وفجأة: ظهرت «بحيرة»
وفجأة: ظهرت «بحيرة»
أهالى المحافظة يتوافدون على البحيرة للاستحمام
طرق زراعية فرعية تتوسط حدائق الفواكه والموالح، تبدأ من طريق (مصر - إسكندرية الصحراوى) عند الكيلو 72، وتمر بعدة قرى جديدة، لكنها تختفى تحت مياه بركة النوبارية الجديدة التى تفجرت بشكل مفاجئ فى الشهور القليلة الماضية، وغمرت مساحة تزيد على 1200 فدان من الأراضى الزراعية والصحراوية وبعض المبانى والطرق، لكن بعض سكان القرى والمراكز المجاورة استغلوا زيادة المياه التى تحولت إلى بحيرة مغلقة من المياه المالحة للتنزه والسباحة، دون معرفة أسباب تدفق المياه، بسبب غياب الدراسات والأبحاث من الجهات المختصة.
المياه تغمر 1200 فدان فى «النوبارية الجديدة» وتحولها إلى «مصيف للغلابة»
بركة النوبارية الجديدة يحدها من الشرق قرية أبواليسر، وهى أقرب قرية إليها، ومن الغرب كسارات الحجارة والسن والطفلة التى تستخدم فى البناء والرصف، وطريق العلمين الدولى الذى يبعد عنها مسافة 5 كيلو مترات فقط، ابتلعت البركة الآخذة فى التزايد مئات الأفدنة الخالية والمزروعة بأشجار الفواكه والموالح والخضار، وغطت أجزاء كبيرة من الطريق الأسفلتى الممتد من مدينة النوبارية الجديدة، ويصل إلى البركة من خلال تقاطعات كثيرة ليخدم 5 قرى واقعة فى النوبارية الجديدة من قرى شباب الخريجين، كما كان يصل الناحية الشرقية بالغربية من البركة التى تتزايد مياهها بصفة دائمة.
الطريق المؤدى إلى البركة من مدينة النوبارية غير ممهد وبه الكثير من الحفر، بسبب سيارات النقل التى تنقل «الطفلة» و«السن» من مناطق الحفر بالقرب من الأراضى المزروعة، وتقع على جوانبه حُفر عميقة ناتجة عن أعمال الحفر التى تتم بالمنطقة لاستخراج الطفلة،
ينتهى الطريق الأسفلتى فى مياه البركة غير العميقة، وينتهى أثره وسط المياه التى يسبح بها بعض الرجال والأطفال والسيدات، بعدما قدموا من قرى ومراكز مجاورة للنوبارية بمحافظة البحيرة ومحافظات أخرى. قبل اختفاء الطريق تحت المياه بعدة أمتار يقف عدى يحيى إبراهيم، الشهير بـ«عقلة» وسط عشة بدائية ممسكاً ببعض أكواب الشاى والشيشة، تفتق ذهن الشاب عن استغلال الموقف بعد إقبال المواطنين على السباحة بها والتنزه فى المكان، وأنشأ عشة من الحطب، وأحضر الكراسى البلاستيكية بداخلها، بجانب مستلزمات المشروبات الساخنة وبعض المنتجات الأخرى الخفيفة، مثل البسكويت والشيبسى لبيعها للزبائن المترددين على بركة النوبارية الجديدة أو بركة أبواليسر، كما يسميها بعض أبناء المنطقة، يقول عُدى «أنا من مركز سيدى سالم بمحافظة كفر الشيخ، جئت إلى هنا منذ 9 سنوات مع أسرتى لاستصلاح الأرض وزراعتها بالمحاصيل والخضراوات، حتى ابتلعتها المياه مؤخراً واضطررنا إلى تركها، لكن بعد شهر رمضان زادت المياه بشكل سريع جداً دون معرفة السبب، توجد أعماق كبيرة داخل البركة أو البحيرة بسبب وجود أماكن حفر الطفلة هنا، التى تصل أعماقها إلى 20 متراً».
«عدى»: نصبت عشة عشان آكل عيش بعد تزايد عدد الزائرين.. و«حازم»: أطالب الحكومة باستغلالها سياحياً
يضيف عدى الشهير بـ«عقلة»: «كان لدينا أكثر من 20 فداناً هنا وكنا نزرعها طماطم وبطيخ لكن غمرتها المياه منذ شهور قليلة، مياه البحيرة غمرت أراضى 40 أسرة أخرى، ويطلق على هذه المنطقة حوز العجارمة، لكن سبب زيادة المياه هنا غير معروف، رغم وجود بعض المصارف الزراعية التى تصب مياهها على البركة، الموضوع ده عاوز أبحاث ودراسات، لكنى أطالب الحكومة باستغلال الوضع الحالى لتحويل المنطقة إلى موقع سياحى ومتنفس لأهالى المنطقة والمحافظات المجاورة، فالمكان به كل مقومات النجاح السياحى، المياه نقية جداً، وبها 3 أنواع من الأسماك، البورى والطوبار والبلطى وبكميات كبيرة وبإمكانك رؤيتها بوضوح على الشاطئ، ويقوم بعض المواطنين حالياً باصطيادها بالسنارة».
يشير «عقلة» إلى بيت مبنى من الطوب الأبيض «الدبش» موجود على أطراف البحيرة، حيث غمرته المياه قائلاً «البيت ده الميه غرقته وهو مصبوب بـ30 ألف جنيه، وخلاص مش هيعرف يقعد فى البيت تانى هيعمل إيه يعنى، هيهده» ويوضح قائلاً «كان فيه واحد عامل مزرعة سمك داخل البركة لما كانت مساحتها 5 فدادين، وهو بيلم السمك عمل حاجز طينى، لكنه انهار بسبب تزايد المياه وخسر أموال كتيرة».
مدير حماية الأراضى بالنوبارية: لا يمكن تحديد سبب زيادة المياه.. إلا بعد الانتهاء من الدراسات
ويقول محمود عبدالحليم، صاحب مزرعة ومشرف زراعى، 49 سنة: «سمعت عن زيادة ميه البركة من 40 يوم بس، وقررت آجى النهارده عشان أشوف الوضع عامل إزاى دلوقتى بعد انتشار الخبر بين معظم سكان المنطقة مثل قرى مدينة النوبارية الجديدة وأبوالمطامير والدلنجات وقرية سيدنا سليمان وسيدنا آدم بجانب قرية أبواليسر التى تطل على البحيرة، هذه المياه لها أثر سلبى يتمثل فى تغطية الأراضى المزروعة بالمياه وزيادة نسبة الملوحة بالمنطقة، وقد يمتد التأثير إلى المياه الجوفية بعد اتساع رقعة المياه خاصة مع تغطية المياه لأماكن حفر عميقة كانت تستخدم للحصول على الطفلة فى صناعة طوب البناء».
يضيف عبدالحليم قائلاً: «أراضى النوبارية الجديدة من أخصب الأراضى الزراعية فى مصر، والرى هنا يعتمد على مياه النيل من خلال مشروع وترعة ناصر، بجانب الآبار الارتوازية، والطرق الممهدة تغطى معظم المناطق السكنية رغم إصابة بعضها ببعض الكسور والانهيارات بسبب غياب الصيانة، وسير الكثير من سيارات النقل على الطريق».
حازم رجب، شاب ثلاثينى، نحيل الجسد، قدم من مركز الدلنجات بمحافظة البحيرة بصحبة بعض أصدقائه للتنزه على شاطئ البحيرة، حرص «حازم» على الحضور بعدما اكتشف البحيرة فى مرة سابقة عندما كان ذاهباً إلى محل عمله فى إحدى الكسارات المجاورة، يقول رجب: «لما شفت المكان لأول مرة انبهرت من حجم الميه ومساحتها الكبيرة، وبحكم شغلنا القريب من البحيرة حضرنا إلى هنا مرة أخرى، ولاحظت الإقبال المتزايد على شواطئ البحيرة من قبل المواطنين، خاصة الأطفال الذين يفضلون السباحة فى المياه، دى ممكن تكون متنزه للغلابة، نفسنا تكون مكان سياحى لكن مش على حساب الناس الغلابة اللى ما بتقدرش تروح البحر، يعنى ممكن ييجوا هنا يشموا شوية هوا حلوين وينبسطوا».
يضيف رجب: «أطالب الحكومة والمستثمرين باستغلال الطبيعة الجميلة هنا والبحيرة الجديدة لإقامة منشآت سياحية مع عدم المساس بالناس الغلابة وحقهم فى التنزه والسباحة بمياه البحيرة، المنطقة واعدة جداً بسبب قربها من طريق العلمين الدولى، حيث يبعد الطريق عن هنا حوالى 10 دقائق فقط، فضلاً عن وجود الكثير من المزارع المنتجة للعنب والخضراوات».
«محمود»: مياه البحيرة المالحة سوف تؤثر على المزروعات والمياه الجوفية بالمنطقة
من جانبه يقول حسين معروف، مهندس بإدارة النوبارية الزراعية: «إن البحيرة الجديدة منخفضة عن الأراضى الزراعية المجاورة لها بمتوسط 20 متراً، وترتفع عن مستوى سطح البحر بمقدار 12 متراً فقط، والقرى الموجودة فى المنطقة ترتفع عنها بمقدار 30 متراً وأقرب القرى إليها قرية أبواليسر وسليمان، ومساحتها الحالية حوالى 1200 فدان، حسب شهادات أصحاب الأراضى وسكان المنطقة ومقاسات جوجل، يفصل البحيرة عن طريق (مصر - إسكندرية الصحراوى) 15 كيلو متراً فقط إذا حسبنا المسافة بشكل عمودى دون النظر إلى الطرق الملتوية والتقاطعات الطويلة، لكن أقرب الطرق إليها طريق العلمين الدولى، وكان يوجد بها بعض الفدادين المزروعة بالفواكه والخضراوات».
أما المهندس إكرامى شتا، مدير حماية الأراضى بالإدارة الزراعية بالنوبارية، فيقول: «تم تشكيل لجنة لمتابعة الموقف وجمع المعلومات حول البحيرة، لاتخاذ التدابير المناسبة لمواجهة زيادة المياه التى غطت مساحة تزيد على 1000 فدان، المياه غمرت بعض الأراضى المزروعة لكن تأثيرها فى المستقبل لن يتحدد إلا بعد إجراء الدراسات والأبحاث للمياه وقياس نسبة الملوحة، لأن مصدر المياه غير معروف حتى الآن، هى منطقة منخفضة وكانت فيما سبق بركة صغيرة وكان يتم صرف القليل من المياه فيها».
يضيف شتا قائلاً: «لا يمكن الجزم بأن المياه تفجرت من تحت الأرض كما يردد البعض، ولا أؤكد أنها ناتجة عن الصرف الزراعى، لأنه لا يمكن تكوين كل هذه الكمية من الصرف، لن يستطيع أحد الحديث إلا بعد الانتهاء من الدراسات، لذلك يجب أن تشترك أكثر من هيئة فى هذا الأمر، مثل وزارة الرى وقطاع استصلاح الأراضى وهيئة المجتمعات العمرانية».
أهالى المحافظة يتوافدون على البحيرة للاستحمام
أطفال يلهون داخل المياه
«عدى» استغل البحيرة الجديدة فى كسب العيش