أساس التعليم فى المدارس: «علموا أولادكم الرياضة وحب النشاط»
أساس التعليم فى المدارس: «علموا أولادكم الرياضة وحب النشاط»
تدريبات رياضية فى المدارس
خلف الدعوات بتحسين تربية الأبناء والمنظومة التعليمية التى ينادى بها الكثير من النشطاء والأهالى والقائمين على التعليم بأنفسهم، يقف «النشاط» هو كلمة السر الغائبة بعيداً عن تلك الهتافات والمطالب، لغفلة العديدين عن أهميته بالنسبة للأطفال، على الرغم من كونه الأكثر تأثيراً لديهم، فهو يمثل إحدى الدعائم البسيطة التى تهدف لنبذ العنف عند الأطفال، ما يجعله واجباً وليس اتجاهاً للترفيه فى النادى أو المدرسة.
«وفاء» اختارت لابنها القفز من المظلات.. و«أمينة» فضلت السباحة والكاراتيه
«العملية التعليمية قائمة على النشاط، فهو ليس إضافياً أو ترفيهياً»، هكذا علق الدكتور سامى نصار، عميد معهد الدراسات التربوية السابق، مؤكداً أن التعليم لا يمكن اكتماله من دون هذه الأنشطة المدرسية أو فى النوادى، حيث إنها تعمل على تنمية روح الفريق والتعاون بين الأصدقاء، كما أن التنافس يدفع لخلق روح الإجادة والتفوق داخل الأطفال، وهو الأساس الذى تقوم عليه التربية.
وقال نصار إن اختيار الأنشطة للأبناء يكون بحسب ميول كل طفل ورغباته التى تظهر عليه فى بوادر عمره الأولى، التى يجب على الأسرة ملاحظاتها والسعى إلى إلحاقه بها، موضحاً أنها تعمل على تفتيح عقول الصغار وتساهم فى نبذ العنف لتفريغ طاقاتهم السلبية بها.
وهو ما أيده الدكتور محمد السكران، أستاذ التربية بجامعة الفيوم، حيث أكد أن الأنشطة ضرورية فى نشأة الأطفال، لكونها مؤثرة فى ذاتيتهم وتنمية عقولهم، كما أنها تعمل على تكوين العاطفة والقيم والأخلاق داخل كل منهم، مشيراً إلى دور الأسرة الكبير فى توثيق ميول أبنائهم بهذه الأنشطة ومشاركتهم لها، ومساعدة المدرسة والنادى فى توفير كافة السبل لتسهيل ممارسة النشاط المطلوب.
ترك مساحة للطفل فى اختيار النشاط الخاص، كان أحد أهم العناصر التى شدد عليها السكران فى رؤيته، حيث إن إجباره على ممارسة نشاط واحد يخالف ميوله، من الممكن أن يتسبب فى فشله دراسياً ورفض الفرد الأسرى الذى دفعه لهذا المسلك، بينما موافقة الطفل على رغباته فى ممارسة هوايته المفضلة التى يسهل على الأسرة معرفتها، وإتمامها من خلال الحوار يساهم فى تقوية جسور الثقة بين الأهالى والأبناء.
فيما ترى الدكتورة منال زكريا، أستاذ الطب النفسى بكلية الآداب جامعة القاهرة، أن اهتمامات وهوايات الأبناء فى السنوات الأولى تتعدد وتتنوع، بينما تقل عند بلوغهم العشر أعوام، وتصبح أكثر تركيزاً فيما بعد، فيما تختلف ميول الفتيات عن الأولاد الذين يتجهون نحو اختيار ألعاب تتسم بالحركة والركض أكثر، مثل كرة القدم والكاراتيه وتفكيك الأجهزة وإعادة تركيبها.
وتابعت: أنه يمكن للأمهات معرفة ميول الأبناء من خلال عرض العديد من المجالات، كالرسم والتلوين والسباحة وكرة القدم والموسيقى، ومشاهدة ردود فعلهم تجاه كل واحد منها وسؤاله عن المجال الذى أسعده أكثر، ومن ثم تقديم دورات وتدريبات مختلفة فيها.
وهو ما لجأت إليه أمينة الدينارى عند بلوغ ابنها «محمد» عمر الخمس سنوات وانضمامه لأولى سنوات الدراسة بإحدى المدارس الإنترناشونال، بأن جعلته يمارس كافة الأنشطة من السباحة وكرة القدم والرسم والخط والتمثيل والكاراتيه، وتقول «كنت لسه بتعلم فيه ومش عارفه اختار له إيه، فسبته يجرب كل حاجة ويختار بنفسه».
«مهند»: «انضميت لفرقة المظلات فى النادى تمهيداً لدخول كلية عسكرية»
وبمرور الوقت أدركت أمينة أن ميول «محمد»، 7 أعوام، تتجه أكثر نحو السباحة وكرة القدم والكاراتيه، ونفوره من باقى الأنشطة، فضمته لصفوف اثنين منها بالمدرسة لارتفاع تكاليفها، التى تبلغ 350 جنيهاً فى النشاط الواحد، بينما الثالث شارك به فى النادى الرياضى، فيما وجدت أن ابنها الأصغر «عمر»، 4 أعوام، يميل أكثر نحو الألوان والرسوم والتمثيل فبادرت بضمه لهذه الأنشطة لشدة حبه واهتمامه بها.
بينما مهنة فاطمة حسين كمدرسة بإحدى المدارس الخاصة ساعدتها كثيراً فى اختيار أولادها لأنشطتهم، حيث إنها على دراية قوية بالاختلاف بين ميول الإناث عن الذكور، وأى من الممارسات ستساهم فى تقوية الطفل أكثر، فكان ابنها «عبدالفتاح»، 7 أعوام، شديد الخلاف والمشادات مع أصدقائه فوجدت لديه رغبة فى زيادة قدراته بجانب رغبتها فى تقويته أيضاً فبادرت بضمه لصف الكاراتيه، ولاحظت نجاحه الواضح به وحبه له، وحصوله على الحزام البنى من الدرجة الأولى، «وده انعكس على شخصيته وبدأ يصد أى مضايقات، وبعد فترة ظهرت عنده رغبة فى لعب كرة القدم فاشتركت له فيها».
إلا أن ابنها الآخر «عبدالرحمن»، 5 أعوام، وجدته يميل بشدة إلى تقليد أخيه الأكبر فى لعب «الكاراتيه» ولم تقف أمام رغبته هذه، لإيمانها الشديد بأهمية تلبية رغبات أولادها لخلق مساحة من الحرية لديهم والسماح لهم بتجربة أكثر من اتجاه «وفعلاً نجح فيه هو كمان وأخد الحزام البرتقالى»، قائلة إن ممارسة هذه الهوايات بالنادى تعدّ أفضل لتوفير مساحات وإمكانيات أكثر من المدرسة من حيث الملاعب والمتخصصين فى كل مجال.
حلم «مهند» بدخول إحدى كليات الطب العسكرى، هو ما دفع والدته «وفاء إسماعيل» إلى ضمه لنشاط القفز بالمظلات بنادى الشرقية، منذ 3 أعوام، بعد وصوله للصف الأول الثانوى، حيث إنه يسمح بإضافة درجات الحافز لنتيجة الثانوية العامة، ويعطى الطالب أفضلية فى دخول الكليات الحربية، فعملت على تشجيعه وتحمل التنقل بين محل إقامتهم بالشرقية، والقاهرة، والركض خلف الأوتوبيسات التى توصلهم لمحل التدريب، فضلاً عن القلق الكبير الذى يسيطر عليها أثناء قفزه من ارتفاع كبير بالطائرة، وهو ما ساعده فى أن يكون أول المسجلين من فريقه البالغ عدده 5 أفراد فى الاختبارات.
وعبر «مهند» عن سعادته بانتهاء التدريبات وحصوله على شهادة تؤهله لدخول كلية عسكرية، على الرغم من صعوبة التدريبات التى كانت تتم 3 أيام بالأسبوع وتمتد لساعتين متواصلتين، بينما تجرى الاختبارات فى القاهرة، حيث زار نادى الشمس فى اختبار الضاحية، ونادى الجلاء للقفز من البرج، ومطار ألماظة للقفز من الطائرة، قائلاً إن «التدريبات كانت صعبة قوى وفيه ناس اتعورت وناس اتكسرت، بس الحمد لله أنا كنت من أحسن خمسة»، متمنياً أن يتمكن من دخول كلية الطب العسكرى التى تحمّل من أجلها هذه العواقب ويحلم بها.
بينما منى فؤاد وجدت أن مدرسة ابنها «يوسف»، 8 أعوام، الإنترناشيونال، احتوت على متخصصين فى الأنشطة المختلفة مثل اللاعبين والرسامين، ما ساهم بشكل كبير فى تحسين مستواه بها، مؤكدة أنها لم تتدخل مطلقاً فى فرض نهج معين عليه، خاصة بعد أن قام عدد من المدرسين بالسماح للتلاميذ بتجربة حصة فى كل نشاط على حدة لكى يتمكن كل طالب من اختيار الأفضل بالنسبة له
فرقة المظلات لأطفال نادى الشرقية