود أى تسريب من مياه الشرب». وأضاف أن «المياه رشحت على الجدران، وأصبحت تهدد منازلنا بالانهيار، دون أن نجد بديلاً، بينما استغلت سيارات شفط المياه الموقف لتحصل على 40 جنيهاً فى النقلة الواحدة». فيما تُعد قرية «الخضرة» بمركز الباجور أولى القرى التى تعانى من مشكلة ارتفاع منسوب المياه الجوفية والمجارى، ما اضطر العشرات من أهلها إلى هجر منازلهم، حيث ظهرت آثار المياه الجوفية على كافة الجدران، بما أضر أساساتها. ويحاول الأهالى تقليل حجم الكارثة برفع مياه الصرف الصحى، والارتفاع بالمبانى عن الأرض، فيما لم تسلم المبانى الحكومية من الكارثة، حيث تضررت الوحدة الصحية، وكذلك الإدارة الزراعية والسنترال الخاص بالقرية.
الأمر نفسه بالنسبة لقرية «مشيرف»، التابعة لمركز الباجور، حيث يعانى السكان منذ أكثر من 15 عاماً من ارتفاع منسوب المياه الجوفية، وإغراقها للشوارع والمنازل. وأكد عاطف خليل، موظف بالمعاش، أن 30% من منازل القرية تعوم على بركة من المياه الجوفية والصرف الصحى، وهذه المشكلة منذ سنوات، وتزداد خطورتها مع فصل الشتاء، فالقرية تحتاج إلى شبكة صرف صحى. وأشار إلى أن القرية مدرجة فى خطة إدخال خدمة الصرف الصحى، لكن الأمر يتطلب العلاج السريع، والانتهاء من المشروع فى أسرع وقت.
من جهته أكد المهندس محمد نجيب، رئيس الشركة القابضة لمياه الشرب والصرف الصحى بالمنوفية، أن «الشركة فحصت شكاوى الأهالى، وتبين لها عدم وجود أى تسريبات من شبكة المياه»، مضيفاً أن «ظاهرة ارتفاع منسوب المياه، سواء الجوفية أو الصرف الصحى، يرجع إلى عدم وجود آبار مغلقة للصرف الصحى، أما المياه التى يشكو الأهالى من تراكمها فهى ناتجة عن تكاسلهم فى شفط المياه من الآبار دورياً».