الاسم «غردقة» والعيشة «جحيم»
الغردقة ليست فى عيون كل مرتاديها هواء نقياً وطبيعة ساحرة ومياهاً مصبوغة بلون السماء، فهناك من يرى الحياة فيها جحيماً لا يُطاق، ليس لعيب فى المدينة، بقدر ما هو عيب فى الوظيفة التى يمتهنها، والتى حوّلت حياته بالكامل إلى مقلب قمامة، فيه يعيش ومنه يرتزق وبسببه يختنق.
هو مقلب ومدفن واحد للقمامة فى المدينة كلها، يتناوب على ملئه وإفراغه 50 عاملاً، تجمعهم حياة غير آدمية. يعيشون مع غيرهم من المخلوقات «كلاب وقطط»، يأكلون معها من أكياس القمامة، ويشاركونها فى شرب مياه مخلوطة بالصرف الصحى وينامون إلى جوارها فى عشش مصنوعة من الصفيح والكرتون. كل هذه التفاصيل التى تجتمع فى مشهد واحد تتوسط صحراء مدينة لم يُقلع عنها السياح رغم الانفلات الأمنى الذى تشهده فى أعقاب الثورة وحتى الآن.
وسط أهراماتهم المصنوعة من القمامة يعيش عمال النظافة وأسرهم فى عشش صفيح أعدوها بأنفسهم، بعد أن تجاهلت الشركة الخاصة التابعين لها توفير مكان آمن لحياتهم، بل وتجاهلت توفير احتياجاتهم الأساسية لضمان سلامتهم فى عملهم الخطر، قد لا يجدون قطرة مياه -حسب تأكيدهم- طوال 14 ساعة، هى مدة عملهم يوميا، فضلاً عن تعرضهم لهجمات متكررة من الثعابين والعقارب، حتى الكهرباء الغائبة عن عششهم واستغنوا عنها بإيقاد النيران ليلاً ونهاراً، منها تدفئة وإنارة، ومنها وسيلة يحتمون بها من هجوم الحشرات الزاحفة القاتلة.
اليوم فى تلك المدينة الساحرة يسير بطيئا على هؤلاء العمال، فساعاته سنين وثوانيه أيام. لا أحد يعرف لماذا يتم تجاهلهم ولم يمر عليهم مسئول ليستمع إلى شكواهم.
اللواء محمود عاصم، محافظ البحر الأحمر، اكتشف مخالفات خطيرة فى ملف مناقصة مدفن القمامة، وأن الشركة التى تمت ترسية المناقصة عليها خالفت بنود التعاقد وتعدت كل الخطوط الحمراء، وقال: أرسلنا لجنة من موظفى البيئة بمجلس مدينة الغردقة لفحص الموقع، واكتشفت اللجنة مخالفات خطيرة داخل موقع المقلب، وتمت إحالة جميع المخالفات إلى الجهات الرقابية من أجل التحقيق فيها واتخاذ الإجراءات القانونية اللازمة ضد الشركة.