عزيزى المواطن المصرى، أنت مقبل على مرحلة مهمة وخطيرة فى حياتك وحياة وطنك وأمتك، وهى انتخابات مجلس النواب، الاستحقاق الثالث والأخير لخارطة الطريق، وتقتضى الأمانة -فى هذه اللحظة- أن أتوجه إليك بهذه الكلمات، راجياً ومؤملاً أن تجد لديك أذناً صاغية، لقد قيل كلام كثير حول هذه الانتخابات، وأنها لن تجرى فى هذا العام، وأنها، وأنها، وقيل كلام كثير أيضاً حول هذا المجلس والدور الذى سوف يلعبه، وأن «المستقلين» من رجال المال والأعمال، والمنتمين إلى عائلات بعينها.. إلخ، سوف يهيمنون على المجلس، ومن ثم فلن يختلف عن مجالس أخرى سابقة، حسناً، ها هى الانتخابات قد أقبلت، فماذا أنت فاعل؟ هل تعطيها ظهرك، عازفاً عن المشاركة فيها، استسلاماً لما يقال، أم تقبل التحدى ويكون لك دورك الإيجابى؟ إن هناك أموراً كثيرة، سياسية أو اقتصادية أو اجتماعية أو ثقافية، لا تعجبك، أو تستجلب سخطك وغضبك وعدم رضاك، أنت ترى حكومة غير قادرة على الوفاء بمسئولياتها تجاه التعليم، والصحة، والزراعة، والصناعة، والإسكان، والنقل والمواصلات.. إلخ، وترى أيضاً أن مصالحك ومصالح العباد لا تستطيع قضاءها من خلال هذا الجهاز البيروقراطى العتيد، وترى كذلك أن الفساد قد استشرى فى كافة أجهزة الدولة بدرجة غير مسبوقة، تجاوزت الركب ووصلت إلى الأذنين، وترى انتهاكات شديدة لحقوق الإنسان، وأن القانون لا يتم تطبيقه إلا على الضعفاء والمساكين، وما أكثرهم فى مصر، أنت ترى انفلاتاً أخلاقياً فى السينما، والإعلام، وعلى المستوى المجتمعى العام، أنت ترى هذا كله، فهل يا ترى من الممكن تغييره؟ قطعاً، لا يمكن أن يتم التغيير من خلال رجال كل همهم أن يحصلوا على وجاهة اجتماعية، أو حصانة برلمانية، وإنما برجال أمناء أوفياء مخلصين، لا يخافون فى الحق لومة لائم، رجال يخشون الله تعالى ويتقونه فى بلدهم وأمتهم ووطنهم، رجال تتوافر فيهم القدرة والكفاءة والطاقة والأمانة، يفهمون دورهم جيداً، ويؤدون واجبهم الحقيقى فى الرقابة والتشريع على أفضل ما يكون، لذا، أقول لك لا تقف سلبياً، لا تقل لنفسك: وهل صوتى هو الذى سوف يفعل هذا كله؟ أقول: إذا فكر كل مواطن مصرى أن صوته له قيمة وأنه سوف يحدث التغيير المطلوب، فسوف يتم لنا ذلك بإذن الله، أقبل ولا تتردد، لا بد أن يكون لك موقفك، لا تدرى، ربما يكون لهذا الموقف آثاره الكبيرة على ما يجرى فى مصر ودورها على المستويين الإقليمى والدولى، اعلم يقيناً أن سلبيتك لن تغير من الواقع المؤلم شيئاً، بل ربما تزيده ألماً ووجعاً وتراجعاً، أنت تعتبر نفسك ضحية أوضاع لست مسئولاً عنها، وتعتبر غيرك هو الجانى، حسناً، لماذا تستسلم لهذا الوضع؟ ولماذا تريد أن تكون الضحية دائماً؟ لماذا تريد أن تظل منتحباً وباكياً طول الوقت، وأنت تعلم يقيناً أن بكاءك على اللبن المسكوب لن يعيده إلى الإناء مرة ثانية؟ لماذا لا تكون مؤثراً وفاعلاً؟ لماذا لا تكون مبادراً؟ إن هذا وطنك، وطن آبائك وأجدادك، وهو أيضاً وطن أولادك وأحفادك، هناك شخصيات مرشحة، تراها أنت سيئة، أو على الأقل غير جديرة بتمثيلك والنيابة عنك فى المجلس النيابى، وأنها سوف تستغل هذا الموقع لمصالحها الشخصية، حسناً، لماذا تمنحها أنت هذه الفرصة؟ لماذا تكون سبباً فى ضياع حلمك وأملك فى وطن نبيل وجميل؟ ضع فى اعتبارك أنك سوف تكون مسئولاً لو تقاعست عن القيام بواجبك، ساعتها لا تلم أحداً، لا تلم إلا نفسك، لكن، هل ينفع اللوم حينئذ؟ بالطبع لا، إن الوقت يمضى، ولن يعود، يأخذ منك أحلى وأعز ما لديك، أقصد عمرك، فلا تجعله يضيع هباء أو يذهب سدى، لا تدع أحداً يضحك عليك أو يغشك أو يخدعك، كن واعياً، يقظاً، ومنتبهاً، لا يغرنك معسول الكلام، أو بريق الدعاية، أو كثرة الإنفاق، انظر جيداً فى تاريخ وسلوك وعقل من سوف تعطيه صوتك، وهل هو من تبحث عنه، أم لا؟ اعلم أنها شهادة وأمانة ثقيلة سوف تسأل عنها يوم القيامة، مطلوب منك أن تتأكد جيداً أن مرشحك الذى قررت أن تعطيه ثقتك لديه برنامج واضح ومحدد، وعليك ألا تقف عند حد إعطاء صوتك له، بل الأهم من ذلك هو أن تتابعه بعد فوزه، وأن تحاسبه، وهل أوفى بما وعد به أم لا؟ أنت من سيحدد إذا كان هذا المجلس قوياً أم ضعيفاً، إيجابياً أم سلبياً، نافعاً أم ضاراً، فاعلاً أم مفعولاً به،
مرة أخرى أقول لك إن نهضة مصر لن تتحقق إلا بك، وأنت الذى سوف تبدأ مسيرتها وتزرع شجرتها، لا تدع الإحباط يقترب منك، لا تدع الشائعات تنال منك أو تؤثر فيك، يجب أن يمتلئ قلبك بالأمل وأن ثمة غداً مشرقاً جميلاً ينتظرك ويتهيأ لاستقبال أولادك وأحفادك، أرجو لى ولك ولمصر التوفيق والسداد.